الرئيس صالح: كفى بنا حروباً
الثانية والثالثة
2019/09/26
+A
-A
بغداد / الصباح
رأى رئيس الجمهورية برهم صالح، أمس الاربعاء، أن العراق مقبل على تطورات ايجابية مهمة، وأكد أنه لن يكون جزءاً من محور ضد آخر، وبينما حذر بقوله: كَفى بِنا حُروباً، يَقيناً لسنا بحاجةٍ الى حربٍ جديدةٍ في المنطقةِ وخُصوصاً انَّ الحَربَ الأَخيرةِ ضِد الإِرهابِ لم تُستكمل بِصورةٍ قَاطعةٍ، اشار الى أن استهداف امن الخليج والمملكة العربية السعودية تطور خطير، والعراق قلق من هذا التطور والتصعيد، وان امنه مرتبط بامن الخليج والمنطقة.
يأتي ذلك في وقت دعا فيه لتأسيسِ تحالف دولي لمحاربة الفسادِ ولتجفيف منابِع تمويلِ الفكر المُتطرفِ، عادا الفسادَ والارهاب وجهينِ لعملة واحدة.
دور المرجعية الدينية
وقال الرئيس صالح، في كلمته بالجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك أمس: إن «التَأَريخ سَوف يُسجلُ أَنَّ العراقيينَ استطَاعوا بِوحدتِهم وإِرادتهِم الصَلبةِ وبالدَورِ الكَبيرِ للمرجعيةِ الدينيةِ إِسقاطِ المَشروعِ التَكفيريّ لتنظيم «داعش» وحِمايةِ العالمِ من شُرورِه»، مبيناً أن «العِراق مُقبلٌ على تَطوراتٍ ايجابيةٍ هامةٍ، أَمنياً وسياسياً واقتصادياً، فهُناكَ مَنحَى إِيجابيّ من التَحولاتِ، ويَجبُ أنْ نُقيّمَ هذهِ التَطوراتِ الإيجابيةِ ونُؤسسَ عَلَيها في ضَوءِ الاستقرارِ الأمنيّ المُتحققِ حَتى الآن».
وأوضح صالح أن «هناكَ أجواءٌ إيجابيةٌ في مُعالجةِ المشاكلِ المُتراكمةِ بين الحُكومةَ الاتحاديةِ وحُكومةِ إقليمِ كُردستان على أساسِ الدُستورِ ودَورُ مُمثليةِ الأُممِ المُتحدةِ في بَغداد مُهمٌ على هذا الصعيدِ»، لافتاً إلى أنه «مازالتْ خُطواتُ إعمارِ المَناطقِ التي تَضررتْ من الحَربِ وإعادةِ النازحينَ في بِداياتِها، وهُناكَ دورٌ ومسؤوليةٌ دَوليةٌ في هذا الصَددِ تَجسدتْ بعضُ مَلامِحها بِمقرراتِ مُؤتمرِ الكويتِ لاعادةِ الاعمارِ عام 2018، التي نَسعى الى تَفعيلِها بمساعدةِ اشقائِنا واَصدقائِنا».
وأضاف رئيس الجمهورية أن «النصر العَسكريّ على داعشٍ مُهمٍ، لكنْ يَجبُ اَن نَعي اَن هُناكَ فُلولاً للتنظيمِ الإرهابيِّ تُحاول إِعادةِ تَنظيمِ نَفسِها، كَما أَنَ التَوترات الإقليميةِ والتنازعات في المِنطقةِ عَوامِلَ خَطيرةٍ وبيئةٍ تَمنحُ الإرهابَ مَساحةً للعودةِ»، مشيراً إلى أن «مِنطقة الشَرقِ الأَوسطِ تُعاني من نِزاعاتٍ وحُروبٍ سَنةً تِلوَ الأُخرىَ وعلَينَا أَن نَتحِدَ بجديةٍ للخروجِ من حُقبةِ الأَزماتِ الى مَرحلةِ النُهوضِ».
تجنب الصراعات
وفي الشأن السوري نبه الرئيس صالح على أن «استمرارَ الوضعِ المأساويّ في سُوريا وتَمَكُن التطرفِ والإرهابِ من إيجادِ بيئةٍ حاضنةٍ لهُ يستوجبُ جُهوداً فِعليةً لتمكينِ السوريينَ من صُنعِ حلٍ سياسيٍّ دائمٍ»، مؤكداً «ضَرورة الاسهامِ الجَادِ في إيجادِ حَلٍ عادلٍ وشاملٍ للقَضيةِ الفلسطينيةِ حَسبْ المُقرراتِ الدَوليةِ»، وبينما جدد «تَضامُننا مَعَ مُعاناةِ الشَعبِ الفلسطينيّ وحَقهِ المَشروعِ في قِيامِ دَولتهِ المُستقلةِ عَلَى أَرضِهِ»، حذر من أن «القرارَ الأَخير بضمِ هضبة الجولان وغور الاردن يُمثلُ انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي».
