في منطقة الشرق الأوسط، حتى عطلتك ستكون سياسية. في بلد يجتذب نحو 39 مليون سائح أجنبي سنويا، ربما سيكون على حافة من الفوضى، ان صدقت الصحافة السعودية، التي أبرزت إحداها، مؤخرا، عنوانا رئيسيا يقول "إنّ تركيا ليست مكانا آمنا للسفر اليه". فقد سبق وحذّرت السفارة السعودية في أنقرة مواطنيها من تصاعد الجرائم الصغيرة التي تستهدف المواطنين السعوديين.
وفي رواية أخرى، ذكرت أنّه، في العام 2017، أكثر من ألفي شخص قتلوا في أعمال عنف مسلحة بتركيا، (دون ذكر أية تحذيرات من أعمال مماثلة في الولايات المتحدة الأميركية حيث الوفيات الناجمة عن العنف المسلّح أكثر شيوعا).
قضية الماسة الزرقاء
تسبّب مقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، في تركيا، العام الماضي، الى مزيد من التوتر بالعلاقات بين البلدين، ومن هنا، جاءت حملة المسؤولين السعوديين لثني مواطنيهم عن السفر الى تركيا، ويبدو أنّ الحملة قد أتت ثمارها، فقد انخفض عدد السياح السعوديين الوافدين الى تركيا بنسبة 31 بالمئة، خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الحالي، مقارنة بالعام الماضي.
تفرض العديد من الأنظمة العربية قيودا على الأماكن التي يرغب مواطنوها بالسفر اليها، ففي العام 1989، أقدم عامل تايلندي على سرقة مجوهرات من قصر يعود لأمير سعودي، عرفت حينها بـ "قضية الماسة الزرقاء"، قُتل على إثرها ثلاثة دبلوماسيين سعوديين في بانكوك بظروف غامضة، قد يكون أو لا يكون، لها صلة بقضية السرقة
تلك.
بادرت المملكة، وعلى الفور، الى منع رعاياها من زيارة تايلند، وتمت استعادة معظم قطع المجوهرات، لكن الحظر لا يزال ساري المفعول، في العام الماضي، بلغ عدد السعوديين الذين زاروا تايلند 28 ألفا فقط مقارنة بـ 75 ألف سائح من الكويت التي تصغر المملكة حجماً بكثير.
زهيدة، وتتحدث العربية ومعتدلة نسبيا، هي مصر التي لطالما كانت الوجهة السياحية الأكثر شعبية لدى السياح الخليجيين، لكن القطريين منهم يتجنّبوها الآن بسبب السياسات، فقد كانت مصر واحدة من أربع دول فرضت حصارا على قطر في العام 2017، وقد حوّل الحصار، تأدية فريضة الحج، الى خلاف سياسي، إذ تتبادل المملكة وقطر الاتهامات بعرقلة سفر الحجاج القطريين.
ريالات السّياح
وقد منعت دولة الامارات العربية المتحدة سفر مواطنيها الى لبنان منذ العام 2012، بسبب مخاوف من تعرضهم للاختطاف.
ففي العام 2011، سافر الى لبنان 23 ألف سائح اماراتي، لكن هذا العدد انخفض الى أقل من 1800 العام
الماضي.
أما في مصر، فيحتاج الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما، الى الحصول على تصريح أمني قبيل السفر الى تركيا، وقد فرض هذا الحظر العام 2014، في محاولة لمنع المصريين من اجتياز الحدود باتجاه سوريا والانضمام الى تنظيم داعش الارهابي. بالرغم من أنّ ذلك الأمر لم يعد يشكّل قلقا، إلّا أنّ القرار لا يزال ساريا، والذي كشفت عنه مؤخرا، سيدة كانت تروم قضاء اجازة طويلة في اسطنبول برفقة صديق أجنبي هناك (نصحه عناصر الأمن في المطار بقضاء الاجازة بمفرده)، فضلا عن أن تصاريح مماثلة قد تكون مطلوبة، في بعض الأحيان، لدى زيارة بلدان تعد حاضنة للارهاب أو بؤرا للاسلام السياسي مثل جورجيا وكوريا الجنوبية.
تأمل الحكومة في المملكة العربية السعودية، من خلال تثبيطها السفر الى تركيا، الى الإبقاء على "ريالات السياح" داخل المملكة، وقد ضرب الملك سلمان مثالا على ذلك، عندما قضى موسمي الصيف الماضيين في نيوم، وهي مدينة مخطط لبنائها بكلفة 500 مليار دولار تقع على الساحل الشمالي الغربي للمملكة، بدلا من زيارته المعتادة كل عام الى قصره في المغرب.