الأكياس البلاستيكيَّة.. أضرارّ صحيَّة وبيئيَّّة

ريبورتاج 2019/07/29
...

بغداد/ رلى واثق 
تشير توقعات المنظمات العالمية بحلول العام 2050  إلى أن كميات البلاستيك ستتفوق على  عدد الاسماك في البحار، واثبت العلماء ان 700 نوع من المخلوقات الحيوانية تتأثر سلبا في هذه المادة، والأهم انها مصدر للكثير من الأمراض التي يتعرض لها الانسان، كالأمراض السرطانية. 
وبذلك لا بد من اتخاذ قرارات سريعة وجذرية للحد من استخدام هذه الاكياس، ولكن أي قرار لا بد ان لا يكون ارتجاليا، فمن دون توفير البدائل ودعم المعامل المحلية لانتاج الأكياس الورقية والصديقة للبيئة وتوفير اماكن مناسبة للطمر الصحي للمخلفات البلاستيكية ومعامل اعادة التدوير سيكون القرار غير قابل للتطبيق عمليا. 
 
أضرار بيئية
عضو مفوضية حقوق الانسان الدكتور علي البياتي يشيد بإجراءات وزارة الصحة في حماية حق الصحة مبينا أن تعريف الصحة حسب منظمة الصحة العالمية والمواثيق الدولية لا يتمثل بتوفير العلاج الملائم للمرض فحسب وانما بتوفير جميع المستلزمات التي تساعد على ايجاد انسان  بصحة جيدة عن طريق توفير البيئة والغذاء الصحيين والسكن الملائم والمهنة السليمة، هذا وان الاكياس البلاستيكية تختلف كليا عن الورقية كونها تتفاعل مع الغذاء حال احتكاكه وتماسه بها، وتحتاج الى نحو 400 سنة لتتحلل بالتربة، اضافة الى سهولة تنقلها الذي يؤدي الى اضرار اخرى، فتتسبب بأضرار بيئية في اثناء حرقها عكس الاكياس الورقية التي تفيد التربة وتتحلل فيها بسرعة ولا تترك اي اثار في اثناء حرقها”.
ووصف البياتي تلك الاجراءات بالجيدة ويتمنى”ان  تكون اجراءات حقيقية ورقابية لتطبيق البنود، وان توفر الدولة هذه الاكياس بأسعار رخيصة تناسب المواطن مما يعد ايجابياً في مجال دعم حق الصحة”.
 
توزيع أكياس
رئيس فريق الصحة التطوعي علي العبيدي يقول: “ منذ انطلاق الحملة التوعوية (نعم للأكياس الورقية ..لا لأكياس النايلون) نفذت  وزارة الصحة والبيئة دائرة التوعية والاعلام البيئي بالتعاون مع اليونيسيف توزيع عشرات الالاف من الأكياس الورقية ( مجانا )  على عدد من  الافران  في عدة مناطق من  بغداد، هذا وان الحملة شملت مناطق الكرادة داخل، الحارثية، كرادة مريم، مجمع القادسية، الاعظمية، الجادرية، شارع فلسطين، السيدية والدورة،مشيرا الى  ان الحملة ستشمل خلال المرحلة المقبلة مناطق مدينة الصدر، شارع الربيع، الغدير، الكاظمية المقدسة، داعيا الافران التي استلمت الاكياس الالتزام بالتوزيع لحماية  صحة وبيئة الانسان العراقي”.
 
مصلحة المواطن
رئيس لجنة الصحة في مجلس محافظة بغداد الدكتورة ناهدة التميمي أوضحت”أن استخدام الاكياس الورقية بدلا من البلاستيكية جاء في مصلحة المواطن وحفاظا على صحته، هذا وان العراق كان يستخدم الاكياس الورقية في السبعينيات الا ان الظروف الصعبة التي مرت على البلد استبدلت هذه الاكياس بالبلاستيكية لرخص ثمنها نسبة الى الورقية”.
التميمي أكدت أن” تشجيع المواطن على استعمال الاكياس الورقية خطوة بالاتجاه الصحيح نظرا للاضرار التي تسببها البلاستيكية لصحة الفرد والمجتمع”.
 
