حراك نيابي لحل أزمة {العشوائيات»
العراق
2019/09/30
+A
-A
بغداد / هدى العزاوي
ويقول رئيس لجنة الخدمات والاعمار النيابية الدكتور وليد السهلاني في تصريح خاص لـ "الصباح": إن "قانون معالجة العشوائيات تمت مناقشته داخل لجنة الخدمات وخلال الايام القليلة المقبلة سيطرح للقراءة الاولى والقراءة الثانية للتصويت عليه، فضلا عن القراءة المتعلقة بالاراضي الزراعية التي تمت في الجلسة الماضية".
لافتاً إلى أن "أغلب الأراضي الزراعية تم تقسيمها من دون حجة رسمية قانونية تطابق ملكية الارض والتي يعود بعضها الى وزارة المالية التي ستضع حلولا بنسبة 50 او 30 بالمئة على أن تتحرك بشكل بناء وصحيح يتناغم مع طبيعة الدول المجاورة". ويؤكد السهلاني، أن "الدستور كفل لكل مواطن عراقي حق السكن، ولكن ذلك لا يكون مبررا للتجاوز على الاراضي التي تصب في طبيعة التخطيط والنظام وجمالية المدن والتي تكون أغلبها محط أنظار العالم خاصة السياحية والاقتصادية والرياضية التي تكون حولها تجاوزات مبعثرة وغير منظمة تعكس صورة غير سليمة عن واقع البلد، لذا دأبت لجنة الخدمات والاعمار النيابية على طرح هذه المشكلة وتشخيصها بشكل دقيق ووضع الحلول والمعالجات، وستنطلق خطة تبدأ من محافظة البصرة الى اغلب محافظات العراق لمتابعة الخدمات بشكل دقيق وواضح مع الجهات التنفيذية والمحلية لمتابعة المشاريع المتعثرة"، وأردف قائلا: "ستكون الزيارة الاولى إلى محافظة البصرة لعقد جلسة خاصة من
قبل اللجنة". بينما يؤكد عضو اللجنة القانونية النيابية حسين العقابي في تصريح خاص لـ "الصباح"، ان "ملف معالجة العشوائيات؛ لم يكن محط مساجلات سياسية كما يعتقد البعض، الا أن ما نلمسه أنه ليست هناك إرادة جادة من قبل الحكومة لاتخاذ إجراء واقعي يضع مشكلة المواطن من ضمن أولوياتها، فهذا الموضوع اختصاص السلطة التنفيذية ويحتاج في بعض الاحيان الى غطاء قانوني أو مالي إذا ما كانت هناك خطة واضحة وبناءة في هذا الموضوع"، معرباً عن أسفه بأنه "لم يأتِ الى الآن بهذا الشكل، فأغلب المواضيع التي تطرح للبرلمان خاضعة وخاصة بأفراد، وموضوع العشوائيات موضوع حيوي وفيه عدة معطيات بحاجة الى نقاش كبعض مناطق العشوائيات التي تحتاج الى تنظيم فقط ولا تتقاطع مع المصلحة العامة".
ويضيف العقابي، إنه "إلى الآن لم تأت خطة شاملة لمعالجة ملف العشوائيات بشكل نهائي بسبب السياسات المتخبطة والمشلولة في تطبيق ماجاء به الدستور ضمن المادة 30 من الدستور التي تنص بأن الدولة تكفل للفرد والأسرة الدخل المناسب والسكن الملائم كما تكفل الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين".
فرص التعاون
يشكل انتشار 3 آلاف عشوائية يسكنها قرابة 3 ملايين مواطن أغلبها في بغداد خطراً كبيرا على المخططات الاساسية للمدن، وهذا ما يؤدي الى الاخلال بحق الساكنين في تحقيق حاجاتهم ورغباتهم الصحية والاجتماعية والبيئية، إذ تنقسم العشوائيات الى قسمين: قسم انشئ على أراضي الدولة وتشكل 88 بالمئة، وقسم على أراض خاصة وتشكل 12 بالمئة، وكلها تمثل بشكل عام قرابة 27 بالمئة للسكن كنسبة من حجم الأراضي والباقي يذهب إلى المولات والكراجات والمحال التجارية وغيرها مما تم البناء
عليها.
ويشير عضو لجنة الخدمات والاعمار النيابية غالب الزاملي في تصريح خاص لـ "الصباح" الى ان "الاحصائيات المتعلقة بانتشار العشوائيات في بغداد والمحافظات غير دقيقة بالنسبة للجنة، لذا نحن بحاجة الى جهد استثنائي ووطني تشترك به جميع الجهات المعنية كوزارة الاعمار والاسكان والبلديات ومجالس المحافظات لحل هذه الازمة وفق ستراتيجية واضحة، بالإضافة الى ادخال قروض البنك الدولي التي ستسهم وبشكل كبير في التخلص من هذه الازمة وبشكل تدريجي ببناء مجمعات سكنية". ويؤكد الزاملي، إنه "في وقت سابق كانت هناك طريقة لحل العشوائيات وبشكل مبسط، حيث عقد برعاية الامم المتحدة والمنظمات الدولية اجتماع خارج العراق، الا أن الحلول لم تنفذ ومع الاسف، لذا نحن بحاجة الى خطة واسعة وبتعاون مشترك للتخلص من العشوائيات وبشكل
صحيح".
