إيران في مرمى العقوبات الأميركية

--- 2018/11/09
...

صادق كاظم
 
بدأ الاميركيون التطبيق الفعلي لفرض حظر شامل على شراء النفط الايراني في خطوة تهدف الى اضعاف الاقتصاد الايراني واجبار الحكومة الايرانية نتيجة الضغوط الاقتصادية التي ستواجهها الحكومة الايرانية. السيناريو الكوري الشمالي يبدو مماثلا  في  قرار العقوبات الاميركية على ايران ،حيث سبق وان دعا ترامب الحكومة الايرانية الى الجلوس على طاولة المفاوضات معه . الايرانيون اعلنوا منذ البداية رفضهم لمطالب ترامب التعجيزية التي تمس في كثير من بنودها السيادة الايرانية وتجردها من جميع اوراق وامكانيات القوة التي تحتفظ بها وتمكنها من ممارسة النفوذ القوي في المنطقة والتي من اهمها برنامج التسلح الايراني المتطور ودعمها المستمر لمنظمات حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الاسلامي في فلسطين وهي تنظيمات تصنفها واشنطن بالمعادية لها . طهران صاحبة الخبرة الكبيرة في مواجهة العقوبات ومنذ اكثر من 40 عاما لديها بالتاكيد الوسائل والامكانيات التي تجعلها قادرة على الحد من اضرار وتاثير العقوبات الاميركية عليها، خصوصا وانها تقف في مواجهة الولايات المتحدة ليس لوحدها هذه المرة ،اذ يقف الى جانبها الاتحاد الاوروبي والصين وروسيا التي عارضت جميعها موقف الولايات المتحدة الاحادي الجانب، المتمثل في الانسحاب من الاتفاق النووي واعادة النظر ببنوده وهي دول لا ترغب في السير وراء ترامب في قراراته الارتجالية وغير العقلانية، اذ انه اتخذ كذلك قرارات بفرض عقوبات اقتصادية على الدول الاوروبية والصين وروسيا وغيرها مما جلب النقمة والتذمر عالميا من قراراته تلك .
الايرانيون يدركون بان اي تنازل او قبول بالمساومة على السيادة سيشكل تهديدا خطيرا لهم وسيعني اضعاف الدولة الايرانية، بل ان الخسائر التي ستلحق بهم، اكثر من النفع في حال رضوخهم للشروط الاميركية وهو امر مستبعد كليا من قبل الحكومة الايرانية، التي تمتلك خبرة طويلة في تكييف العقوبات لصالحها والاستفادة منها، بدليل انها نجحت في تطوير اقتصادها وبناء صناعات حربية دفاعية وهجومية متطورة ونفوذ كبير في المنطقة .
سياسة العقوبات والمفاوضات التي يحاول ترامب ان يفرضها على دول العالم ويسعى الى تحقيق اهدافه في الهيمنة والسيطرة، ليست مقبولة من قبل دول العالم، التي باتت ترى في ترامب شخصا مهووسا يحاول نشر النزاعات والفوضى، بل انه بات يلحق الضرر الكبير بعلاقات التحالف مع العديد من اصدقاء واشنطن ،حين يفرض عليها ضرائب جمركية ويفك الشراكات الاقتصادية معها  ويسعى الى تقويض اقتصادياتها .
من دون شك فان العقوبات الاقتصادية وحظر التعامل المالي وشراء النفط من ايران، لها نتائجها السلبية على المنطقة حين ترفع من حدة الصراع بين الايرانيين والاميركيين وربما يقود ذلك الى تصادم عسكري، خصوصا ان واشنطن تسعى الى انشاء حلف ناتو عربي- اسرائيلي يقف في مواجهة ايران وهناك العديد من الدول العربية ضالعة فيه، رغم انه لا يخدمها باي شكل من الاشكال، سوى انه يجعلها عرضة للانتقام الايراني في حال تعرضها لاي هجوم اميركي .
ايران لن تقف مكتوفة الايدي في مواجهة العقوبات وهي ستعتمد على شبكة معقدة وسرية من الاصدقاء الذين سيساعدونها في تخطي العقوبات، فضلا عن حصول عدد من الدول على استثناءات من تلك العقوبات يمكنها من شراء النفط الايراني وبالتالي فان الايرانيين لن يسمحوا لترامب بتنفيذ تهديداته ضدهم  وتحويلهم الى دولة فاشلة وعاجزة حتى عن الدفاع عن نفسها ، اضافة الى ان هذه العقوبات على النفط الايراني ستؤدي الى رفع اسعار البترول مما سيتسبب بمشاكل عدة  .
العقوبات الاميركية لم تنجح يوما في تحقيق اهدافها ،بل انها كانت تعطي وما تزال مردودات عكسية فلقد نجح الكوبيون من قبل في مواجهة العقوبات والحصار الذي فرض عليها لاكثر من 40 عاما وكذلك الصينيون والروس وغيرهم والنتيجة الوحيدة المنطقية في ان تلتزم واشنطن بالاتفاقيات والمعاهدات المشاركة فيها وان تكف عن التفكير كدولة وحيدة وعظمى في العالم ترسم للدول علاقاتها
 وسلوكها.