العالم يحتفل بمئوية انتهاء الحرب العالمية الأولى

قضايا عربية ودولية 2018/11/12
...

باريس  / وكالات
 
منذ مئة عام... بين مفقودين ومعاقين ممن شاركوا في الحرب، وتعرضوا للحر والبرد والمرض والجوع على حد سواء، ثم دفنوا جنبا الى جنب لتلتحفهم الارض بسلامها الابدي، احتفل زعماء العالم امس الاحد في العاصمة الفرنسية باريس بالذكرى المئة لانتهاء الحرب العالمية الأولى.ووسط طقس ممطر، ومراسم انسانية بحتة، وعلى انغام موسيقى “باخ” وبوجوه شابة تمثلت بطلاب المدارس الثانوية الذين أدوا باللغات الفرنسية والإنكليزية والألمانية، شهادات كتبها الجنود الذين خاضوا الحرب الأولى التي انتهت في 11 تشرين الثاني 1918، انطلق زعماء العالم مجتمعين من قصر الإليزيه إلى قوس النصر المطل على جادة الشانزيليزيه، حيث ضريح الجندي المجهول إيذانا ببدء مراسم الاحتفال بمئوية انتهاء الحرب العالمية الأولى.      
وبدئ الحفل بدقيقة صمت على ارواح ضحايا الحرب العالمية الاولى، وقيام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإعادة ايقاد  الشعلة عند ضريح الجندي المجهول تحت قوس النصر.
وتضمنت مراسم الحفل القاء الرئيس ماكرون خطابا أمام المجتمعين، أبرز ما جاء فيه: “ منذ مئة عام وفي مثل هذه اللحظة صدحت الأجراس في كل كنائسنا معلنة الهدنة”، ما زالت الأماكن المدمرة ماثلة حتى اليوم وشاهدة على جنون البشر .. القول إن مصالحنا أفضل من مصالح الآخرين يخالف كل ما نتعلمه من القيم .. علينا كدول رفع السلام فوق أي اعتبار وأن نجمع الأموال لتحقيق النهضة والتنمية”. 
 
مبادرة فريدة
في الوقت نفسه وبينما يتذكر العالم اهوال الحرب العالمية الاولى، ويواصل العالم صراعه لرفع صادرات التسلح، بينما تنخفض المساهمات الدولية المقدمة للامم المتحدة من اجل المساعدات الانسانية للدول المضطربة والفقيرة، اعلن رئيس الوزراء التشيكي، أندريه بابيش، الذي كان من ضمن المشاركين في فعاليات إحياء ذكرى مئة عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى، ومنتدى باريس للسلام الذي عقد بهذه المناسبة، امس الأحد، طرح مبادرة لإعطاء جزء من الأموال التي تصرف على التسلح إلى الدول الفقيرة.
وقال بابيش في إحاطة إعلامية للصحفيين: “إذا نظرتم إلى المبالغ الهائلة التي يخصصها العالم للتسلح، ستجدون أنها ستساوي ما يعادل 30 ميزانية سنوية لجمهورية التشيك، وبالتحديد 1750 مليار دولار”، مشيرا إلى أن “هذه المبالغ الهائلة تدفع الناس للتفكير ما هو السبب من وراء هذا التسلح ومن هو الخصم”.
وأضاف بابيش، أنه من المفيد جدا “لو ذهب ما لا يقل عن نصف الأموال التي تصرف على التسلح، على سبيل المثال، ألف مليار دولار، لاحتياجات الناس الذين يعيشون في فقر، والذين لا يستطيعون العيش بالطريقة التي نعيش بها في أوروبا، والذين، بسبب هذا، يغادرون بلادهم برحلة سفر طويلة إلى الدول الأوروبية من أجل حياة أفضل”.
ووفقا لرئيس الوزراء التشيكي، يمكن لأعضاء مجلس الأمن الدولي الاتفاق على هذه المسألة، ويناقش المنتدى على مدى ثلاثة أيام قضايا السلام والأمن، والبيئة، والتنمية، والمجال الرقمي والتكنولوجيات الحديثة، والاقتصاد الشامل.
انتقاد للرئيس ترامب
في الوقت نفسه تعرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب لانتقادات إثر إلغائه زيارة كانت مقررة لمقبرة تضم رفات جنود أميركيين قضوا خلال الحرب العالمية الأولى. 
وأرجع البيت الأبيض في بيان الإلغاء إلى “صعوبات لوجستية ناجمة عن الطقس”، وهو ما أثار سخرية البعض، خاصة وأن المطر لم يمنع الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية من زيارة نصب تكريمية بمناسبة الاحتفالات بمئوية الحرب العالمية الأولى. 
 كان من المفترض أن يتوجه مع زوجته ميلانيا على متن مروحية إلى بوا بيلو، التي كانت ساحة معركة وتضم مقبرة لجنود المارينز الذين حاربوا القوات الألمانية في 1918. 
وأوفد ترامب نيابة عنه كبير موظفي البيت الأبيض الجنرال جون كيلي ورئيس الأركان المشتركة الجنرال جو دانفورد إلى المكان الذي يبعد 80 كلم شمال شرق باريس. 
ورأى البعض في عدم ذهاب ترامب إلى بوا بيلو ما ينم عن عدم احترام للجنود الأميركيين الذين حاربوا وقتلوا في الخنادق.
وقتل أو جرح أكثر من 7 آلاف جندي في معركة حزيران  1918 في بوا بيلو. وتضم المقبرة رفات 2289 من قتلى الحرب.
وهذه الزيارة كانت إحدى زيارتين مقررتين لمقابر تضم رفات محاربين، في العطلة الأسبوعية التي تتزامن مع إحياء يوم قدامى المحاربين في الولايات المتحدة.
أثار إلغاء الزيارة سخرية من بعض المنتقدين إذ قال العديد منهم إن ترامب خشي أن يتبعثر شعره، فيما لاحظ آخرون أن المطر لم يمنع الرئيس ايمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية انغيلا ميركل أو رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو من زيارة نصب 
تكريمية.
وغرّد نيكولاس سومس، عضو البرلمان البريطاني عن حزب المحافظين وحفيد ونستون تشرتشل “ماتوا في مواجهة العدو فيما ذلك البائس غير المؤهل دونالد ترامب لم يتمكن حتى من تكريم الذين سقطوا في المعركة”. 
وقالت مجموعة الضغط فوتفيتس التي تضم قدامى المحاربين “اشتكى دونالد ترامب لاضطراره للوقوف في المطر للتحدث عن المجزرة في بيتسبرغ، لأن ذلك بعثر شعره (أكثر) حسب تعبيره.
وأضافت “اليوم سيمتنع عن تكريم أبطال أميركيين سقطوا في الحرب العالمية الأولى وسيبقى في غرفته في الفندق بسبب بعض المطر”. 
 
