قلق وكوابيس مع بدء الموسم الدراسي الجديد

اسرة ومجتمع 2019/09/13
...

بغداد/ مآب عامر 
“لقد تمزقت صدرية المدرسة التي كنتُ أرتديها أثناء الحديث مع مجموعة من زميلاتي داخل ساحة المدرسة.. بداية كنت سعيدة، ولكن حين انتبهت لهذا الشق شعرت بالخوف والرغبة بالبكاء”، بهذه الكلمات حاولت ربا أنْ تسردَ الكوابيس والأحلام التي بدأت تراها عند النوم مع اقتراب العام الدراسي الجديد.
وتتابع ربا الحديث عن منامها، وتقول: “فجأة، وجدت نفسي أوبخ من امرأة لم أر ملامحها جيداً داخل الصف، وكأنَّ الشق الذي حدث في صدريتي كان مفتعلاً مني”.
بالإضافة لقلق النوم ورؤية الكوابيس، تشعر ربا أيضاً بالخوف نظراً لأنَّ دراستها القادمة ستكون في الصف الثالث متوسط، ولكنها تقول: “على الرغم من أنَّ حالتها هذه تكون مع اقتراب كل موسم دراسي، إلا أنَّ هذه المرة أكثر بكثير، وهنا تكمن الصعوبة”.
تعاني ربا (١٥ عاماً) كمعظم أقرانها الطلبة من مخاوف السنة الدراسية الجديدة، وعلى الأخص، طلبة المراحل المنتهية وما تحمله من صعوبات على صعيد المنهاج الدراسي، وأخرى تتعلق بعلاقاتهم مع المدرسين.
 
الأسعار والموديلات
ورغم الحماس الكبير الذي يتمتع به الكثير من الطلبة تجاه العام الدراسي الجديد، إلاّ أن الشعور بالارتباك أيضاً لا يفارقهم، كما هي الحال مع غدير سالم (١٦ عاماً) التي تمر بحالة من الترقب والقلق، فضلاً عن رؤية بعضٍ من هذه الكوابيس في منامها، ولكنها لا تبالي، وتقول إنه: دوماً ما تكون حالتي بهذا الشكل خلال فترات الامتحانات، وخاصة امتحانات “البكالوريا” فخلال أيامها كنت أعاني من الكوابيس حتى نهايتها وحصولي على الشهادة.
غدير تعتقد أنَّ معاناتها أحياناً لا تتوقف عند النوم المزعج، بل قد تتزايد أيضاً عند شعورها بعدم الراحة وخاصة عندما لا تستطيع الاستعداد بشكل مناسب للمدرسة وشراء ما تحتاجه من لوازم مدرسية، وتضيف بقولها: “عندما لا أجد الملابس المناسبة لي من حيث الأسعار والموديلات، أفضل استخدام ملابسي القديمة الخاصة بالعام الماضي، فتطغى علي مشاعر الاستياء وعدم الراحة، وأرى في النوم أحلاماً مزعجة وكأنني أذهب لشراء ملابس للمدرسة وتضيع أموالي أو تضيع الملابس نفسها”.
 
التفوق والنجاح
وكانت زهراء كاظم، وهي طالبة تستعد الآن للانتقال لمرحلة الثالث متوسط، ينتابها القلق أيضاً من المرحلة الدراسية القادمة، وتقول إنها لم تستغل العطلة الصيفيَّة مثل زميلاتها في المشاركة بالدروس الخصوصية لمناهج الثالث المتوسط.
إذ يركز طلبة الصفوف المنتهية خلال العطلة الصيفية على دراسة المناهج كاملة قبل الالتحاق بالموسم الدراسي الجديد، وهي طريقة اعتادت عليها غالبية الأسر العراقيَّة لكي تضمن نجاح أبنائها وحصولهم على درجات مرتفعة تؤهلهم لتحقيق طموحاتهم في التفوق والنجاح.
وهو ما يجعل زهراء (١٥ عاماً) تخشى من الموسم الدراسي الجديد، وتضيف: “بداية العطلة لم أشعر بهذا القلق، ولكن مع انتهاء العطلة واقتراب الموسم الدراسي بدأ قلقي يتزايد ويؤثر في حالتي”.
 
القلق النفسي
وترى الدراسات ومصادرها العلمية أنَّ “الذين يمرون بفترات تخضعهم لامتحانات دراسية يواجهون خلال النوم بنفس المرحلة هلعاً وضغطاً كبيرين ولكن بتفاصيل مختلفة نوعاً ما”.
وترتفع حدة التوتر عند الطلبة وخاصة الفتيات مع اقتراب حلول العام الدراسي الجديد، بحسب الخبيرة بعلم النفس الاجتماعي الدكتورة بشرى الياسري في إشارة إلى أنَّ أيام العطلة الصيفيَّة التي ستنتهي قريباً كانت تبعدهم قليلاً من الاحتكاك اليومي بالمدرسة والدراسة والمدرسين وربما حتى الطلبة.
ومع اقتراب الموسم الدراسي، تعتقد الخبيرة أنه ليس لدى الطلبة غير الاستعداد الذي يفسح المجال لكل ما مرَّ به هؤلاء خلال العام الماضي من مواقف وذكريات، ولأنَّ الكثير منهم قد واجه بعض الصعوبات سواء بتقبل مادة الدرس أو بمواقف ليست جيدة أو بمشكلات معينة مع المدرسين أو حتى مع الطلبة، فإنَّها القلق النفسي يبدأ في التسرب بحياتهم اليومية، وقد يظهر خلال فترات النوم على شكل مطاردات أو مشاجرات أو معاناة وغير ذلك.
وتذهب الخبيرة إلى بيئة الطالب أو الطالبة وكذلك نشأتهما في أسر تحاسب وتعاقب على الإخفاق في الدراسة حتى لو كان بسيطاً، أو عندما تكون المعدلات الدراسيَّة غير جيدة بقسوة وبتعنيف كبيرين كالضرب والشتيمة وربما قد تصل الأمور إلى الحرمان من الأشياء التي يحب الطالب ممارستها والاحتفاظ بها كهاتفه النقال أو الجلوس مع أقرانه أو منعه من المصروف المالي.
وتضيف “هذه السلوكيات المتعبة من الآباء في تربية الأبناء خلال مراحلهم الدراسية تتيح للطلبة في عدم قدرتهم بصورة طبيعية من دون شعورهم بالقلق والتوتر حيال اقتراب الموسم الدراسي، لأنهم يعرفون مسبقاً العقوبة التي تنتظرهم في حال اخفاقهم بالدراسة أو عند مواجهة بعض المشكلات الدراسية”.