وبحسب أرقام نشرت في تقارير إعلامية، فإن هناك دعوات لتخصيص 4 ترليونات دينار لمعالجة أزمة السكن والعشوائيات، وهذا ما نفاه عضو اللجنة المالية احمد الحاج في تصريح خاص لـ"الصباح"، مؤكدا أن "الموازنة لدى وزارة المالية تناقش ولم تصل الى مجلس الوزراء، لذا لا يوجد حديث عن التعويضات (لساكني العشوائيات) الا بعد وصول الموازنة وسيكون للجنة حديث آخر في حالة وصولها".
حلول ناجعة
وبحسب مختصين؛ فإن ظاهرة البناء العشوائي أصبحت تشكل خطرا كبيرا على البيئة العمرانية والمتمثلة بالتجاوز على أملاك الدولة أو تجاوز المواطنين على أملاك الغير، كما ان هناك تجاوزا على الضوابط والقوانين الخاصة بالبناء كالتعدي على الاراضي الزراعية وتغيير نمط الاستعمال وهذا ما أكده لـ "الصباح" معاون مدير عام العلاقات والاعلام في أمانة بغداد عبد المنعم ناصر
العيساوي.
ويشير العيساوي، إلى أن "هناك تجاوزات بسبب عدم إمكانية الحصول على اجازة البناء وهذا ما يتعلق بالأراضي الحكومية التي لا يمتلكها المواطنون والتي تمت السيطرة عليها من قبلهم، فضلا عن الاراضي غير المفرزة افرازا رسميا والاراضي الزراعية ذات الملكية الخاصة والتي تحولت الى سكنية من دون تحويل جنسها من زراعي الى سكني، كما ان هناك تجاوزات بنائية بسبب عدم الالتزام بشروط اجازة البناء الممنوحة حيث يقوم المالك بمخالفة الشروط الخاصة باجازة البناء التي حصل عليها، بالاضافة الى انتشار اعداد كبيرة من الباعة المتجولين على الشوارع الرئيسة والارصفة واعاقة حركة المارة وهذا ما سبب تراجعاً في الواقع الخدمي واستكمال مشاريع البنى
التحتية".
ويؤكد، "ليست هناك نية حالياً من قبل امانة بغداد لإزالة التجاوزات السكنية الى حين صدور توجيه واضح يضمن سلامة التنفيذ، لذا فإن جهد الامانة منصب حاليا على إزالة المخالفات والتجاوزات على الارصفة والشوارع وذلك وفق اجراءات منظمة ووفقا للقانون والانظمة البلدية والتي تتماشى مع حجم كل مخالفة، كما وإن اعمال ازالة التجاوزات تشمل تلك التي تقبع على اراضي الدولة والتي تعرقل تنفيذ المشاريع الخدمية كالطرق وخطوط المجاري وأي اعمال خدمية وفق قرارات قضائية وبالاعتماد على القوانين
النافذة".
ويختتم العيساوي بالقول: "هناك تنسيق كبير بين دوائر البلدية ودائرة الحراسات والأمن في أمانة بغداد وقيادة عمليات بغداد في إنجاز هذه الحملات التي مازالت مستمرة
حتى الآن".
قاعدة بيانات
ومن منطلق حل الأزمة التي تواجه الدولة العراقية برمتها والمتعلقة بأزمة السكن ومن نتاجها (العشوائيات) اقترح خبير التنمية البشرية والمدرب الدولي امير كاظم الجيزاني خلال حديثه لـ "الصباح"، إعداد وتهيئة "قاعدة بيانات ومسح حقيقي عن تلك العشوائيات وحجمها وأماكنها، وثانيا تصنيفها جغرافيا، وبعدها يأتي دور العمل داخل أروقة البرلمان بتوفير غطاء قانوني للحكومة من خلال تشريع قانون حل أزمة السكن وحل مشكلة العشوائيات وإعادة فرز الأراضي الزراعية والبساتين في بغداد
والمحافظات".
مضيفا: "يجب تشريع قانون يعمل على توفير غطاء مالي لحل مشكلة العشوائيات من خلال تهيئة وتوفير الخدمات لها وتحويل جنس الأرض من زراعي إلى سكني كونها انقطع عنها الماء واصبحت غير مؤهلة للزراعة وقد توفرت الآن العديد من الخدمات، والعمل على إزالة التجاوزات في بعض العشوائيات التي بنيت خطأ على خطوط نقل أو اماكن غير صالحة للسكن وتعويضهم بمكان آخر وضمان سكن آمن للجميع كما كفل ذلك الدستور".
ويقول الجيزاني: "يجب العمل على إدخال مساحات زراعية جديدة ضمن خطة الإسكان للحدود الإدارية لكل محافظة لاستيعاب الزيادة الحاصلة في عدد السكان، وكذلك استثمار الطاقات البشرية التي تسكن تلك العشوائيات في مشاريع العمل وإعداد مشاريع التنمية، ومن هنا يجب على الحكومة أن تعي حجم الكارثة الملقاة على عاتقها من خلال تفاقم أزمة السكن، ولذا يجب العمل وبسرعة كبيرة على توفير الحلول والبدائل للناس في ظل الزيادة المستمرة في حجم السكان، لأن العراق في تزايد مستمر ويحتاج لخطط وبرامج اسكانية على المدى الطويل، وهذا العمل يحتاج إلى إرادة حقيقية والى رؤية موحدة شاملة لحل تلك الأزمة والتي تعد الأهم في حياة الناس
والدولة".