حملة تثقيفية
مدير عام دائرة التوعية والاعلام في وزارة الصحة والبيئة امير علي الحسون بين أن” هذه الحملة تنفذ بدعم منظمة “يونيسيف”التي بدأت من العاصمة بغداد بتوزيع عدد كبير من الاكياس الورقية ذات الجودة العالية المطبوع عليها الاعلانات ووسائل التوعية على افران الصمون في مناطق مختلفة”.
ويضيف”ان شبكة الاعلام العراقي الشريك الاساس في هذه الحملة اضافة الى عدد من منظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام، موضحا ان  تلك الاكياس وزعت مجانا مع وضع لافتات أن تلك الافران تتعامل بالاكياس الورقية وفيها النصح والارشاد حول اهمية استخدامها”.
وتابع أن” فرق المنظمات المدنية وزعت بروشورات واكياسا على المساكن والمنازل كجزء من حملات التوعية، مؤكدا ان هذه المبادرة ستستمر لمدة شهر، لتشمل بعد ذلك محافظات اخرى، والتي يعتقد اصحاب الافران بأنها ذات اثمان باهظة تتسبب لهم بخسائر،الا انها على العكس من ذلك لان الفارق بسيط جدا في ما بينها، وهذه الحملة تشجع المصانع والمستثمر العراقي لتصنيع واستيراد الاكياس الورقية كونها تتحلل وغير مضرة بالصحة قياسا بالبلاستيكية التي تسبب امراضا خطيرة على الجهاز الهضمي”.
ويسترسل الحسون:
“ استخدام الاكياس الورقية شائع جدا لدى اغلب دول العالم ومنها اقليم كردستان الذي باشرمنذ العام الماضي بالزام الافران استخدام الاكياس الورقية، اذ ستصدر الحكومة قرارا بالزام الافران باستخدام الاكياس الورقية ومنع البلاستيكية، وهنالك اجماع كبير من الرأي العام على ضرورة تطبيق مثل هذه القرارات في المستقبل”.
 
البلاستيك والأمراض
مسؤول اعلام مركز الرافدين للتنمية الصحية الدكتور احمد الرديني بين أن” دول العالم تتجه اليوم الى استبدال الاكياس البلاستيكية بالورقية نظرا للاضرار التي تسببها الاولى على البيئة والصحة، فأكياس النايلون رغم انها تصنع الا ان بقاءها في التربية يستمر لمئات السنين، ناهيك عن احتوائها على المواد الكيمياوية والرصاص، وحاضنة للكثير من البكتيريا والجراثيم والفيروسات الخطرة على حياة الانسان”.
وتابع أن” الدراسات تؤكد ان استخدام الاكياس البلاستيكية تتسبب بزيادة معدلات الاورام السرطانية كونها تعتبر من الملوثات الصناعية للجو بسبب المواد الكيمياوية والمواد النفطية التي تدخل في صناعتها والتي تحتوي على نسبة رصاص خطرة على صحة الانسان، وعليه ان دول الجوار العراقي بدأت بفرض ضرائب على المحال التي تستخدم اكياس النايلون للحد من خطورة 
استخدامها”. 
 
