شهدت العاصمة المصرية القاهرة إقامة ندوتين للروائي علي لفته سعيد وقد ناقشتا روايته الجديدة ( فضاء ضيق ) وشارك فيهما ثمانية نقاد، حيث الندوة الأولى التي حضرها الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد في بيت السناري حيث بدأ مدير البيت الروائي منير عتيبة قوله إن الرواية رغم إنها من ثلاثة أجزاء إلا إن القارئ لن يشعر بحاجة إلى العودة إلى أعمال أخرى ليستوعب الرواية وأننا نرى في الرواية تصارعا للأفكار من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار والوسط ونرى الرواية تكتب أمامنا كأننا مشاركون فيها وأن الشخصيات لا تغير من أفكارها التي بدأت بها الرواية حتى نهايتها. في حين قالت الدكتورة مها الغنام أن الرواية مشحونة بالمفارقات فمحسن يعمل حفار قبور ومجتبى فرحٌ بموت أبيه وحمدية تمارس الجنس في القبور مع متسول وأشارت الى ان الرواية عانت من ستاتيكية الحوار فهو لم يتطور وربما كان هذا متعمدا لأن الوضع في العراق لم يتطور وبينت ان الأسلوب الفلسفي طغى في كثير من الأحيان على الاسلوب الروائي الأدبي.
فيما قال الناقد حيدر العابدي أن الرواية محاولة في استنطاق الواقع العراقي بأسلوب أدبي وفني رائع من خلال شخوصها محسن البطل الباحث عن العدالة الانسانية المغيبة بسبب الصراعات السياسية والمذهبية وسلوى الحلم والهوية الغائبة والحاضرة (الامل ) وأضاف انها رواية تكشف جدلية الصراع التاريخي ما بين الثقافي المتمثل بخطاب التجديد وبين السلطة السائدة بكل أشكالها الأيدولوجية وما تحمله من أنساقه دينية والحزبية حيث تنتهي الرواية بمشهد اغتيال علاء مشذوب احد ابطالها الرافضين للواقع المعاش ليكون الفضاء الانساني أكثر ضيقا ودموية بموت الامل.
وقال الدكتور خالد عبد الغني ان سعيدا ما زال مسكونا في أعماله الروائية بالأسطورة فمحسن بطل الروايةهو البطل التراجيدي في الدراما الإغريقية يواجه دائما تحديات تدمره بواسطة القدر نتيجة خلل غير معروف في شخصيته ويتطلب هذا أن يحتل البطل مكانة سامية لا يتنازل عنها ويوجه نحو هدف نبيل وأضاف الى جانب محسن وقفت عديد من الشخصيات مع مسيرته التي تم تدوينها في روايتين هما “الصورة الثالثة ومزامير المدينة “ لنقرأ فيهما تجربته في الحرب والعمل كفني مولدة الكهرباء وحفارا للقبور وعلاقته بسلوى.
اما القاصة أمل رفعت فقالت ان أعمال سعيد تنبؤنا بالنبش في قبور السياسة وأضافت في البداية نجد الراوي العليم يوجه حديثه لشخص كأنه ضمير هذا الواحد ثم تحول ليوجه كلامه لكل وقد يكون الراوي هو الطرف الآخر وتقول ان هذا الراوي يسير بحديثه الأقرب إلى المنلوج الداخلي والفضاء الضيق هو عنوان معبر يعكس عدم قدرة الوطن على لم شمل ساكنيه وان الرواية اعتمدت على تقنية الحوار الغني الذي غير لي كقارئة مسار الحكي وجعلني ألتهم السطور .
اما في الندوة الثانية التي أقيمت في صالون سالمينا ودار الفؤاد قال فيها مدير الصالون الروائي أحمد ربيع اننا اليوم نقف امام روائي يعرف اللعبة السردية واصدر العديد من الروايات التي تبين مقدرته الابداعية وسبق للصالون ان اقام له العام الماضي ندوة عن روايته وشم ناصع البياض والتي افتتح فيها فعاليات الصالون الثقافية التي استمرت دون توقف.
وتحدث الناقد المصري الدكتور يسري عبد الغني وقال ان في العنوان ثمة مزواجة ومفارقة ونحن نعيش في الوطن العربي فضاءات عديد وكلها ضيقة وأضاف أن الرواية ناقشت الايمان والالحاد الذي سببه تردي الخطاب الثقافي العربي ويكتب رواية بلغة شعرية مثلما أكد ان الرواية ابتعدت عن فلاش باك وعمل على تداخل الانساق التي لا يستطيع عليها إلا كاتب متمكن في حصول التوازن. وتحدث الناقد الدكتور محمد سمير رجب بقوله انه تحت عنوان معبر موح ينطلق بنا سعيد عبر نصه عالما جيدا ما يريد قوله خبيرا تماما بكيفية القولعبر تفعيل تقنيات كتابة أدبية معينة ينثر الكاتب الدلالات التي تعمق فكرته بدءا من الفضاء السردي الذي تتصاعد من خلاله الأحداث وصولا إلى الوظائف التي شغلها “محسن” الشخصية الرئيسية مارا بسلوى الحاضرة الغائبة وحتى النهاية الموفقة جدا
اما الناقد معتز محسن فقال أن الرواية تعتبر من الروايات المنتمية للمدرسة التحليلية النفسية حيث التعمق في أغوار المجتمع العراقي الذي مر بتحولات شتى عبر تاريخه الحديث والمعاصر من خلال أجواء شخصية محسن البطل الرئيسي الذي تتبعناه عبر قراءتنا للأحداث المتشابكة من خلال الراوي العليم والراوي غيرالمباشر العائد بضمير المخاطب وأضاف أن الأحداث تتصاعد عبر الصراعات الأيديولوجية ما بين حليم (المقدس) وعلاء (المدنس) اللذين اجتمعا في شخصية محسن (المقندس) ذلك المصطلح المبتدع والمختلف من يراع الكاتب كنوع من أنواع الابتكار للألفاظ.