احتفال بريطاني
وكانت الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا حضرت وكبار أفراد الأسرة المالكة مهرجانا، لإحياء الذكرى المئوية لانتهاء الحرب العالمية الأولى.
صحب الملكة (92 عاما) ابنها ولي العهد الأمير تشارلز وحفيداها وليام وهاري وزوجتاهما كيت وميغان في قاعة ألبرت هول الملكية في وسط لندن في المناسبة التي نظمت لإحياء ذكرى الجنود الذين ماتوا، كما حضرت الأسرة المالكة ورئيسة الوزراء تيريزا ماي احتفالا نظمه الفيلق الملكي البريطاني وهو المؤسسة الخيرية للقوات المسلحة يشارك فيه كبار الممثلين والمؤلفين والمغنين وفرق الموسيقى العسكرية. 
في الوقت نفسه شارك الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير في مراسم  حضرتها الملكة والأسرة المالكة وكبار أفراد المؤسستين السياسية والعسكرية في مقبرة سينوتاف، وقالت الحكومة إن هذه هي المرة الأولى التي يضع فيها زعيم ألماني باقة من الورود في المقبرة ثم يحضر قداسا فيما قالت الحكومة إنه شكل تاريخي من أشكال المصالحة. 
حقائق من الحرب العالمية الأولى 
وفي وقت احيا العالم امس الأحد في العاصمة الفرنسية باريس ذكرى توقيع الهدنة التي أنهت الحرب العالمية الأولى.
وبعد مرور 100 عام، لم يبق من الحرب إلا صور تحمل في طياتها جزءا من المعاناة الإنسانية، وتاريخا قاتما ملغوما بالحقائق.  
قدر المؤرخون العسكريون عدد قذائف المدفعية، التي أطلقت خلال الحرب العالمية الأولى بحوالي 850 مليون قذيفة مدفعية.
قُتل خلال إطلاق النار بالمدافع ونيران المدافع الرشاشة ما يصل إلى 11 مليون جندي، تم وضع ما يقرب من 56 مليون مجند في الخدمة العسكرية في جميع الدول المشاركة في الحرب، وكان هناك أكثر من 21 مليون جندي
مصاب.  
يذكر أن الحرب العالمية الأولى، بدأت في 28 تموز  1914 وانتهت في 11 تشرين الثاني 1918، جرت بين قوات الحلفاء (فرنسا، وبريطانيا، وروسيا القيصرية ودول أخرى)، وقوات المحور (الإمبراطورية الألمانية، وامبراطورية النمسا المجر، والدولة العثمانية إلى جانب دول أخرى)، وانتهت بانتصار 
الحلفاء.