دور الإعلام في ترسيخ السلم المجتمعي

العراق 2019/09/03
...

وجدان عبدالعزيز
 

حين التحدث عن ترسيخ السلم المجتمعي، نلاحظ هناك مطابخ تتصاعد منها ابخرة المحبة والتعايش والتسامح، تقابلها اخرى تفوح منها ابخرة الكراهية والطائفية والعنصرية، ومنها اجهزة الاعلام، فكيف للإعلام ان يكون حرا ويبادر في صناعة السلم المجتمعي؟ الحقيقة الناصعة في هذا الجانب هو ضمير الصحفي الوطني والانساني المُغذى بالتربية، ثم قدرته على توجيه كلمته او وسيلته الاعلامية في نشر التسامح والمساواة بين جميع افراد ومكونات المجتمع، 

وبهذا يكون الاعلامي ووسيلته جسر التواصل لصناعه التعايش، والعكس هو المغاير للحقيقة، فبات واضحا ان هناك ابواقا تنشد التعايش، ولكن في الخفاء نجد ان مطابخ اعلامهم تعج برائحة الكراهية والاقصاء والتمييز اعوذ بالله، وهنا نبدأ نحاكم الماضي واجراءاته الخاطئة في تغذية ثقافة الفرقة، كما فعلتها الدكتاتورية السابقة، وقبلها شعار المستعمر «فرق تسد»، لاسيما التعبئة والتوجيه للمجتمع، نحو الحرب  خلال حقبة الدكتاتورية، حتى تحولت هذه التعبئة الى ثقافة يستوجب ان تكون هناك فترة لتغييرها، لكن علينا الاتفاق، كي نبدأ ببناء مستقبل جديد مؤسس على السلم المجتمعي والتسامح والمساواة، ان نبدأ من الان تغيير الثقافة المجتمعية ايجابا نحو التعايش وبخطوات متدرجة، اذ لاحظنا تغييرا ايجابيا في الخطاب الاعلامي في وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة نحو التعايش والوحدة الوطنية، حتى وان كانت النوايا سيئة، فاتجاه البناء الديمقراطي والوعي الشعبي، جعلت كل وسائل الاعلام تتحدث بهذا.. اذن علينا توسيع الاعلام الذي يدعو للسلم المجتمعي، متضمنا تسليط الاضواء على نقاط الالتقاء بين جميع الاطراف، ومحاولة ابراز وجه الحرب القبيح وايجابيات التعايش، وهذا دور وطني مهم في توسيع الوعي للسلام والمحبة والتعايش، ورغم اهمية هذا الدور الوطني، الا ان  ذلك فقط ليس كافياً لصناعة التعايش، بل يستلزم ان تكون هناك جهود ايجابية من قبل المنظومة الدولية المتمثلة في الامم المتحدة لحث الاطراف على تحقيق التعايش، وتقديم الدعم الفني والعلمي لتحقيق هذا، وكما في مجتمعنا العراقي الان وتجربته الديمقراطية الدستورية الفتية، التي تشوبها الكثير من المعرقلات، علينا التوجه في ترسيخ الخطوات التالية: اولى الخطوات هو تعليم الناس ما هي الحقوق والحريات المشتركة، والتي يمكن احترامها، وتعزيز حالات حماية الاخرين، وهذه الضرورة تبدأ بمناهج التربية والتعليم، والتي من شأنها أن تعالج المصادر الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية من تفادي التعصب واجتثاث الجذور الرئيسة للعنف والاستبعاد، ويجب أن تهدف التربية الى تعميق مقاومة تأثير العوامل المؤدية إلى الخوف من الآخرين واستبعادهم، وهذا الدور التربوي والتعليمي يجب تغذيته بالدور الاعلامي الايجابي، أي ذلك الاعلام الذي تسلح بثقافة التسامح وثقافة التعايش، وانه قد تركز على ابراز عوامل التوافق والتعايش الوطني والمجتمعي، ثم تغذية الوعي العام والتأكيد على مخاطر التعصب والتفاعل مع تجديد الالتزام، لأن العمل في دعم تعزيز التسامح والتعليم أمر بالغ الأهمية.