بغداد / الصباح / عمر عبد اللطيف
أعربت أوساط برلمانية وقانونية عن استنكارها الشديد للتقرير الذي بثته قناة "الحرة عراق" الفضائية مؤخراً بشأن المؤسسات الدينية في العراق، وبينما توعدت لجان نيابية مختصة برفع دعوى قانونية ضد القناة المملوكة للحكومة الأميركية؛ أكدت سفارة واشنطن في بغداد أنه "لا سلطة لوزارة الخارجية الأميركية على قناة الحرة" وان "من حق الحكومة العراقية الرد والمساءلة".
وذكرت لجنة الاتصالات والاعلام النيابية، في بيان تلقت "الصباح" نسخة منه أمس الأحد، أنها "تستنكر التقرير المسيء الذي بثته قناة الحرة واستهدفت فيه المؤسسات الدينية في العراق بغية التشويه والإساءة لسمعة هذه المؤسسات".
وأكدت اللجنة، "رفضها لتقارير كهذه، إعلامية كاذبة ومفتعلة ومن نسج الخيال والغاية منها تشويش الحقائق وضرب المؤسسة الدينية في البلاد"، مشيرة الى أن "هذا التقرير ينطلق من محاولات غير بريئة لضرب معتقدات العراقيين وتشويه سمعتها بكل صورة وبكل وسيلة".
وبينت اللجنة، "عزمها اتباع السبل القانونية مع قناة الحرة للتحقيق معها في القضاء العراقي بخصوص التقرير المشوه والمسيء"، داعية جميع وسائل الإعلام الى "ضرورة توخي الدقة وانتقاء المعلومات من مصادرها الرئيسة وعدم تبني خطاب التشويه والإساءة للمؤسسات الدينية والاجتماعية في العراق".
موقف برلماني
بدوره، طالب النائب عن ائتلاف صادقون وجيه عباس، هيئة الاعلام والاتصالات بإغلاق قناة الحرة ومكاتبها في البلاد بعد بثها تقريرا اعتبره "اعتداء صارخا على مقام المرجعية".
وقال النائب في بيان تلقت "الصباح" نسخة منه: "ونحن في محرم الحرام، تقوم قناة الحرة عراق بانتهاك حرماتنا ومقدساتنا بمسلسل مدروس عن طريق بث التقارير وإظهار بعض الوجوه مدفوعة الثمن والموقف ممن لا يملكون سوى دكاكين الفتنة المدفوعة اثمانها من قبل الأميركان أنفسهم"، بحسب تعبيره.
وأضاف عباس، أن "قناة الحرة التابعة في تمويلها وسياساتها الى وزارة الخارجية الأميركية بثت تقريرا يمثل اعتداءً صارخاً على مقام المرجعية الدينية بكل ما تمثل من قدسية لمجتمعنا العراقي، وهي لا تملك إلا حرية الإساءة لمعتقدات الشعب العراقي من خلال إثارة الفتن الطائفية وتحريك ذيولها".
واعتبر عباس، أن "قناة الحرة ليست مستقلة بل تمول من وزارة الخارجية الأميركية بشكل رسمي وتتبع في سياساتها سياسات وزارة الخارجية والدليل على ذلك أنها لم تنتقد السياسات الأميركية في العراق والمنطقة"، لافتاً الى أن "تقريرها الأخير هو دليل على سياسة جديدة لدى الإدارة الأميركية في استهداف العقائد والرموز الدينية لدى الشيعة والسنة".
خبير قانوني
الخبير القانوني حيدر الصوفي أكد في حديث لـ"الصباح"، أن "ما فعلته قناة الحرة في تقريرها المسيء للمرجعية مخالفة بموجب قانوني العقوبات والاعلام والاتصالات".
وأوضح الصوفي، أن "قانون العقوبات يحظر ويجرم الإساءة الى أي رمز من الرموز التي يحترمها الشعب العراقي ويقدرها سواء كانت اجتماعية أو دينية أو فنية، باعتبارها تمثل مؤسسات الدولة شبه الرسمية"، منبهاً الى أن "الرموز الدينية تعتبر محل احترام وتقدير لدى غالبية أفراد الشعب العراقي، وان الإساءة اليها أو إهانتها تعدان جرماً بموجب قانون العقوبات". وتابع، أن "قانون الاعلام والاتصالات الصادر من الإدارة المدنية وملاحقه وضوابط العمل الاعلامي التي صدرت من هيئة الاعلام والاتصالات؛ تنص جميعاً على عدم ارتكاب أي قناة تعمل في العراق أي فعل يسيء للرموز والمؤسسات أو الهيئات التي يرتبط معها الشعب بعاطفة وطنية أو إنسانية أو شعور ديني". وبين الصوفي، أن "تقرير قناة الحرة لا يسيء الى أشخاص، وإنما لمؤسسة كاملة وعدم احترامها وتقديرها، يعد ماساً للشعور الديني لأفراد الشعب العراقي ومخالفا لقانوني الاعلام والعقوبات"، مؤكداً ان "ما فعلته قناة الحرة يعد مخالفة بموجب هذين القانونين، ويحق لهيئة الاعلام بموجب القانون الصادر من الادارة المدنية غلق القناة ومكاتبها لفترة معينة أو لطول الوقت ويحق لرئيس الوزراء أن يأمر بمصادرة أجهزتها وغلق مكاتبها".
وألمح الخبير القانوني الى أنه "في حال رفع دعوى قانونية، يمكن للقناة مراجعة القضاء للطعن بقرار هيئة الاعلام من خلال الهيئة القضائية الخاصة بقضايا الاعلام، إذ تتلقى الطعون خلال 30 يوماً من القرار الصادر من الإدارة"، موضحاً انه "يحق للمدعي العام في العراق أن يحرك الشكوى الجنائية على كل عراقي أسهم في هذا التقرير ويحيله وفق القانون على المحاكم المختصة لإهانته وعدم احترامه أو المس بالرموز الدينية والاجتماعية أو المؤسسات التي تكون محل اعتبار لغالبية أبناء الشعب".
بيان السفارة
في المقابل؛ علقت السفارة الأميركية في بغداد أمس الأحد على محتوى قناة "الحرة" التي تبث للعراق تحت مسمى "الحرة عراق"، بعد يوم على بث تحقيق يتهم "المؤسسات الدينية العراقية" بالفساد.
وذكر بيان للسفارة تلقته "الصباح"، أن "وزارة الخارجية لا تملك سلطة رقابية على محتوى (قناة الحرة) التي تتناول بشفافية وحيادية، القضايا المهمة في المنطقة والسياسات الأميركية، مع الحرص على عرض كافة وجهات النظر بشأن القضايا التي تهم المتابعين".
وأضافت السفارة، أن "وزارة الخارجية والسفارات الأميركية حول العالم لا تملك سلطة رقابية على محتوى البرامج في (الحرة)"، وأشارت إلى أن "للحكومة العراقية حق الرد ومساءلة (الحرة) على أي تقرير ترى أنه تضمن معلومات غير دقيقة أو بعيدة عن المهنية، أو تتعارض مع السياسات الأميركية".
يذكر أن "قناة الحرة عراق" بثت أمس الأول السبت ضمن برنامج "الحرة تتحرى"، تحقيقاً عما أسمته "الفساد في المؤسسات الدينية في العراق"، حمل عنوان "أقانيم الفساد المقدس في العراق".