افاد تحليل نشرته "بلومبرج فيو" أنه بالرغم من ضعف زخم الاقتصاد وتقلب الأسواق المالية، فإن ثاني أهم بنك مركزي -المركزي الأوروبي- كرر عزمه على وقف ضخ السيولة المالية لدعم نشاط الاقتصاد وأسعار الأصول.
تقييم ستراتيجيات الاستثمار
تتم ترجمة التغير في هذا العامل العالمي إلى تقلبات ملحوظة في الأسواق، ما يتطلب تقييم ستراتيجيات الاستثمار ويستدعي إقرار تدابير تعويضية داعمة للنمو الاقتصادي من جانب العديد من الدول بشكل منفرد.
وأعلن البنك المركزي الأوروبي في 25 تشرين الأول الماضي ، أن مجلس المحافظين لا يزال ينوي وقف مشترياته الواسعة من الأصول والمعروفة ببرنامج التيسير الكمي في نهاية العام الجاري، وسط اعتراف المسؤولين بقائمة متزايدة من التهديدات أمام اقتصاداتهم.
حالة عدم اليقين
في المؤتمر الصحفي الذي أعقب قرار المركزي الأوروبي بتثبيت معدل الفائدة، قال ماريو دراغي رئيس البنك: إن هناك مخاطر تتضمن حالة عدم اليقين بشأن النظام التجاري، والضغوطات بالأسواق الناشئة، والتطورات السياسية، وما يتعلق الموازنة بين إيطاليا والاتحاد الأوروبي.
وعبر توضيح دراغي أن مهام المركزي الأوروبي لا تتضمن تمويل العجز المالي الحكومي، فإنه يؤكد على رسال ضمنية وهي أن الحكومات والأسواق لا يمكنهما الاستمرار في الاعتماد على ضخ سيولة كبيرة ومنظمة لتعويض مشاكلهم الشخصية.
وتعزز إشارات المركزي الأوروبي نظيراتها التي يرسلها بنك الاحتياطي الفيدرالي منذ فترة، فبالرغم من الضعف في سوق المنازل والذي يعتبر مؤشراً تاريخياً للاتجاهات الدورية للاقتصاد الأمريكي.
زيادة معدل الفائدة
بغض النظر عن شكاوى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فإن قادة مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي مستمرون في عدم ترك أي مجال للشك بخصوص عزمهم زيادة معدل الفائدة وخفض ميزانية البنك.
وعلاوة على ذلك فإن أعضاء الفيدرالي حالياً -بعكس سابقيهم- هم الاقل انجذاباً للجوء إلى الكلمات التي تسهم في تهدئة الأسواق غير المستقرة.ويجب أن يكون تصاعد حالة عدم اليقين داخل الأسواق أمراً غير مفاجئ، حيث إنه واضح منذ فترة فيما يتعلق بالسياسة النقدية الاستثنائية والتي تنتهي الآن بشكل تدريجي أن السياسات غير التقليدية للبنوك المركزية كانت تهدف إلى كبح التقلبات كوسيلة لتعزيز النشاط الاقتصادي. كما أن البنوك المركزية كانت واضحة ومصرة بشأن عزمها الخروج من تلك المرحلة وقتما تسمح الظروف الاقتصادية.
تنفيذ إصلاحات هيكلية
من شأن التنفيذ المستمر لفترة طويلة للسياسات النقدية غير التقليدية أن يتمخض عن مزيد من التقلبات الاقتصادية والمالية، بالنظر إلى أن عدد اللاعبين في السوق الذين قللوا من مخاطر السيولة في قطاعات معينة، والحكومات التي كانت بطيئة في تنفيذ إصلاحات هيكلية داعمة للنمو. ومع حقيقة غموض نتائج التخلي عن هذه السياسات غير التقليدية، فإنها سوف تعتمد بشكل أساسي على النظام والشمولية المتعلقة بالانتقال إلى اقتصاد أفضل وأساسيات الشركات إلى جانب البقية من تقنيات السوق.
وهذا التحول يصبح أكثر غموضاً بسبب الأداء الاقتصادي المتباين في الدول المتقدمة، إلى جانب عدم اليقين بشأن السياسة التجارية، كما أنه سيتعرض لاختبار من عاملين.
الاختبار الأول سيكون عبر الأداء المالي للمؤسسات المقبلة على تحمل المخاطر، والتي ظهرت بقوة في الفترة السابقة التي اتسمت بتوافر السيولة.
أما الاختبار الثاني فيبرز من خلال مدى استخدام بعض الحكومات والشركات فترة معدلات الفائدة المنخفضة لزيادة الديون والسماح بظهور حالات عدم تطابق مفرط في العملات.
حساسية الاسواق والاقتصادات
الرسالة إلى الحكومات والشركات والمشاركين في السوق واضحة وهي: البنوك المركزية جادة جداً بشأن الابتعاد عن مقاومة التقلبات السوقية وذلك الإجراء من الممكن أن يصل إلى "الكتلة الحرجة" مع حقيقة أن الأسواق والاقتصادات أصبحت الآن أكثر حساسية تجاه نهاية التيسير الكمي ومعدلات الفائدة المنخفضة.
والاقتصاديون والمشاركون في الأسواق يحتاجون إلى الاستعداد إلى مناخ من تزايد حالة عدم الاستقرار، حيث إن السياسة النقدية تنتقل بعيداً عن التدابير غير العادية والتجريبية إلى أخرى أكثر تعارفاً عليها.
وهذا التغيير قادر على أن يضع كل من الاقتصاد العالمي والأسواق على أساس أكثر صلابة على المدى الطويل، لكن يتطلب أيضأ تعديلات في الوقت المناسب لكلاهما وإلا من الممكن أن يفسح ذلك المجال إلى المعاناة من الأسوأ.