ما أروع المحبة وأحلى الأحبة

ثقافة 2019/09/24
...

حسين الصدر
 
- 1 -
اللذاذات التي تبهج النفس وتموّنُها بالانتعاش والارتياح على قسمين :
لذاذات مادية سرعان ما تزول آثارها وتتبخر ...
ولذاذات معنوية من الصعب أنْ تزول آثارها من النفوس، ذلك انها بذور طيّبة تنمو وتتفتح أزاهيرها لتموج في النفوس شذاً وعبقا...
 
-  2 -
ومن هذه اللذاذات المعنوية المهمة عواطف الأصدقاء والمحيينالصادقة التي تغمر النفوس باروع ألوان الطِيب .
وتبادلُ المحبة بينك وبين الأحبّة رصيد انساني مهم في مضمار العلاقات الاجتماعية ومن هنا قيل :
المرءُ كثيرٌ باخوانه .
الاصدقاء الصادقون في المحبة يواسونك في الاحزان ويسلونك في الشدائد .
قال الشاعر :
يُعرّفك الاخوانُ كلٌّ بِنفسِهِ
وخيرٌ أخٍ مَنْ عرفتُّكَ الشدائدُ 
 
- 3 -
والصديق القديم يتقدم رتبةً على من جاء بعده من الأصدقاء ..
ولملف الصداقة أهمية استثنائية في حياة الانسان 
ذلك انّكَ لن تعيش الغربة ولا الكآبة مادمتَ موصولاً مِنْ قِبلِثُلّةٍ من الاصدقاء المحبين، الذين يحبونك ويخلصون لك ويتفاعلون مع آلامك وآمالك .
 
- 4 -
والدكتور جودت القزويني –حفظه الله – هو واحدٌ من الأحبة الذين تمتد علاقتنا به الى ما يزيد عن أربعة عقود من الزمن،ولو جُمعتْ الرسائل والمساجلات المتبادلة بيننا لشكلّتْ ملّفاًضخما يشتمل على العديد من القصائد .
ومنها قصيدة ( فتى الرافدين) التي طبعت ضمن ( اسبوع شعري) في سبعينيات القرن الماضي التي أقول فيها :
خَفُوقٌ بحبّكِ قلبُ (الحسينْ) 
وحبُّكَ في ذمةِ (الصدر) دَيْنْ
لك الرافدانِ نقاءٌ ومجدٌ 
وأنتَ لعمري فتى الرافدينْ
وقد نظمت القصيدة إثر دراسته على يدي (أصول الفقه) في سبعينيات القرن الماضي .
وحين وقف المرحوم الدكتور الشيخ احمد حسن الباقوري على القصيدة اصبح يناديه ( يا فتى الرافدين ) تأثرا بتلك القصيدة 
ويطول حديث الذكريات حتى يخرج عن حدود الاحصاء ..
 
- 5 -
واليوم وأنا أعيش أزمة صحية حادة اتصل بي من لندن يتفقدني ويسألني عن تطورات الحالة المرضية الراهنة ولكنّه– وبأدب جم وحياء ظاهر – رجاني ان امتنع عن تناول الشاي والقهوة لأنهما مضران ..!!
وليس بمقدوري التعبير عما أحدثه هذا الاقتراح في نفسي من مردودات ايجابيّة معطاءة ...
انها لهفة الاخ الشفيق على أخيه ،
والحرص على دفع ألوان الأذى كلها عنه .
وكل هذا لا ينطلق الاّ من المحبة الخالصة .
فشكرا للدكتور القزويني على صدق إخائه  وعميق وفائه  وأدامه الله نبعا للمكارم، وشكراً لجميع الأحبة الذين يواصلون عيادتهم لنا واتصالاتهم بنا منطلقين من محبتهم الوافرة ومشاعرهم العامرة .