برقية تهنئة

آراء 2018/11/09
...

حمزة مصطفى
 

 يتلقى رؤساء الجمهوريات العديد من برقيات التهنئة في مختلف المناسبات. وبدورهم يرسلون برقيات لسواهم من الرؤساء وفي مناسبات مختلفة. في العادة تكون تلك البرقيات بروتوكولية بحتة. وقد لايعلم الرئيس بارسالها لأنها من مهمة دائرة المراسم التي تعرف من انتخب رئيسا لهذه الدولة أو تلك أو من مات من رؤساء الدول. كما تعرف الاعياد الوطنية للدول التي لديها تمثيل دبلوماسي. الدولة الوحيدة التي لايزال العالم حائرا في عيدها الوطني هي العراق. والدليل على ذلك أن بعض رؤساء الدول أو لنقل مراسمهم الرئاسية لاتزال ترسل برقيات تهنئة لرؤساء جمهوريتنا في ذكرى 17 تموز العام 1968. وقسم منها ترسل برقية تهانٍ رقيقة مفعمة بكل مشاعر الود والصداقة بمناسبة العيد الوطني العراقي في 14 تموز. وقسم آخر ربما أكثر تحديثا من سواه لمعلوماته يرسل برقية بمناسبة 3 تشرين أول وهو يوم دخول العراق عصبة الأمم عام 1932 واستقلاله عن بريطانيا العظمى آنذاك. من بين برقيات التهنئة التي تلقاها رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح لمناسبة انتخابه رئيسا والتي لفتت نظري هي برقية الرئيس التركي السابق عبد الله غُل أو طبقا لما أطلق على نفسه هو الرئيس التركي الحادي عشر. معلومة جيدة وجديدة حصلنا عليها دون تكليف غوغل عناء البحث عن كم رئيس جمهورية سبق رجب طيب أردوغان في رئاسة تركيا منذ مصطفى كمال أتاتورك. اللافت في برقية الرئيس غُل هي الخاتمة، فبعد أن عبر عن سعادته بانتخاب صالح رئيسا معبرا عن تمنياته القلبية في أن ينعم العراق بالامان والاستقرار خرج عن نصوص البروتوكول الجامدة في العادة ليضمنها في النهاية بعدا عاطفيا لايكاد يخلو من دلالة، حيث كتب يقول "ليكن الله في عونكم"، ربما تكون هذه العبارة غير المألوفة في لغة التخاطب بين رؤساء الدول ،لاسيما أن غُل رئيس سابق وليس نظيرا لصالح وهي حماّلة أوجه لجهة ماعاناه غُل نفسه في سياق علاقته الملتبسة مع رفيق دربه القديم اردوغان أو إنها تعبير دلالي عن ثقل المسؤولية التي يتحملها رؤساء الدول انطلاقا من تجربته الشخصية في قيادة تركيا. وبصرف النظر عن أي دلالة أو بعد رمزي أو إنساني لهذه العبارة فإن اقرب تفسير لها ،هي أن منصب رئيس الدولة في العراق يحتاج من يتولى مسؤوليته الى دعوات صادقة لنجاحه. فهذه المهمة في بلد غادر بسرعة عهد الشمولية الى الديمقراطية دون بناء مؤسسات أو تقاليد الديمقراطية تجعل رئيس الجمهورية بالذات في وضع بالغ الصعوبة. فهو من جهة الصلاحيات الدستورية على المستوى التنفيذي لايملك الكثير، حيث أن هذا الكثير يذهب الى مجلس الوزراء الذي يتربع على عرشه رئيس يسميه دستورنا "رئيس مجلس الوزراء" . ووجه الالتباس إنه في الوقت المطلوب من رئيس الجمهورية السهر على حماية دستور لايعطيه المزيد من الصلاحيات، فإن لرئيس مجلس الوزراء صوتا واحدا حاله حال كل الوزراء. وبما إنه لاشيء يشفع لرئيس الجمهورية سوى الدعاء على طريقة غُل فإن رئيس "مجلس" الوزراء يستنجد بالقوات المسلحة التي تمنحه صلاحيات مريحة يتمكن بوساطتها أن .. يصيح ياليلي.