وعن اليمن، قال صالح: إن «استمرار الحرب فيه مدعاة قلق كبير، في ضوء التداعيات الامنية والانسانية التي تلقي بظلالها على المنطقة»، مشدداً على «ضرورة دعم اليمنيين للتوصل الى حل سياسي شامل يستعيد السلم في ربوع بلادهم».
ووصف رئيس الجمهورية استهداف أَمنِ الخَليج والمَملكةِ العَربيةِ السُعوديةِ الشَقيقةِ، بأنه «تَطورٌ خَطيرٌ، ونَحنُ في العِراق قَلِقونَ مِن هَذَا التوتُرِ والتَصعيدِ، فَأمننا مُرتبطٌ بأمنِ الخَليجِ والمَنطقةِ، والمُجتمع الدَوليّ يَجبُ أَن يُساعدَ بجديةٍ في تَدارُكِ هَذَا التصعيدِ»، وقال: «كَفى بِنا حُروباً، يَقيناً لسنا بحاجةٍ الى حربٍ جديدةٍ في المنطقةِ وخُصوصاً انَّ الحَربَ الأَخيرةِ ضِد الإِرهابِ لم تُستكمل بِصورةٍ قَاطعةٍ».
إحلال لغة الحِوار
وأكد صالح مَوقِف العراق الثَابت بِـ»ضرورةِ احلالِ لُغة الحِوار محلَ لُغةِ التَوتُر والتَصعيدِ، لضمان مَصالحَ شُعوبِ مِنطقتِنا، ونَعتقدُ بأن مُشتركاتِ مُحاربةِ الارهابِ والتَطرفِ وضَرورةِ التَحولِ الاقتصاديّ لإِيجادِ فُرصِ عَملٍ لشبابِنَا أهمَ من الاختلافاتِ القَائِمةِ»، منوها بأن «استقرار العِراق مَصلحةٌ مُشتركةٌ للجَميعِ. تَغييبِ العراقِ أوغِيابِهِ كَانَ عُنصرَ تَوترٍ وعَدم إِستقرارٍ لعُمومِ المِنطقةِ، والعراقُ يَستعيدُ عَافيتهِ ونَحنُ مُصمِمون على المُضي بهِ الى استقرارٍ دَائمٍ».
وذكّر المجتمع الدولي بأننا «كُنا لفتراتٍ طويلةٍ ساحةَ صراعٍ للاخرين، دفَعَنا ودَفعت المِنطقة اثماناً باهظةً لعدمِ الإستقرارِ في العراق»، وقال: «مَصلحتَنا، بل مَصلحةَ المنطقة، تُحتِمْ أن يَكونَ العِراق جِسراً للتفاهُم بين اشقائِه وجيرانهِ»، مجدداً الدعوة الى «بناءِ منظومةٍ امنيةٍ مُشتركةٍ في الشرقِ الاوسطِ، والتأسيس لنظامِ تكاملٍ اقتصاديّ وتنسيقٍ سياسيٍ لاستئصالِ الارهابِ وضمانِ الاستقرارِ».
وأشار صالح إلى أننا «لا نُريدُ لبلدنا أن يكونَ طرفاً في الصراعِ الإقليميّ والدوليّ، ولا ساحةً لتصفيةِ الحساباتِ وقدْ دفَع شعبنا اثمانا باهظةٍ للحروبِ والتنازعُاتِ»، مبيناً أن العراق «لن يكونَ جُزءاً من محورٍ ضدَّ اخرَ، لا نريدُ حرباً جديدةً ولا نتمنَى ان يعاني ايُّ شعبٍ من ويلاتِ الحروبِ كما عانينا»، وشدد على أن العراق «لن يكونَ منطلقاً للاعتداءِ على ايًّ منْ دولِ الجوارِ، ونسعَى الى أن تَكونَ أرضنا ميدانَ إعمارٍ واستقرارٍ لا ميدان تنازع وتَوتُرٍ».
دول الجوار
وبشان العلاقة مع دول الجوار، قال رئيس الجمهورية: «علاقتنا تتعززُ مع عُمقِنا العربيّ والخليجيّ، ونحن مصُرونَ علىَ الارتقاء بها، وعلاقاتنا مع جوارِنا في إيران، التي نرتبطُ وإياها بوشائِجَ ثقافيةٍ ودينيةٍ ومَصالِح مُشتركة ومُتشعبة، وكَذلِك مَعَ جَارتنا الشَماليةِ تُركيا، ونَبذلُ جُهوداً لدفعِ العَلاقاتِ الثُنائيةِ معهما الى مزيدٍ من التطور».
