حسن صالح الجيزاني
تجمع الناس بين حطام سيارتين تصادمتا بعنف قبل لحظات في مكان مقفر. اخرجوا الاجساد المعطوبة عنوة من داخلهما وطروحهم ارضا وهم يتوجعون ولكن لا جروح ظاهرة . كان البعض يرمق سائق احدى السيارتين الذي رفض الخروج رغم مطالبات الناس الملحّة . ظل يرمق الواقفين بنظراته الحادة وكأنه يقول لهم لا اخرج وكفوا عني وعن مطاليبكم واذهبوا الى حال سبيلكم . حضرت سيارات الاسعاف التي توقفت بصافراتها المدوية وادخلت الجرحى فيها ، ركضوا حول السائق العنيد ولم يستطيعوا اقناعه بان يترك السيارة المحطمة . صاح به احدهم “ عليك بالخروج كي نعرف ما الذي جرى لك من جروح ربما تكون بليغة»
لم يهتم الرجل للكلام وادار بوجهه نحو الامام الخالي تماما . بعد ساعة خلا المكان من الناس والمسعفين وحل الليل وهو يجلس في سيارته المحطمة لا ينوي مغادرتها . من بعيد تناهى اليه صوت عواء ، وبعد دقائق سمع صوت نباح يقترب . ولكن فجيعته كانت عندما سمع فحيحا لأفعى قريبة . راح يصارع للخروج لكنه ادرك بانه عالق تماما ولا يمكنه الافلات الا بمساعدة . ظل يحاول ويحاول . في الصباح ، تجمع الناس م وهم يترجلون من سياراتهم وصُدموا بمنظر رجل ممدد على الارض وجسده ينز دما من كل انحائه. ينظر بعينين ذاهلتين الى ساقيه اللتين اختفتا من جسده الواهن .
استدعاء
رن هاتفه في منتصف الليل، انتابه القلق واصطدمت الهواجس في رأسه، من يا ترى ؟
نعم ، اهلا وسهلا انا المدير ! كان وقع الكلام ثقيلا عليه . قل اشعره بالخوف والحيرة ..
اهلا استاذ تشرفت بك !
ممكن تَمُرّ عليّ غدا ؟
سأمر استاذ .
كانت الرجفة قد نالت منه واخذت من تفكيره الكثير الكثير . ما الذي يريده المدير يا ترى ؟ اول مرة يسأل عني او بالأحرى يتصل بي .
في الامر مكيدة او وشى احد بي . كان قلقا ومرتبكا وراح يبحث في رأسه عن فعلة ما ممكن ان يعاقبه عليها المدير او انه عصى امرا ولم يستطع معالجته . راح يسترجع ما فعله في الساعات الماضية ، لم يجد شيئا . راح يبحث عن ما فعله في الاسبوع الاخير ، لم يجد شيئا . راح يبحث عن ما فعله في شهر ، لم يجد ما يجعل المدير غاضبا منه لدرجة ان يستدعيه شخصيا وبمكالمة
منه تحديدا .
مرت ساعات الليل اثقل من الهم على رأسه فلم ينم دقيقة واحدة . في الصباح ذهب الى دائرته كالمعتاد ، دخل ، لم يسأله او يذكرّه احد عن استدعاء المدير . تقدم بخطوات ثقيلة نحو غرفة المدير وظل واقفا على بابها . مرت ساعة او اكثر حين كلمه احد الزملاء عن وقوفه ، لم يجب وراح يتأمل الباب الذي تردد في طرقه وجمد في مكانه خائفا .. فجأة انفتح الباب واذا بالمدير خارجا من غرفته . اهلا استاذ اتعبتك معي ّ
اتصلت بك البارحة لاني لم ارك يوم امس ، قالوا انك خرجت مبكرا ، اصيب باعياء ورهبة وكاد ان يسقط امام المدير ، شعر بأن المدير عرف بخروجه دون اذن يا لحظي . كنت اريد ابلاغك بانك مدعو لحفلة عقد قرآن ابني على عروسته الجميلة ّ اذكرك بان تأتي ولو اتعبك معي !.