العراق والصين يوقعان 8 اتفاقيات ومذكرات تفاهم مهمة

الثانية والثالثة 2019/09/23
...

بغداد / الصباح 
 
اختتم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي والوفد الذي يرافقه أمس الاثنين، زيارته الرسمية التي استمرت أربعة أيام إلى الصين، وعاد الوفد العراقي إلى العاصمة بغداد مساء أمس بعد التوقيع على ثماني اتفاقيات ومذكرات تفاهم مهمة في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والأمنية والتكنولوجية بين البلدين الصديقين، وشملت الاتفاقيات ومذكرات التفاهم عقوداً لإقامة محطات كهربائية جديدة وإقامة خمس مدن صناعية مشتركة في العراق بينها مدينة لتصنيع المنتجات الصينية وبمواصفات عالمية، واتفاقية أمنية في مجال التبادل المعلوماتي ومكافحة الإرهاب وإنجاز عدة مشاريع في الاتصالات تنفذها الشركة العملاقة (هواوي)، إضافة إلى اتفاقيات في مجالات إعادة إعمار وتشييد البنى التحتية. 
ووقعت الحكومتان العراقية والصينية في بكين أمس الاثنين، ثماني اتفاقيات ومذكرات تفاهم بحضور وإشراف رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ، في ختام جولة المباحثات الموسعة بين الوفدين الرسميين العراقي والصيني التي جرت في بكين.


في قاعة الشعب
وأفاد بيان لمكتب رئيس الوزراء تلقته “الصباح”، بأن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أجرى قبل توقيع مذكرات التفاهم، مباحثات رسمية مع نظيره الصيني رئيس مجلس الدولة لي كه تشاينغ في قاعة الشعب الكبرى في بكين، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمية، وعزف السلامان الجمهوريان للبلدين وفتش عبد المهدي وتشيانغ حرس الشرف.
وقدم رئيس مجلس الوزراء الشكر لحكومة وشعب الصين لحفاوة الاستقبال، ولمواقفها الداعمة للعراق في مواجهة الارهاب وتطوير الاقتصاد ودعم توجهات الحكومة في البناء والإعمار.
وقال عبد المهدي: إن “العلاقات العراقية الصينية تمر بأفضل حالاتها ونتطلع الى تقدمها مستقبلا، وإن الاقتصاد الصيني مفخرة للشرق والشعوب النامية”، واستعرض رئيس الوزراء التطورات التي يشهدها العراق في مجال الأمن والاستقرار والحياة الطبيعية التي تشهدها بغداد والمحافظات بعد رفع الحواجز وفتح الطرقات”.
وأضاف “لقد دخلنا مرحلة جديدة وهي تقديم الخدمات والإعمار ومحاربة الفساد والبيروقراطية بعد الانتصار على (داعش) والتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب العراقي الذي عانى ويلات الحروب والدكتاتورية وحرمانه من مقومات الحياة الكريمة في حصار مزدوج خارجيا وداخليا، مرورا بالإرهاب والدمار الذي رافقه، ونتطلع اليوم لتحويل التعاون الى فرص استثمار يقطف شعبنا ثمارها”.
وبحث رئيس الوزراء ورئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ، الاوضاع في المنطقة والمواقف المتطابقة للبلدين إزاءها وعلاقات العراق الجيدة مع جميع دول الجوار والمنطقة والعالم والتي تخدم أمن واستقرار البلاد وعموم المنطقة، ووجه عبد المهدي دعوة لنظيره الصيني لزيارة بغداد وإضافة واستكمال العمل ببقية مذكرات التفاهم، وتم قبول الدعوة والاتفاق على موعدها عبر القنوات الدبلوماسية.
وخلال جلسة المباحثات المشتركة قال رئيس مجلس الدولة الصيني: إن “للعراق مساهمات جلية في الحضارة الإنسانية، وسيقدم مساهمات للأمن والسلام والتنمية في العالم، وعلاقات البلدين عميقة وتعود الى أكثر من ستين عاماً ولها مزايا كثيرة، وتعاوننا المتواصل سيحقق مصالحنا المشتركة ويوفر فرصا كبيرة لإعمار العراق، والصين مساهمة في إعمار العراق وستواصل معكم هذا التعاون في جميع المجالات”، وأضاف إن “تعاوننا سيأتي بثمار ونتائج إيجابية”، مرحبا بالوفد العراقي الكبير، ومشيداً بالدور الذي يلعبه العراق في المنطقة وإبعاد شبح الحرب عنها والتأكيد على أهمية اعتماد لغة الحوار والحلول السلمية.  
وبناءً على مقترح رئيس مجلس الوزراء، رحب رئيس مجلس الدولة الصيني بتشكيل لجنة مشتركة لدفع التعاون وتحقيق نتائج عملية للاتفاقات الموقعة لتدخل حيز التنفيذ وتحقق أهدافها.
 
