العراق.. غزارة الانتاج النفطي وسوء الخدمات

قضايا عربية ودولية 2018/11/09
...

محمد سيرغي - ترجمة: خالد قاسم
انتقل العراق بسرعة الى قوة نفطية عالمية، مكتسبا منزلة رفيعة في أوبك بعد تفوقه على كندا هذا العام ليحتل المركز الرابع عالميا في انتاج النفط، لكن البلاد التي عانت من الحروب لا تظهر عليها علامات تقابل هذا التقدم.
ففي الوقت الذي تنشغل فيه أسواق النفط بقدرة السعودية على تعزيز انتاجها بسبب العقوبات الأميركية ضد إيران، فقد رفع العراق بهدوء شحناته الى آسيا وأوروبا ومنطقة البحر المتوسط لتعويض صادرات ايران.
ينتج العراق رقما قياسيا بلغ 4،78 مليون برميل يوميا، بحسب تصريح صدر مؤخرا من وزير النفط السابق عبد الجبار اللعيبي، وأضاف أنّ الانتاج سيصل الى خمسة ملايين برميل يوميا خلال العام المقبل، وسبعة ملايين ونصف مليون برميل يوميا بحلول العام 2024. وتتوقع مؤسسة وود ماكينزي الاستشارية أن يضخ العراق ستة ملايين برميل يوميا سنة 2025 وينمو الانتاج بمعدل أسرع من كلّ الدول باستثناء أميركا طيلة السنوات الست المقبلة.
رغم كلّ هذه الثروة النفطية، يفتقر العراق لطاقة كهربائية مستمرة ولديه مشاكل بجذب الاستثمارات المطلوبة لخلق الوظائف وتحفيز المشاريع المحلية. يقول زياد داود كبير اقتصاديي بلومبيرغ في الشرق الأوسط: “تعد زيادة الانتاج أخبارا جيدة، لكن الخدمات الاساسية ما زالت متخلّفة مثل مياه الشرب لمواطنيه، وخصوصا البصرة حيث يستخرج معظم ذلك النفط”.
لا تظهر المؤشرات الأخرى نتائج ايجابية، فالجمود السياسي مستمر مع اقليم كردستان مع شعور بعض المناطق بالتهميش واستياء مناطق أخرى من الخدمات العامة الضعيفة.
أسباب للتفاؤل
تحسّنت أسعار النفط على نحو جيد منذ العام 2016، معززة ايرادات العراق، لكن مؤشر سوق أسهم البلاد تراجع بنسبة 30 بالمئة خلال نفس الفترة. 
تذكر بيانات الأمم المتحدة أن نحو 32 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر غادرت العراق خلال السنوات الخمس الماضية. وأن 75 بالمئة من نمو انتاج النفط حتى العام 2025 سيأتي من أميركا وكندا والعراق. يقول علي المولوي من مركز البيان للدراسات والتخطيط: “يشعر العراقيون بالاحباط لأنّهم لا يحصلون على كهرباء لمدة 24 ساعة وسوء حال البنية التحتية والرعاية الصحية، ولا تتوزع الثروة على الجميع بطريقة عادلة ومقبولة” بعد 15 سنة من سقوط النظام المباد. وأضاف المولوي أن التحسّن الأمني وتشكيل الحكومة الجديدة سببان يدعوان للتفاؤل. 
لكن الفساد المستمر والبيروقراطية الشديدة يجعلان الشركات الأجنبية تشعر بالقلق من الاستثمار في البلاد.
لا يبدو أنّ أيّاً من ذلك سيؤثر على القطاع النفطي العراقي، وهو الثاني في أوبك بعد السعودية. فقد غابت كبرى شركات النفط العالمية مثل اكسون موبيل، وتوتال، ولوك أويل، وغازبروم عن آخر جولة تراخيص لاستخراج النفط والغاز العراقي في نيسان الماضي، لكن شركات صغيرة من الامارات العربية المتحدة والصين حصلت على العقود. 
تعد شركات النفط الدولية مسؤولة عن ثلثي انتاج النفط العراقي الحالي، وهناك أهمية كبيرة لرؤوس أموالها وتكنولوجيتها للحفاظ على الانتاج وزيادته. وطالما استمرت الحكومات بدفع مستحقات شركات النفط الأجنبية كاملة وفي الوقت المحدد، سيتمكن المنتجون من كسب ايرادات معقولة من حقول العراق واطئة الكلفة حتى اذا هبط سعر البرميل الى 30 دولارا.