التشريعات المعطلة ودعم المحافظات

آراء 2018/11/11
...

وليد خالد الزيدي
الإدارة طراز من النشاط الجمعي المنظم لتنفيذ السياسات الخاصة بحياة المجتمع في أي بقعة من الأرض، لذا فهي وفقا لهذا التعريف لم تعد من مستحدثات الزمن المعاصر، لكونها كانت من المظاهر الأساسية للمجتمع البشري في بداياته الأولى، حيث تمتد إلى جذور التاريخ العالمي القديم والعراق كان من بين المجتمعات القديمة التي عرفت أساليب التنظيم الإداري على بساطتها، لكن الجديد في الإدارة اليوم، هو ثورة المعلومات وتعقيدات الحياة وتشعب مفاصلها التي جددت أهدافها وطورت وظيفتها في أساليب تنظيمها، الأمر الذي أدى إلى تغيير نمط إدارة الدولة في الحفاظ على وضعها القائم وتجسيد تلك المتغيرات وتنوع وظائفها واتساع رقعة نشاطاتها.
من اجل تنظيم تلك الوظائف وتسيير هذه الأنشطة لابد من السير بمبدأ الـ"لا مركزية"في الحكم حيث تتوزع السلطات بين الأجهزة الإدارية من المركز إلى هيئات مستقلة تعمل في وحدات محلية وبمقتضى هذا الأسلوب يقسم البلاد إلى هيئات محدودة في الحكم وإدارة شؤون الناس،غير إن المسألة في العراق يجب أن تكون ذات رؤية خاصة في ظل أهمية تفعيل منظومة دقيقة لموضوعة"الشفافية"التي يفترض أن تكون مسألة بديهية بين المركز والوحدة الإدارية الأصغر(المحافظة أو الإقليم) وفي ضوئها ،تعم فائدة تفعيلها على جميع مواطنيها استنادا الى سلطة القانون وروح الدستور.
ولابد من التأكيد في تلك المسألة على دعوة السيد رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح خلال لقائه وفد محافظة ذي قار مؤخرا بضرورة تفعيل القوانين والتشريعات المعطلة ،التي تتكفل بدعم اللامركزية الإدارية في العراق وإطلاق صلاحيات وتخصيصات المحافظات وتفعيل أسس التعاون بين جميع شركاء العملية السياسية ،لتكوين حكومة مركزية قوية قادرة على تعزيز دورها في التطور والنماء وحكومات محلية لها إمكانيات فاعلة لخدمة مواطنيها.
وتعد الإدارة المحلية من بين الخطوات التي تشكل أولى طرق الحكم المحلي ،كما انها تشكل جزءا من نظام الحكم المعاصر الذي لا يمكن فصل إطرافه، شريطة أن تكون فعالة لتطوير المجتمع وتحقيق حاجات أفراده،حتى تكون مخططا طويل المدى ينمي الحكم الرشيد.وهذا ما يمكن الاستفادة منه في وضع ستراتيجية ناجحة لدولة نامية يمكنها أن تطبق نظاما متقدما للحكم.
وهناك جملة ركائز لإنجاح تلك العملية في العراق،منها أولا: وجود إدارات لوحدات مستقلة ذات تخصصات فنية وإدارية تعمل على تعزيز قدرتها على زيادة الإنتاج أو تقديم خدمات جليلة للسكان وتمثل المصالح والحاجات الضرورية لأهلها، ثانيا: تكون منتخبة بشكل حقيقي ديمقراطي يستند الى إرادة ومعرفة الجمهور بنزاهة ممثليه في المحافظة، ثالثا: أهمية جود رقابة وإشراف من جانب السلطة المركزية على تلك الوحدات ومتابعة أنشطتها وكيفية تنفيذ مهامها،حتى تصل إلى مستوى طموح أبنائها والغاية من تجسيدها رابعا: تطوير واقع المحافظات من خلال التوزيع العادل لثرواتها عليها وعلى بقية محافظات البلاد، لاسيما في المجالات الاقتصادية وحل مشاكل سكانها المعيشية وإكمال المشاريع المعطلة وتنفيذ الجديد منها، لكي تعجل في انطلاق أسس تطويرها وبالتالي تفعيل أسباب التنمية الوطنية الشاملة في عموم العراق، فكل تلك الأمور إذا ما أردنا أن نراها بشكل جلي بحاجة إلى تفعيل التشريعات الخاصة بها والتي جاء بها الدستور والقوانين التي أقرت من قبل مجلس النواب في الدورات السابقة.