اتفاقيات ومذكرات
وشملت الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المجالات المالية والتجارية والأمنية والإعمار والاتصالات والثقافة والتعليم والخارجية.
وفي مقدمة الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة، اتفاقية تنفيذ آليات الاتفاقية الاطارية بين وزارة المالية والوكالة الصينية لضمان الائتمان (ساينه شور)، واتفاقية التعاون الاقتصادي والفني، ومذكرة تفاهم بين وزارة المالية العراقية ووزارة التجارة الصينية بشأن التعاون لإعادة الاعمار بعد الحرب في العراق، ومذكرة تفاهم بين وزارة الاتصالات والمكتب الصيني للملاحة الجوية في الاقمار الصناعية.
ومذكرة تفاهم أمني بين وزارة الداخلية العراقية والامن العام في الصين، ومذكرة تفاهم بين وزارتي الخارجية العراقية والصينية بشأن الاراضي المخصصة للبعثتين الدبلوماسيتين، ومذكرة تفاهم بين وزارة التعليم العالي ومكتب الإعلام في مجلس الدولة لإنشاء المكتبة الصينية في جامعة بغداد، ومذكرة تفاهم البرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي.
والتقى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الرئيس الصيني شي جين بينغ في العاصمة بكين، وبحث الجانبان العلاقات الثنائية والأوضاع المتأزمة في المنطقة، ونقل التلفزيون الرسمي الصيني عن شي جين بينغ قوله لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي في بكين: إن “الخلافات في منطقة الخليج ينبغي أن تُحل سلميا عن طريق الحوار”.
 
منتدى اقتصادي
وكان عبد المهدي حضر في وقت سابق أمس، أعمال منتدى التعاون الاقتصادي العراقي - الصيني الثالث برفقة أعضاء الوفد الرسمي من المحافظين وجمع كبير من أصحاب الشركات ورجال الأعمال والمستثمرين الصينيين.
ووصف رئيس الوزراء المنتدى بـ “الحدث المهم للغاية لماله من أثر إيجابي في حاضر ومستقبل العلاقات بين البلدين والشعبين”، وقال في الكلمة التي ألقاها في المنتدى: “لقد حرصنا على ان يرافقنا اكبر عدد من اعضاء السلطة التنفيذية، وان حضور الوزراء والمحافظين يعطي جدية للوفد في الذهاب للتعاقدات والأعمال بشكل مباشر”، مشيدا بتسارع النمو الاقتصادي الذي تشهده الصين والذي يطمح العراق للاستفادة من قدراتها واقامة افضل العلاقات معها في جميع المجالات، ومهنئا بحلول الذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين.
واستعرض عبد المهدي، التطورات والاصلاحات التي شهدتها البيئة الاستثمارية في العراق وتحقق الأمن والاستقرار بعد هزيمة “داعش”، وقال: ان “العراق مهيأ للاستثمارات، وفرص العمل في العراق كثيرة وفي جميع القطاعات، والبلاد تشهد تزايداً في اعداد الشركات والمستثمرين بعد سلسلة قرارات تخص الشراكة بين القطاع العام والخاص والتصويت على تأسيس مجلس الإعمار الذي يتكفل بالمشاريع العالية الكلفة، الى جانب تسهيلات السفر والإقامة التي كانت تعيق العمل”، وأوضح إن “العراق هو رابع مصدر للنفط في العالم، وما ساعد في هذا التطور هو مساهمة الشركات الصينية في الاستثمار بأهم الحقول النفطية”.
وأقيمت خلال المنتدى ورش عمل لوزارات النفط والكهرباء والاعمار والاسكان، والصناعة والنقل والاتصالات، تحدث فيها السادة الوزراء عن مستهدفات وزاراتهم وفرص العمل المتاحة للشركات الصينية في القطاعات المختلفة، بينما أجرى السادة المحافظون مباحثات مع أصحاب الشركات الصينية واتفاقيات على توقيع عقود في مختلف القطاعات، كما تضمن المنتدى عقد جلسات متخصصة.
واختتم رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي والوفد المرافق له زيارته الرسمية الى جمهورية الصين الشعبية عائدا الى بغداد.
 
