بناء الثقة بالنفس

اسرة ومجتمع 2019/08/03
...

ميادة سفر
تتطلبُ الحياة بما فيها من أعمال وتعاملات، كثيراً من المقومات الضروريَّة التي تساعدنا على النجاح في تواصلنا مع الآخرين، فالإنسان بطبعه الاجتماعي لا يعدم إقامة علاقات متعددة مع أشخاص مختلفين، ولعلَّ أهم ما يجب أنْ يتمتع به أي شخص، هي الثقة بالنفس، فهي من أهم الأسس التي تبني وتعزز العلاقات بين الأفراد.
الثقة بالنفس مفتاح النجاح، والعامل الأهم في إنجاز الأعمال، وسمة الشخصية الناجحة السوية، القادرة على تجاوز العراقيل، وضرورة لتعزيز احترام الشخص لذاته، وشعوره بالاطمئنان والإيجابية، وتمكينه من تحقيق الأهداف التي يريدها.
الأشخاص الواثقون بأنفسهم مؤمنون بقدراتهم وكفاءتهم، يمكنهم السيطرة على مكامن القلق والتوتر والخوف، ولا يجدون صعوبة في التعامل مع أيٍ من المواقف التي تعترضهم، أو التأقلم مع الظروف الطارئة، لا يتأثرون بما يدور حولهم من مؤثرات خارجيَّة، ولا يلتفتون إلى ما يصدر عن الآخرين من محاولات لإحباطهم والاستخفاف بقدراتهم.
بينما فاقدو الثقة، هم أشخاص مهزوزون من الداخل، سيطر عليهم الخوف من الانتقاد والخطأ، فكتموا أفكارهم وانفعالاتهم وهواجسهم، وتحولوا إلى شخصيات مضطربة، غير قادرة على الإنجاز، أو تغيير شيء في 
حياتهم.
كم من صاحب عمل مثلاً رفض شخصاً قد تكون لديه إمكانات كبيرة بسبب تلعثمه أثناء المقابلة، أو تردده في الإجابات، بالمقابل لا يتردد في قبول آخر يتحدث بثقة ووضوح، رأسه مرفوع، لا يخجل من الاعتراف بجهله بعض الأمور.
تبنى ثقة الإنسان بنفسه من سنوات طفولته الأولى، من علاقته من أهله، كلامهم الموجه إليه، فكم من كلمة جارحة، ونظرة غاضبة، وربما تعرض البعض للضرب، بسبب تصرف ما، فان تخاطب ابنك مثلاً “أنت لا تفهم”، أو “أنظر فلان أشطر منك”، وغيرها من الألفاظ التي لا تفعل إلا تحطيم شخصيته، وفقدانه الثقة بنفسه، وربما يصل بالبعض حد الانتقام من أقرانه، والكذب، وابتعاده عن المشاركة في أيٍ من التحديات والتجارب خوفاً من الفشل، وسماع كلمات 
التوبيخ.
لذلك من واجب الأهل وحق الطفل عليهم، أنْ ينتقوا العبارات المناسبة في كلامهم، وحتى إنْ أخطأ يمكن تنبيهه بطريقة لا تضعف ثقته بنفسه، لننشئ شخصية متزنة قادرة على اتخاذ القرارات، ومقاومة الاضطرابات التي يمكن أنْ تتعرض لها في المستقبل.
من الثقة بالنفس يأتي احترام الإنسان لذاته، والإرادة القوية التي تدفعه للتغلب على المشكلات
والصعوبات التي تواجهه، والعمل على تجنب الفشل واليأس، واكتشاف نقاط ضعفه فيبتعد عنها، ويعزز نقاط القوة لديه، والأشخاص الواثقون بأنفسهم يبعثون الثقة في الآخرين، من 
نبرة أصواتهم أو حركاتهم وحتى في بعض الأحيان مظهرهم الخارجي، ستنعكس ثقتهم
بأنفسهم على الجمهور الذي يخاطبونه، أو على زملائهم في العمل وأصدقائهم، ومن هنا يبدأ طريق النجاح، لأنَّ كسب ثقة الآخرين بنا وبأعمالنا وقدراتنا هي واحدة من مفاتيح
النجاح.