الانطباع الأول

ثقافة 2019/09/03
...

جاك اليسوب
 
ترجمة /سهير عبد الجبار احمد
"ثمة شخص ما جاء لمقابلتك، سيد هيدلي" . 
’من هو؟ و ماذا يريد؟          
’يقول إنه سيوضح ذلك عند رؤيته لك . 
’أخبريه أن يحجز موعدا.      
’يقول إن الأمر عاجل، يا سيد هيدلي."
"أوه , ارسليه ألي اذن. "
كان الغريب رجلا غليظ البنية . قد يكون لاعب ركبي* . ما أن نطق  أولى كلماته حتى شعر السيد هيدلي بالذهول. فقد قال  ’إن اول شيء الحظه عن أي شخص هو حذائه، يا سيدي.
"ماذا؟"
قال الرجل الغريب "تستطيع معرفة الكثير عن شخص ما من خلال حذائه."
’دعني اوضح لك الامر. يقال إن الانطباع الأول هو الأهم . ماذا تلاحظ عند لقائك بشخصٍ أول مرة , يا سيدي ؟
’انظر, انا رجل لديه مشاغل كثيرة .ماذا تريد بالضبط؟
’انا الحظ الاحذية . و انت ماذا تلحظ يا سيدي ؟
لربما كان مجنونا . حسب هيدلي أنه من الافضل الاجابة على سؤاله.
’أوه, انا لا اعلم . لربما مظهره او ملابسه أو الطريقة التي يتحدث بها . في الواقع لم يسبق لي التفكير في هذا الامر .
’المظهر؟ هل تعني أن الأناس القبيحين هم اناس سيئون؟
"حسناً، كلا، ما أعنيه هو...."
’اما بالنسبة لطريقة ارتداء الناس لملابسهم، يا سيدي. فالأزياء تتغير بسرعة. ولن تعرف قط فيما اذا كنت تنظر الى دار الازياء الأصلي أو منتج رخيص مقلد لمصنع ما.’
نظر هيدلي الى بدلة الغريب. كان لونها ازرق قاتماً وكانت انيقة ومألوفة. 
قال السيد هيدلي ’حسنا, انا اوافق ,لكن ثمة شيء واحد لا يستطيع الناس تغييره هو طريقة تحدثهم,
"وبالتالي, اذا اتاك شخص ما للحصول على وظيفة. ولدية لهجة محلية قوية, ماذا يعني ذلك
 لك؟"
’انا اتكلم عن التحدث بنحو صحيح .أنت تعرف, اعني القواعد, وما الى ذلك. فانا لا استطيع تحمل الناس الذين يقولون اشياءً مثل ’لو كنت قد عرفت...’ او’ بينك وبيني...’ 
’اذن أنت بالتأكيد لن تستطيع تحمل العديد من الناس حولك! 
قال السيد هيدلي" لكنك تقول إن أفضل طريقة للحكم على شخص ما هي من خلال النظر الى حذائه, ذلك يبدو أكثر جنونا."
لم يكن بقدرة هيدلي كبح جماح فضوله. كان يريد الاصغاء إلى ما كان الرجل يريد قوله. خامرت هيدلي تساؤلات كثيرة بشأن  حذائه. ترى ما الذي كانت تقوله للرجل؟ هل شكلها جيد؟ ماذا عن جودتها؟ كان هيدلي يلمع حذائه كل صباح, لكن قد تكون هناك بقعة من الوحل عليه. كان يأمل الا ينظر الرجل الى حذائه، لكنه فعل!
 قال الرجل "لنأخذ حذائك مثالاً،  يا سيدي. أظن أنك تملكه منذ خمس سنوات. جلده ونوعيته ممتازة. فيه أربطة وهو ليس من نوع الاحذية الرياضية. وانت تحافظ عليها في حال جيدة ."
فسأل هيدلي’ وما يقول ذلك لك عني؟’ 
بدأ هيدلي يشعر بالانزعاج من الرجل.
أجاب الغريب ’اظن أنك رجل تحب عمل كل ما في وسعك، فأنت تعتني باشيائك. كما أنك لست كسولا إضافة لكونك رجل مشغول على الدوام...’ توقف برهةً ثم أضاف: ’أنت رجل شديد الحذر.’ 
ربما" قال هيدلي بينما كان الشعور بعدم الارتياح يتسرب شيئاً فشيئاً إلى نفسه. والآن, دعني اخبرك ما الذي يمكن لحذائك قوله عنك .
فنهض لينظر. كان الرجل يرتدي حذاءً طويلاً وثقيلاً أسود اللون، ملمع بعناية بالغة لدرجة تستطيع معها أن ترى انعكاس وجهك عليه. و قد بدا كالأحذية التي يرتديها الجنود أو رجال الشرطة...  تنهد هيدلي "أوه, شرطي, كنت أتوقع زيارة منكم عاجلا أم اجلا. افترض، كما تقولون: "إن اللعبة قد انتهت". ’اخشى ذلك, سيدي. سيتوجب عليك المجيء معي الى مركز الشرطة للإجابة عن بعض الاسئلة حول اختفاء مبالغ كبيرة من المال من الحساب المصرفي لهذه الشركة .’بحذاء أو من دونه, وفي عرف الرجال الحذرين، فإن السيد هيدلي لم يكن حذراً بما فيه
 الكفاية . 
 
*القصة مأخوذة من مجموعة قصصية بعنوان  الايام السعيدة وقصص قصيرة جداً أخرى  للكاتب البريطاني جيك اليسوب وصادرة عن مجموعة بنغوين للكتب في عام 1998. كتب اليسوب عدة مجاميع قصصية غلب عليها التنوع في الموضوعات والشخوص والجزالة في اللغة، وكانت غايته منها تشجيع الطلاب على القراءة وتطوير معرفتهم باللغة الانكليزية عن طريق حل التمارين الملحقة ببعض من هذه المجاميع.