التشجيرُ والغطاءُ النباتيّ بمقدورهِما إعادة توازن الكرةِ الأرضيّة 

ريبورتاج 2019/08/27
...

بغدادـ/ فجر محمد
 
منذ أن اندلعت الحرائق في غابات الامازون  التي تزود الكرة الارضية بـ 20 بالمئة من الاوكسجين من ثلاثة أسابيع والمخاوف ازدادت من مشاكل وتغيرات مناخية مستقبلية، لذلك لا بد من التفكير بحلول آنية على المدى القريب ومنها التشجير وزيادة الغطاء النباتي الذي بدوره يسهم في تقليل درجات الحرارة المنبعثة
الوكيل الفني لوزارة الزراعة الدكتور مهدي القيسي اشار الى ان التشجير من المواضيع المهمة والحيوية التي تلعب دورا كبيرا في التغيرات المناخية التي بدورها ستؤثر اقتصاديا واجتماعيا وبيئيا، ولذلك تضطلع دائرة الغابات ومكافحة التصحر في وزارة الزراعة بمهمة التشجيع على التشجير واعادة الغطاء النباتي وزيادة كثافته، وفي سبيل الاهتمام بهذا الموضوع اصبح هناك تعاون بين وزارة الزراعة والبنك المركزي ضمن مشروع تمكين الذي يهتم بغرس الاشجار وزيادة الغطاء النباتي فضلا عن مكافحة التصحر وزحف الكثبان الرملية.
 
قلة العواصف الغبارية
الوكيل الفني لوزارة الزراعة بين ان  تشكيلات الوزارة بامكانها تجهيز مشاتل للقطاع الخاص بهدف اسناد الزراعة وتشجيعها التي تنعكس ايجابا على الاجواء، لذلك تضع الزراعة سنويا خططا وبرامج صيفية وشتوية لتنظيم عملية زراعة الحنطة والشعير وهي بمجملها تعد اغطية نباتية تسهم بشكل كبير في التقليل من درجات الحرارة والتغيرات المناخية، علما ان البلاد شهدت تغيرا ملحوظا على مستوى الامطار والسيول التي انعشت الزراعة في الكثير من المناطق التي عانت ولفترات طويلة من الجفاف والتصحر، وكذلك شهد المناخ المحلي هذا العام غيابا ملحوظا للغبار والاتربة يختلف عن الاعوام الماضية بفضل الامطار التي انعشت الغطاء النباتي بشكل واضح.
كما اشار خبراء الانواء الجوية في تقاريرهم ودراساتهم الى وجود تغير واضح في المناخ العام وارتفاع درجات الحرارة نتيجة التغيرات المناخية المختلفة التي عصفت بالبلاد، ولكن بامكان التشجير ان يقلل من الارتفاع الكبير بدرجات الحرارة.
 
حرائق كبيرة
اشارت التقارير المتداولة الى اتساع رقعة الحرائق في غابات الأمازون خلال 48 ساعة الأخيرة، حيث غطت مساحة تتجاوز1.5 ألف هكتار.
وقال المعهد الوطني لأبحاث الفضاء في بيان له إنه تم رصد 1663 حريقًا جديدًا في البرازيل في الايام المنصرمة ونصفها اندلع في غابات الأمازون، كما نشر مرصد وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” صورا على موقعه الإلكتروني ظهر فيها غطاء كثيف من الدخان يغطي مساحات كبيرة من غابات أميركا اللاتينية في حين أعلنت ولاية أمازوناس البرازيلية حالة الطوارئ بسبب الحرائق، إذ امتدت طبقة الدخان على مساحة 3.2 ملايين كيلومتر مربع فوق القارة اللاتينية، كما أكدت السلطات البرازيلية في وقت سابق أن تلك الغابات شهدت أكثر من 72 ألف حريق خلال العام الجاري، بارتفاع بـ83 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها في العام الماضي، وفقا لوكالة
 “سبونيتك”.
يذكر أن رقعة الحرائق اتسعت في غابات الأمازون، التي تسمى “رئة الأرض”، حتى ظهرت أعمدة الدخان الناجمة عنها في صور التقطت من الفضاء.
 
