حازم مبيضين
فاجأت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى سلطنة عُمان بعض الأوساط السياسية والشعبية، رغم أنها لم تكن الأولى بهذا المستوى، فقد سبقتها زيارات تميزت بأنها كانت في ظروف فلسطينية وعربية ودولية مختلفة تماما عن الوضع الراهن. لماذا المفاجأة؟، وقد فتح النظام الرسمي العربي الباب بوجه إسرائيل تماما، من خلال المبادرة العربية، ومعاهدات السلام مع مصر والأردن وزيارات سرية وعلنية اليها، على أن كل ذلك لم يفلح في بناء علاقة مودة، فإسرائيل توغلت أكثر وثبتت أركانها على أرض فلسطين، ضاربة عرض الحائط كل الاتفاقيات التي قبلت بها، حتى أن المجتمع الدولي بات أكثر انسياقا مع التوجهات الاسرائيلية، وتخلى عن كل الضمانات التي قدمها للبلدان العربية بأنها إن تقدمت خطوات نحو الصلح مع إسرائيل، فإنه سيضغط ويعمل جاهدا من أجل إقامة الدولة الفلسطينية، والسؤال اليوم لماذا فتحت سلطنة عُمان أبوابها للإسرائيليين؟ مع ان المعروف عنها التزامها سياسة الحياد في الازمات التي تعصف بالمنطقة، وطرحت نفسها وسيطا في النزاعات الإقليمية في المنطقة.
وقد نجحت في القيام بأدوار كثيرة بهذه السياسة، وأهمها تقريب وجهات النظر بين الإيرانيين والأميركان حتى توصلوا إلى الاتفاق النووي، وتسوغ السلطنة قبول الزيارة بأنها ليست مقدمة لإقامة علاقات دبلوماسية بين الطرفين، لان ذلك مرتبط بالتزام
عُماني ـ
عربي بضرورة حل الصراع وإقامة الدولة الفلسطينية قبل أي شيء آخر، لكن المهم هنا الاشارة إلى عدم أهمية موضوع التبادل الدبلوماسي عند الاسرائيليين ما دامت الزيارات تتم على أعلى المستويات، ولنتذكر أن نتنياهو أعلن من على منصة الامم المتحدة أن بين بلاده وبين دول عربية صداقة غير مسبوقة لم يرها في حياته.
ما يعني عدم اهتمامه بالتمثيل الدبلوماسي، لنتوصل إلى نتيجة مفادها أن لإسرائيل علاقات مع الدول العربية أكثر مما يعتقد البعض.
علق كثيرون على زيارة نتنياهو متجاهلين زيارة سبقتها قام بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس للسلطنة ،حيث استمع لعرض من السلطان قابوس، حول إمكانية لعب دور الوسيط بينهم وبين إسرائيل، وقد وافق الطرفان على ذلك.
وإذا تجاوزنا ما تم الاتفاق عليه وما تم تأجيله سنكتشف أن المهم الآن هو العودة إلى المفاوضات، لمنع انهيارات جديدة في منطقة تعيش حالة تداعيات كبرى على أكثر من صعيد.
وفي الكواليس ان ذلك يتم نتيجة ضغط دولي، إذ يصعب تصور أن تكون واشنطن بعيدة عن دوافع زيارة نتنياهو إلى عُمان. فلا يمكن أن تتطور العلاقة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بمعزل عن حلحلة حدثت في العلاقة بين الرئيس عباس
وترامب.
وهكذا يتضح أن سلطنة عُمان تلعب دور الوسيط بين الفلسطينيين من جهة، والإسرائيليين والاميركان من جهة أخرى كلا على حدة، فهل يعني ذلك أن هذه التحركات تدخل في نطاق ما يسمى صفقة القرن، وإعادة بعث الروح في المفاوضات بين جميع الاطراف للوصول اليها، وهي تجري بعلم دول عربية أخرى منها السعودية ومصر والأردن؟.
مع ضرورة ملاحظة أن الرئيس الفلسطيني شدد بعد عودته إلى رام الله على الرفض المطلق لصفقة القرن، ضارباً عرض الحائط برسالة نتنياهو القائلة: إن العرب يفتحون أبوابهم لنا علنا، فإذا كنت تريد أن تتحاور معنا فنحن جاهزون بشروطنا.
أما إذا رفضت فستصبح معزولا ليس من الادارة الاميركية وحدها بل من أشقائك العرب أيضا.