محطات كهرباء
إلى ذلك، أفاد نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير المالية فؤاد حسين في بيان تلقته “الصباح”، بإنه زار الشركة الهندسية الصينية للمعدات والمتخصصة في مجالات النقل والطاقة والاتصالات والمعدات الهندسية الثقيلة، يرافقه وزيرا النقل والكهرباء ومستشارو رئيس الوزراء وبعض المدراء العامين.
وأوضح حسين، أن الشركة تشارك في عملية إعادة الاعمار في العراق من خلال مشروع محطة كهرباء صلاح الدين وتدخل حاليا في مفاوضات حول مشروع محطة كهرباء (الخيرات) في كربلاء ومشروع محطة كهرباء (الفاو).
وبحسب البيان، فقد عبر “زانك جون” رئيس مجلس ادارة الشركة عن سعادته بزيارة الوفد العراقي لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري واستعداد شركته للمشاركة في جهود اعادة الاعمار.
من جانبه أشار وزير المالية، الى أن رئيس الوزراء في بكين مع هذا الوفد رفيع المستوى من أجل تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين العراق والصين وتوقيع الاتفاقية الإطارية التي سترسم شكل العلاقة الاقتصادية المستقبلية، وأضاف “نحن هنا لنعمل سوياً مع الشركات الصينية في مختلف المجالات، كالطاقة والكهرباء وسكك الحديد وانشاء السدود والمدن الطبية”.
ونقل البيان عن وزير الكهرباء لؤي الخطيب قوله، انه “يأمل في عقد شراكات اقتصادية ستراتيجية مع جمهورية الصين الشعبية، وملف الطاقة يلعب دورا مهما في هذه الشراكة، وبالنسبة الى مشروع محطة صلاح الدين نأمل في انجاز المرحلة الاولى ودخول الوحدة الاولى للعمل قبل صيف العام المقبل”، مضيفا ان “وزارته ترغب بسرعة الانجاز مع مواصفات وسعر جيدين”.
وبحسب البيان، فقد تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزير الكهرباء ورئيس مجلس ادارة الشركة بإشراف وحضور نائب رئيس الوزراء ووزير النقل.
 
مدن صناعية وأمن
من جانبه، أعلن وزير الصناعة والمعادن صالح عبد الله الجبوري في كلمة القاها خلال مشاركته في أعمال منتدى التعاون الاقتصادي العراقي - الصيني في العاصمة بكين عن الاتفاق على انشاء مدينة صناعية مشتركة لتصنيع المنتجات الصينية وبمواصفات عالمية.
وأفصح الوزير الجبوري بحسب بيان لوزارة الصناعة تلقت “الصباح” نسخة منه عن “توقيع مذكرة تفاهم بالأحرف الاولى لإكمال وإنشاء مدن صناعية في خمس محافظات عراقية”، وأشار إلى “طرح أكثر من 200 مشروع وفرصة استثمارية متاحة لدى شركات وزارة الصناعة والمعادن في شتى المجالات الصناعية”.
ووقع وزير الداخلية ياسين الياسري مذكرة تفاهم أمني مع وزير الأمن العام في جمهورية الصين الشعبية.
وقال الياسري بحسب بيان مكتبه الاعلامي، إن “مذكرة التفاهم الأمني تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي في ما يخص مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب الدولي وغيرها من الجرائم بالاستناد إلى قواعد الاحترام المتبادل لسيادة البلدين والمنفعة المشتركة”.
وأضاف، أن “العراق سيتعاون مع الصين بموجب هذه المذكرة في مجال منع وقمع جرائم المخدرات والتهريب والتجارة غير القانونية بالأسلحة النارية والجرائم الاقتصادية والاتجار بالبشر والجرائم الالكترونية وتزوير العملة 
وغيرها”.
وأوضح، أن “التعاون وفق هذه المذكرة سيكون أيضاً في مجال تبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالإرهاب ومكافحة تمويل الأنشطة والخطابات التي تحرض على التطرف والقبض على الإرهابيين ومنع إيواء المسلحين أو اخفائهم”.
وأكد، أن “هذه المذكرة ستعمل على تعزيز التعاون في ما يخص بناء وتحسين قدرات فرض القانون وتبادل التقنيات والخبرات بشأن المخاوف المشتركة بين الطرفين من خلال إقامة مؤتمرات ودورات تدريبية تخصصية في هذا المجال”، مشيراً إلى أن “مذكرة التفاهم الأمني ستضمن تطوير التعاون بين الجامعات وكليات الشرطة عن طريق عقد الدورات التدريبية وتبادل الطلاب والكتب والمنشورات التخصصية والمشاركة في المؤتمرات الدولية الخاصة بفرض الامن والقانون”.
 
