د. باسم الابراهيمي
يكاد يتفق المراقبون على ان العالم على شفا ركود اقتصاي، الا انهم يختلفون في مدى قوته، فالبعض يرى انه سيكون اقل حدة من الازمة المالية العالمية الماضية فيما يرى اخرون انه سيكون اكثر تاثيرا، الاتفاق على حدوث الركود ناجم عن عدد من المؤشرات تأتي في مقدمتها الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الاميركية، فضلا عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) وتباطؤ النمو الاقتصادي في عدد من الدول، لاسيما الاوروبية والمانيا على وجه الخصوص التي انكمش اقتصادها منذ بداية هذا
العام.
تشير المعطيات التأريخية الى ان جميع فترات الركود الاميركية خلال نصف القرن الماضي سبقها انقلاب في منحنى الفائدة بمدة تتراوح بين (18 - 22) شهرا، ومع انقلاب منحنى اسعار فائدة سندات الخزينة الاميركية للمرة الاولى منذ العام 2007 فأن المستثمرين يشعرون بالقلق من اتجاه الاقتصاد الاكبر في العالم الى الركود بفترة قد تكون اقصر هذه المرة نتيجة لاسباب دولية اخرى، وبالتأكيد فان ذلك سينسحب على الاقتصاد العالمي بشكل مباشر، وكما يقولون اذا عطس الاقتصاد الاميركي فأن العالم سيصاب بالزكام وهذا التأثير يأتي نتيجة للحجم الكبير للاقتصاد الاميركي في التجارة والاستثمار والتمويل
الدولي.
بوادر الركود بدأت تظهر الان من خلال تراجع اسعار الاسهم في العديد من الاسواق المالية وانخفاض حجم الائتمان المقدم من مؤسسات التمويل فضلا عن تراجع اسعار المعادن الثمينة باستثناء الذهب الذي زاد الطلب عليه لما ترى فيه بعض الدول من ملاذ آمن لموجوداتها، وقد اكدت التقارير الصادرة عن المؤسسات الدولية هذه الاشارات، ففي حزيران الماضي صدر تقرير البنك الدولي وهو يحمل صورة متشائمة حول اداء الاقتصاد العالمي بنهاية العام 2019 إذ يتوقع ان يكون النمو بحدود (2,6 بالمئة) مقارنة بـ (2,9 بالمئة) في توقع سابق، ولا توجد اي مؤشرات على امكانية ان يتغير المسار لتجنب الركود، وان جميع الاجراءات التي تم اتخاذها حتى الان بما فيها تخفيض اسعار الفائدة (وهو الاجراء الاهم) يمكن ان تؤخر الركود لكنها لن تستطيع ان تمنع حدوثه، وفي ضوء هذه القراءة يبقى السؤال الأكثر اهمية بالنسبة لنا هو ما الذي يمكن فعله لتقليل الضرر المحتمل على الاقتصاد العراقي، لاسيما مع توقع تراجع اسعار
النفط؟