لم يكن العراق غائبا هذا العام عن مهرجان «مغرب الحكايات الدولي» في نسخته السادسة عشر في العاصمة المغربية الرباط، الذي احتفى بالمرأة كشعار وعنوان لمادته ومحور جميع الحكايات والندوات العلمية حولها. إذ رفع العراق علمه بين اعلام الدول المشاركة في المهرجان.
هذا المهرجان يهتم بالموروث الشعبي الشفهي، الذي يتميز باهتمامه الكبير بالحكواتيين الشفويين وعلماء الفلكلور والادب الشعبي الشفوي. فالحكاية لم تعد مجرد قصة تقليدية مؤثرة، وتتناول الاشخاص من ذوي الطبائع الخارقة. او الاحداث الخيالية المثيرة لدى الشعوب, وانما اصبحت رمزا يمكن عن طريق التوغل في دراستها للكشف عن الجانب المستتر من التطور العقلي لدى تلك الشعوب، لذلك اهتم علماء الفلكلور والأدب الشعبي في اوروبا في منتصف القرن الميلادي الماضي بدراسة عاداتها وتقاليدها وطقوسها واساطيرها وفنونها. وما يجري على الالسن من أغان وامثال وحكايات شفوية. والاهازيج. ويرجع كل معرف من هذا الادب او الفنون الشعبية الشفوية تعريفه الى الاصول التي تنتمي لمنهجه في التحليل. ان كان اجتماعياً ام نفسياً أم غير ذلك. ورغم ان الاوربيين اهتموا بهذا الجانب متأخراً إلّا أنّ «الحكواتي» ظهرت مهنة (باسم «القصخون» ، إذ وصل الحكواتي البغدادي الى بلاد الاندلس، ولكن شهرته زادت عند سيطرة العثمانيين على العراق، بعد تراجع المجالس الأدبية التي كانت منتشرة طيلة حكم الدولة العباسية، وفقا للمهتمين بالتراث البغدادي). ورغم اختفائها في بغداد ووجود ابو تحسين الذي يعد اخر حكواتي بغدادي، الا اننا نجد مدن مملكة المغرب تتميز بالاهتمام بهذا الفن الشعبي العريق، حيث للحكواتيين اماكن تتمحور في الساحات العامة وفي الاماكن العتيقة وهناك مجالات واسعة تحتضن الحكاية مثل الاسواق الاسبوعية والمواسيم ولقاءات الاسرة، وخاصة في ساحة الفنا وسط مدينة مراكش، فالحكاية المغربية نجدها في كل مكان. وقد تطور فن الحكاية الى درجة انه شغل العلماء والكتاب وأصبح يناقش في الجلسات العلمية والدراسات الأكاديمية، ثم تطور الاهتمام به لدرجة انهم بدؤوا ينظمون مهرجانات دولية لغرض تدوين الحكايات الشفهية وجمعها من كافة ارجاء المعمورة.
من أهم هذه المهرجانات هو مهرجان «مغرب الحكايات الدولي» والذي تنظمه جمعية لقاءات للتربية والثقافات الذي يقام في الرباط في بداية تموز من كل عام ويستمر لمدة أسبوعين. ففي الاسبوع الأول يشارك في جميع مدارس الرباط إذ يتنافس طلابهم على لقب اصغر حكواتي في المغرب. فضلا عن مشاركة أكثر من ثلاثين دولة في الاسبوع الثاني لإحياء التراث الفني والثقافي الشفوي لبلدانهم, فضلا عن الفرق المحلية، أما العراق فكان له حضور هذا العام بين هذه البلدان، ومشاركته كانت في الندوة العلمية إذ قدم الباحث العراقي ليث عبد الغني مداخلة عن المرأة السومرية في الأساطير، وقد رفع العلم العراقي وسط تشجيع كبير من الجمهور المتعطش للفن والحكايات العراقية.
اهتمت الوزيرة المغربية السابقة د.نجيمة طاي طاي غزالي بهذا الجانب من الفن والادب واسست هذا المهرجان قبل ستة عشر عاماً بدعم من الدولة ومؤسساتها لتكون الرائدة هذا اليوم بجمع الحكايات الشفهية من جميع ارجاء المعمورة لغرض ارشفتها ودراستها. وهذا الجهد الادبي والفني الكبير ساعد في مد الجسور الانسانية بين حكواتيي العالم، والحفاظ على مجموعة هذه الثروة الثقافية للانسان في «علمه» و «فلسفته» و «دينه» و «سحره» و « اجتماعياته»...
واكد المخرج المسرحي ليث عبد الغني الذي مثل العراق في حواره مع جريدة «الصباح» بأنّه يطمح أن يكون العراق في المستقبل ضيف شرف لما لاقاه من ترحيب ومشاعر طيبة من قبل الجمهور المغربي بشكل خاص والعربي بشكل عام، لان المهرجان يختار كل عام ضيف شرف يقدم عروضا استثنائية خاصة، وكانت جمهورية اندنوسيا هي ضيف الشرف لهذا العام، وقد حصل العراق على درع من سفارة اندنوسيا تكريما للمشاركة فضلا عن درع
المهرجان.