وتابع أن «العراق الديمقراطي الاتحادي المستقر سيكون منطلقاً للمِ شمل اشقائهِ وجيرانهِ وتعزيزِ تفاهمِ وتوافقِ دولِ المنطقةِ لخلقِ منظومةٍ اقليميةٍ مبنيةٍ على التكاملِ الاقتصاديّ والامنِ المشتركِ»، موضحاً أن «الاستقرار المتحققُ في العراق ثمينٌ ومهمٌ، ونتوقعُ من جِيراننا ومِنْ المجتمعِ الدوليّ عدمِ تحميلِ العراق تبعاتِ اختلافاتِهم وتنازُعاتهِم».
وأكمل أن «التوافق الدوليّ والاقليميّ مهمٌ لديمومةِ الاستقرارِ ومُناهضةِ الفكرِ المُتطرفِ والارهابِ. لكنَ المهمة الاساسية هي الاصلاحات المطلوبة من اجل تأمين الحكم الرشيد لمواطنينا ومحاربة الفساد وتوفير فرص العمل لشبابنا»، مؤكداً أن «النهوض بقطاعات التربيةِ والتعليمِ والصحةِ والتنميةِ المستدامةِ، هو الطَريقُ السليم لمكافحةِ الفكر المتطرفِ واستئصالِ الارهابِ من جِذورهِ من خلالِ بِناء اجيالٍ قادرةٍ على صُنعِ المستقبلِ».
جهود إعادة الإعمار
واستطرد الرئيس صالح أن «الإرث الحضاري والتأريخي والتعدد الديني والقوميّ والمَذهبيّ جعلَ من العِراق على مَرّ التأريخ منارةً للتسامُحِ والتعاونِ والتآخي الدينيّ والفكريّ، ومُنطلقاً لنشرِ الفِكرِ والثقافةِ والادابِ والعُلومِ»، مستدركاً أن «معركة العِراقيين مازالَتْ مُستمِرة، من أجل تحقيقِ النهضةِ المستحقةِ، ومُحاربةِ الفسادِ وتمكينِ الشبابِ والمرأة وتحقيقِ التنميةِ المُستدامةِ وهي تحدياتٌ مازالتْ ماثلة امامنا، تُضافُ الى تحدي إعادة النازحين وإعمار المناطِقِ المُدمرةِ».
وبشأن جهود إعادة الاعمار، لفت صالح إلى أن «العراق بحاجةٍ الى اعادة اعمارٍ شاملةٍ.. واقرت الحُكومةُ العراقيةُ مشروع قانونٍ لتشكيل مجلسٍ للاعمارِ، وسنتقدم مع رئيس الوزراء، بمشروع القانونِ الى برلماننا ونأمل المصادقة عليه ليعيدَ اعمار البُنى التحتية الكُبرى بمساهمةٍ حكوميةٍ ومن القطاعِ الخاصِ العراقيّ والاجنبي»، مضيفاً أن «العِراق سوقٌ واعدةٌ، ونعملُ من اجلِ تحويلِ بلدِنا من ساحةٍ للصراعِ والعُنفِ الى محورٍ اقتصاديّ للمنطقةِ، قَدْ يتصورُ البعض أنهُ حلمٌ بعيدُ المَنال، لكنني واثقٌ من أن هذا مَطلوبٌ وممكنٌ عراقياً بل على صعيدِ المنطقةِ».
وحول الإرهاب والفساد، قال رئيس الجمهورية: إنهما «وجهانِ لعملة واحدةٍ، ونؤمن بأن جُهودَ القَضاء على الإرهابِ يجبُ أن تقترن بجهودٍ فعليةٍ من أجل القضاءِ على الفَسادِ»، مشدداً على أن «العالم بحاجةٍ الى العَمل الجَاد لتأسيسِ تحالفٍ دولي لمُحاربةِ شبكاتِ الفسادِ وتهريبِ وتبييضِ الأموال ولتجفيفِ منابِع تمويلِ الفكر المُتطرفِ، أُسوةً بالتحالُفِ الدولي ضِد الارهابِ، وبِما يسمحُ بمساعدةِ بُلداننا على استردادِ الاموالِ المنهوبةِ».
لقاءات على هامش الاجتماعات
وكان رئيس الجمهورية قد قال، خلال لقاء جمعه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة: إن «العراق حقق انتصارات عظيمة على الاٍرهاب ونحن بصدد اعادة الإعمار»، مؤكداً ان «العراق هو المسؤول عن حماية اراضيه وسيادته».
من جانبه، قال الرئيس الاميركي ان «القضاء على داعش انجاز كبير»، لافتا الى ان «علاقاتنا مع العراق طويلة وجيدة».
كما التقى الرئيس صالح رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، على هامش الاجتماعات، وجرى خلال اللقاء بحث سبل توثيق أواصر الصداقة والتعاون بين البلدين في المجالات كافة خدمةً للمصالح المشتركة.
واكد صالح «سعي العراق لبناء علاقات مثمرة ومتطورة مع إيطاليا والاتحاد الأوروبي بشكل عام»، مشدداً على» أهمية مواصلة التنسيق والتشاور بين البلدين حيال مختلف القضايا، وبما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة».