النساءُ في عالم الأبراج .. فضولٌ وتسلية ٌ واعتقاداتٌ

ريبورتاج 2019/09/21
...

كربلاء/ زهراء جبار الكناني
السعي وراء كشف الغيب، وما تخبئه الأقدار عادة لا تفارق الكثير من النساء منذ الازل, وغالبا ما يتحول البحث عما ينطوي عليه المستقبل من هاجس الى هوس، يدفع بالكثيرات الى متابعة ما تقوله الأبراج في صفحات الصحف او المجلات أو على مواقع التواصل الاجتماعي ليقرأن محتواه بيقين كامل، وفي ما يشكل هذا لبعضهن محاولة للتوافق مع خريطة طريق مفترضة، وهو استعداد مسبق لما قد يحدث، يرى الكثيرون ان هذا ليس أكثر من انسياق وراء ترهات تقترب من المحرمات، وتقول أم مؤمل وهي ربة بيت:
 انا اعشق قراءة الطالع كما اراه مقاربا لأفكاري جدا, إلا ان هذا لا يعني اني اؤمن بانه سيحصل ما يضمره لي, فالمستقبل هو من الاسرار الالهية واكدت انها تتابع  قراءة الابراج  للتسلية لا غير. 
 
هوس نفسي
وتقول نور مكي  الحسناوي ماجستير علم النفس واستشارية من مركز الارشاد الاسري في كربلاء المقدسة:
يحاول علماء النفس تبديد الاوهام التي يطرحها علماء الفلك لمدى تعلق بعض النساء والرجال بهذا الجانب, اذ يعد ارتباطهم به هوسا نفسيا او فضولا نسويا, فكل شخص يتمنى ان يتعرف على ما يضمره مستقبله او حتى يومه, وهو على يقين بان هذا الشيء مستحيل, فنجده يبحث عن اي وسيلة تملي رغبته الجامحة تلك, فتعلق حواء بقراءة طالعها انما هو فضول, حاله كحال قراءة وصفات التجميل , واعلانات الازياء.
واضافت أنه تم تناقل اعتقادات الاقدمين وتفسيرهم لظواهر الفلك والتنجيم في عصور لم يكن هناك وجود وسائل للقياس والرصد , اما الان فتستخدم في علم الفلك هذه الابراج كعلامات جغرافية ومساحية للدلالة والتأشير على مواقع النجوم والمجرات.
وتابعت الحسناوي:  يتوجب على كل شخص لديه المام بعلم الفلك ان يطور موقفه الشخصي المستقل تجاه التنجيم, اذ يبدو واضحا الآن اننا لا يمكن احترامه كعلم او كدين, ولكنه خرافة مؤذية كامنة, ان كوننا ملاذا كبيرا وانيقا وطاقته اكبر من كل القوى تلك التي يوهمنا التنجيم في تفسيرها، وربما يمكننا ان ننظر اليه كتعبير عميق وقديم لاحتياجاتنا الانسانية لتصديق ان حياتنا لها معنى خارج احداثها اليومية. 
 
تسلية ومرح
وتقول الطالبة الجامعية فاطمة الموسوي:
 لا يخفى على أحد أن قراءة الأبراج والتوقعات من الأشياء التي تمارسها أغلب النساء في معظم الأيام, وأنا منهن أحب القراءة للتسلية والمرح لا أكثر، قد تحصل مشكلة إذ اعتمدت المرأة عليها وصدقتها فإنها ستتخذ القرارات المصيرية بناء على توقع ذلك اليوم مما يسبب لها سوء الاختيار، ويكرس فيها انعدام الشخصية, إذ إنها لا تعتمد على قلبها او عقلها في اختيار القرار، وبرأيي الشخصي لا صحة لما تقوله الأبراج إذ لا يمكن أن تحصل أحداث مشابهة وقوانين تنطبق على مواليد برج معين وإضافة لهذا فان الغيب لا يعلمه الا الله 
تعالى.
وترى فاطمة حنين كريم خريجة كلية العلوم الطبية التطبيقية: منذ الأزل والإنسان مهووس لما سيأتي، ماذا سيحدث، وما القادم؟، لدرجة تجعله احيانا مستعدا لدفع أغلى الأثمان في سبيل معرفة ما سيحدث له في المستقبل.
فمنذ القدم وكما  نُقل لنا بأن النبي محمد قد سُئل من قبل عن الغيب, فكان رده النفي بعلم الغيب الا ما أخبره الله به, وأخبرهم بأنه لو كان يعلم الغيب لاستكثر لهم الخير, لكن أريد للغيب ان يبقى حجابا لا ينكشف منه الا ما تكتبه المشيئة الإلهية, وذلك ان يهتم الإنسان ويركز في لحظته الراهنة ويعيشها كما هي, مع الاستفادة من لحظات الماضي والتفكير بتحسين المستقبل و إعطاء الأهمية العظمى للحظة الحاضر الآنية. 
وتابعت قائلة: ولفترة ليست ببعيدة كنت صارمة في الحكم على الأبراج بعدم الصحة والشعوذة ....والخ، لكن مع اعادة التفكير وتحت مبدأ الإنسان عدو ما يجهل, وربما في علم الكواكب والنجوم وسعة هذا العالم وجهلنا بما يربطنا به وأنه لا بأس بإلقاء نظرة ولو عن بعد على الموضوع .
لم تتغير وجهة نظري كثيرا، ووجدت انها مجرد تكهنات ربما تصيب او تخيب, وبأنها كلمات ربما يقرأها احدنا من باب الفضول فيستلطفها من دون ان تؤثر فيه، وأنا اشفق على من يذهب بالأمر بعيدا ويربط كل خطواته وتحركاته بما يقوله واضعو زوايا الأبراج, وما أكثرهم وأكثر قنواتهم ومواقعهم، وعلى الإنسان ان يحكم عقلة ويثق بما هو عليه وبعد التوكل على الله يمضي إلى ما يريد بخطى واثقة.
فضول بشري
وترى الباحثة الاجتماعية ثورة الاموي ان فكرة علم الأبراج تشبع الفضول البشري من هذا الجانب، مستغلةً بذلك هوس الإنسان بالغيب وبالمستقبل من جهة ، ومن جهة أخرى وهي لا تبتعد كثيرا عن النقطة الأولى وهي رغبة الإنسان دائما بالتقييم والتقدير لشخصيته وفهمها ، فتأتي تقسيمات الشخصيات وإعطاء مميزاتها وما يتلاءم معها وفقا للبرج الفلكي وكأن الناس مجرد ألوان منفصلة محددة مسبقا غير قابلة للتشكيل والتغيير.
واشارت الاموي الى ان الفلك هو علم بحد ذاته ويتعلق بطبيعة الانسان وحياته بشكل عام ومميزاته فهو ليس دجلا, اما تعلق النساء بهذا العلم فلا ينطبق على كل النساء فاغلب النساء العاملات  ليس لديها وقت لتتعمق في هذا المجال، واحيانا يتابع من قبل النساء  لكثرة الفراغ في حياتهن ولكن هذا لا يعني ان الرجال لا يتابعون هذا العلم، لكن النساء بشكل عام لديهن هوس في التعمق ومعرفة الاشياء وما سيكون, وما سيحدث لأنه علم فيه غموض, والنساء يعشقن الغموض وما يتضمنه من اسرار وخفايا.
 
فراغ فكري
 واوضح الشيخ والخطيب نزار التميمي قائلا: 
للاسلام قديما وحديثا موقفه الواضح من الاعتقاد بمثل هذه المسائل والايمان بها سواء من خلال القرآن الكريم او احاديث النبي واهل البيت عليهم السلام.
وهو الموقف الرافض والمندد لكل هذه السفاسف والترهات التي استولت للأسف الشديد على عقول وافكار الكثير من النساء حيث صرن يعتقدن ويؤمن بتأثير هذه المخلوقات اكثر من ايمانهن بالله سبحانه.
واضاف التميمي ان كل هذه المفاهيم والتصورات هي من صنع المنجمين والكهان في التاريخ ووجدت في فترات كانت خالية من وجود الانبياء او الكتب السماوية حيث صار الناس يلجؤون ويتشبثون بها لطبيعة الفراغ الفكري والديني وخلو القلب من الايمان بالله سبحانه, الذي هو الخالق والمؤثر والفاعل والمقدر الحقيقي لكل حياة الناس وحيثيات وجودهم مما يخص حاضرهم ومستقبلهم وارتباطاتهم.
وبالتالي فأي اعتقاد او ايمان يكون خارج المنظومة الالهية ودعوات الانبياء يعدُّ من الدعة والضلالة والانحراف الفكري والعقائدي المرفوض جملة 
وتفصيلا.