بدائل أكياس البلاستيك
الخبير البيئي رئيس منظمة ارض لاماسو للصحة والبيئة والسلامة منهل عزيز الخباز يقول:
“كلما تسوقنا من السوبر ماركت ومحال الخضار والفاكهة، نعود بكيسين من البلاستيك على الاقل، لكننا لا نلاحظ كم تسهم هذه الاكياس البسيطة بتغيير كوكبنا وتلوثه، اذ  يستخدم الكيس كمعدل لمدة 25 دقيقة، بحسب دراسة نشرتها جمعية “لايف” للتعليم والبيئة ومساواة الفرص، لكن تحلله يتطلب نحو 400 سنة، يبلغ معدل استهلاك الفرد من الاكياس البلاستيكية (نصف كيس) يومياً اي بمعدل (180) كيسا في السنة وفقا لعدد سكان العراق فإن معدل الاستهلاك اليومي من هذه الأكياس يبلغ حوالي (5) مليون كيس يوميا اي ما يعادل 5 مليارات ونصف المليار كيس سنويا فاذا قمنا بحساب مدة 30 سنة على الاقل مدة مكوث كيس البلاستيك في البيئة للتحلل فسيصبح لدينا 165 مليار كيس مما يشكل خطورة حقيقية على الكائنات الحية، اما اذا ألقي في البحر فخطره اكبر، اذ تأكله الكائنات البحرية وتموت بالنتيجة اختناقا، فإن لم يكن لدينا معامل لاعادة تدوير النفايات فسيكون هناك كارثة 
حقيقية”. 
ويضيف أن” الاكياس البلاستيكية السوداء تعتبر اكثر خطورة من سواها، اذ  انها تتكون من نسبة 75 بالمئة من مواد تمت اعادة تدويرها مما ينصح بعدم استخدامها مرة اخرى لخطورتها على صحة 
الانسان”.  
ويتابع أن”الاكياس البلاستيكية افضل من تلك الزجاجية لانها اخف، ولا تنكسر بسهولة، الا انها تسبب الكثير من الاضرار منها  اطلاق مادة كيميائية سامة في اثناء التصنيع، مما يؤثر سلبا في البيئة والمياه والارض والهواء، اذ تدخل في صناعتها مادة الديوكسين فهي  تسبب مرض السكري، والعقم لدى الرجال والنساء، واثبتت الدراسات التي اجريت على حيوانات التجارب أن هذه المواد تسبب تشوهات خلقية في الاجنة، واضطرابات الغدد الصماء وفي انتاج الهرمونات، ومشاكل جلدية، وفي الجهاز المناعي والرئة. وتسبب العديد من الأمراض كالسرطان، واضطرابات الهرمونات والاعصاب”.
ويستطرد الخباز:
“المخلفات من الاكياس البلاستيكية تمثل عبئا كبيرا على البيئة لانها غير قابلة للتحلل، لذلك الطريقة المثلى للتخلص منها يكون عبر حرقها، ولكن ذلك سينتج عنه تصاعد مركبات كيميائية تتشكل على هيئة سحابة سوداء تؤدي إلى تلوث الهواء وتؤثر في صحة الجهاز التنفسي للكائنات الحية”.
 الى ذلك يقول الخباز:
“ يفضل حفظ الأطعمة داخل الفريزر بعد لفها بأوراق مخصصة لذلك فهو لا يتفاعل مع الطعام ولا يلتصق به ويكون سهلا في فك التجميد بخلاف وضع الطعام داخل اكياس بلاستيكية، والاستعاضة   بالاكواب الورقية بديل عن البلاستيكية لأن الاخيرة تتفاعل مع الحرارة واستبدال الأوعية البلاستيكية بالفخار لسهولة الحفظ  ولا يتفاعل مع الأطعمة واستبدال زجاجات المياه البلاستيكية 
بالزجاجية”.
ويضيف أن”الاكياس المصنوعة من ورق الكرافت البني غير المكرر، المعاد تدويره  للمحافظة على البيئة من التلوث، حل مثالي للحفاظ على الموارد الطبيعية، والحفاظ على الطاقة وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، كما تتميز الاكياس الورقية بسهولة تحللها، اذ تتحلل بعد اشهر قليلة من القائها وتعتبر من المصادر الجيدة التي تساعد على تخصيب التربة، ويمكن حرقها من دون  خوف من اي انبعاثات ضارة بالبيئة او الصحة، كذلك لا يحتوي الكيس الورقي على مواد ضارة تنتقل الى الاغذية التي توضع بها والمادة المصنوع منها لا تتأثر بالحرارة او 
التجميد”.
ويستدرك”
“في المقابل هناك عيب مؤثر للورق هو المصدر الذي يصنع منه الكيس الورقي (الاشجار)، لذا فإن انتاج الاكياس الورقية يتسبب في تدمير الاف الكيلومترات من الغابات سنويا ويعادل  ضرره خطر الاكياس البلاستيكية، الى جانب ان الكيس الورقي لا يتمتع بالمرونة ويسهل قطعه مما يتسبب في ضياع المواد الموجودة به 
وفقدها”.
 وينصح الخباز لتفادي استعمال الاكياس البلاستيكية اللجوء الى هذه الاجراءات: “استخدام اكياس قابلة لاعادة الاستعمال كحقائب القماش، شراء منتجات موضوعة في صناديق كرتون بدلاً من زجاجات البلاستيك، كمنظفات الغسيل، واعتماد عيدان الكبريت بدلاً من مقادح البلاستيك، فضلا عن تجنب  شراء الأطعمة ذات الأغلفة البلاستيكية، هذا مع تناول المرطبات بقطعة بسكويت للابتعاد عن استخدام الوعاء او الملعقة البلاستيكية”.
ويردف: “هناك اكياس بلاستيكية صديقة للبيئة طورها الباحثون  مؤخرًا، اذ تكون قابلة للتدوير مرة اخرى، وهذه تكون امنة نسبيا، خالية من المواد الضارة على صحة الانسان والبيئة، تحلل بوجود الأوكسجين وبعد مضي 18 شهرا من تصنيع الكيس وتعرضه للحرارة، وبعد مضي 2 - 4   سنوات يتحول الكيس الى ثاني اوكسيد الكاربون والماء ومواد أخرى غير سامة، تستخدم هذه الاكياس بشكل أساسي داخل المستشفيات والمعامل الطبية لأنها غير قابلة لاعادة التصنيع، وتمنع انتشار الأمراض عبر المخلفات الطبية، كما يتم استخدامها في الفنادق والقرى السياحية 
والمطاعم”.