اتصالات وبنى تحتية
كما اتفق وزير الاتصالات نعيم الربيعي، مع شركة “هواوي” الصينية على انجاز مجموعة من الاعمال لصالح الوزارة، وذكر بيان رسمي، أن “وزير الاتصالات يرافقه وزيرا النفط والإسكان والاعمار وعدد من المستشارين والمحافظين، زاروا المقر الرئيس لشركة (هواوي) للاتصالات في العاصمة الصينية بكين، واتفق الربيعي على انجاز مجموعة من الاعمال تنفذها الشركة لصالح وزارة الاتصالات”.
وفي كلمته أمام المنتدى العراقي – الصيني، عرض وزير الاتصالات أهم المشاريع الاستثمارية في الوزارة والتي تضمنت: إكمال مشروع البنى التحتية الخاص بشبكة LET الثابتة، إعادة تصميم الشبكة كونه مخصصا لمشروع الربط الشبكي للحوكمة الالكترونية اضافة الى توسعة المشروع كون شركة هواوي هي الجهة التي تنفذ المشروع، التأكيد على اهمية تطوير البنى التحتية الوطنية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العراق واصلاحها وتوسيع نطاق التغطية، انشاء مركز قيادة ومراقبة لتشغيل ورصد وادارة البنى التحتية الوطنية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تطوير الامن السيبراني للمحافظة على أمن الدولة من الاختراقات والهجمات الرقمية، وغيرها من المشاريع. 
وأعلن محافظ النجف الأشرف لؤي الياسري عن توقيعه مذكرات مع شركات صينية لإقامة مشاريع خدمية وبنى تحتية في المحافظة ضمن العقد الصيني.
وذكر المكتب الاعلامي للياسري نقلا عنه، إن “المفاوضات المباشرة مع الجانب الصيني أسفرت عن توقيع مجموعة اتفاقيات مهمة ستسهم بالارتقاء بالواقع الخدمي، اذ شملت الاتفاقيات قطاعات تطوير شبكات الصرف الصحي والطرق والانفاق والجسور في النجف فضلا عن التوقيع على مذكرة تفاهم لانشاء قطار سريع بين محافظتي النجف الأشرف وكربلاء المقدسة مع شركات صينية عملاقة في السكك الحديد”.
 
صندوق الاستقطاع
إلى ذلك، كشف محافظ ديالى مثنى التميمي عن خطة اقتصادية بين البلدين، وقال التميمي في حديث صحفي: إن “رئيس الوفد العراقي رئيس الوزراء عادل عبد المهدي قدم العديد من الخطط التي من شأنها إنعاش الاقتصاد العراقي”، مشيرا إلى الموافقة على خطة (صندوق الاستقطاع) مع الصين الذي سيتكفل بإعادة هيكلية البنى التحتية من خلال استقطاع 15 بالمئة من العراق مقابل 85 بالمئة من الصين في ستراتيجية المليون برميل نفط مع الصين”.
وبحسب التميمي، فإن “رئيس الوزراء اتفق مع الجانب الصيني على أن تبرم عقود المشاريع مع الحكومة الصينية وهي بدورها من تحيلها إلى الشركات لخلق نوع من الشفافية بعيداً عن اللغط الذي من الممكن أن يحصل كما ان ذلك يقلل من حجم الفساد الذي قد يحدث في إبرام العقود مع الصين”.