موسم مثمر
“بعد ان شهدت مزارعنا وأراضينا فترات من القحط وشح المياه حتى كدنا نفقد الامل بعودة الزراعة الى اراضينا جاء هطول الامطار ليحيي الارض” بهذه العبارات استهل حديثه الحاج الخمسيني جمال كاظم وتابع بالقول:“ الامطار والسيول  اعادت النباتات والمحاصيل المختلفة للنمو والانتعاش بعد ان اضطر الفلاحون الى التقليل من نسبة المزروعات، الا ان الموسم الشتائي الماضي كان مثمرا جدا ومبشرا بمواسم مطرية”.
بعد الاذى الذي تعرضت له الطبيعة قررت ان تنتفض لنفسها وتعيد توازنها الاحيائي هذا ما بينه الباحث بالشؤون البيئية احمد صالح وتابع بالقول:“من الملاحظ ان الطبيعة المحيطة بالبلاد وتحديدا في سوريا وتركيا وايران والاردن والسعودية استعادت عافيتها ونظامها الايكولوجي اذ وفرت الامطار كميات هائلة من المياه القابلة للتبخر وبالتالي انتاج الغيوم، فعلى سبيل المثال شهدت تركيا مؤخرا سيولا وامطارا مما يبشر بحلول موسم شتاء مثمر وغطاء نباتي اوسع انتشارا الذي بدوره سيحبس الحرارة ويوفر اجواء باردة رطبة وخصبة لنمو البكتيريا والحشرات ومختلف الاحياء
 المهمة للبيئة.
 
خزين مائي كبير
الوكيل الفني لوزارة الزراعة اشار الى انه بعد ان عصفت بالبلاد تغيرات مناخية اثرت سلبا في الثروتين المائية والزراعية تغير الحال بعد موجات الامطار والسيول، كما ان الخطط الزراعية السنوية التي اضطرت الجهات ذات العلاقة الى التقليل منها سابقا عادت اليوم الى نشاطها المعهود وذلك بفضل الامطار، ويشار الى ان الخزين المائي المحلي قد وصل الى مايقارب52مليار متر مكعب من الماء بحسب تصريحات وزارة الموارد المائية وهذا يبشر بعام زراعي مثمر، كما ان الامطار غسلت التربة من الكثبان المائية وبالامكان استصلاحها لانها تشكل مراعي ممتازة للحيوانات.
 
الحزام الاخضر
الباحث في الشؤون البيئية لفت الى انه ،محليا، من شأن اعادة العمل بمشروع الحزام الاخضر المحيط بالمدن ان يلطف الاجواء الحارة الرطبة وهذا ما كان متبعا في سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم وكان هذا الامر يشكل تغيرا واضحا في المناخ انذاك، يضاف الى ذلك عندما تكون سرعة الرياح متوسطة فهي لن تؤثر في النباتات وتمنع ترسب الغبار والكاربون المنبعث
 من المعامل.
وفي ما يخص حرائق غابات الامازون التي اندلعت قبل اسابيع ستكون اضرارها كبيرة على المستقبل المناخي للكرة الارضية، لانها تجهز ما يقارب الـ 20 بالمئة من اوكسجين الكرة الارضية، واثبتت التحقيقات ان جزءا منها مفتعل وان هذه الحرائق الكبرى ستقتل الكثير من الحشرات والكائنات المفيدة للبيئة التي تشكل توازنا فعليا، وما حدث في غابات الامازون يشبه ما تعرض له هور الحويزة في العام قبل الماضي على الرغم من صغر حجمه بالمقارنة مع الغابات العملاقة لكنه اثر في البيئة المحيطة به بشكل واضح.
 
بيئة مهملة 
 
الباحثة في الشؤون النفسية والاجتماعية الدكتورة ناز بدرخان السندي بينت ان الحالة النفسية للانسان ترتبط ارتباطا مباشرا بالبيئة المحيطة به، فكلما كان محاطا ببيئة خضراء واشجار كلما قل توتره ومخاوفه وقلقه، ولكن الملاحظ ان البيئة في العراق تعاني من الاهمال الواضح وتحتاج الى التفاتة حقيقية من قبل الجهات ذات العلاقة، والامر لا يقتصر على الشوارع فقط بل يتعداه الى مؤسسات الدولة المهملة
 هي الاخرى.
 
الإعلام والتوعية
القيسي اكد ان التوعية المجتمعية من شأنها ان تكون الداعم الاساس للزراعة في البلاد وتشجيع التشجير فمن الضروري الامتناع عن قطع الاشجار والشجيرات لاي سبب كان، بل على العكس فلابد من الاهتمام بزراعتها وتوعية المواطن، فضلا عن ضرورة الاهتمام بالبيئة وعدم رمي النفايات داخل الانهار لان الملوثات التي فيها ستنتقل الى النبات والحيوان بصورة
 مباشرة، ويقع على عاتق منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الاعلامية الدور التثقيفي والتوعوي للمواطنين وكذلك المدارس والمعاهد والجامعات لا بد ان تقوم بدور حيوي من اجل النهوض بالواقع البيئي ومواجهة التغيرات المناخية التي فتكت بالبلاد في الاعوام المنصرمة، ولذلك قامت وزارة البيئة بحملة توعية للحفاظ على نظافة مياه الانهار لانها ستنعكس ايجابا على الزراعة والمنتوج الوطني الذي يحتاج الى الدعم
 والتشجيع.