توقعاتٌ بشطبِ الشركات الصينيَّة من البورصات الأميركيَّة

اقتصادية 2019/10/01
...

واشنطن/ نافع الفرطوسي
 

نظراً لعدم خروج المحادثات التجاريَّة بين الصين والولايات المتحدة بنتائج تلبي طموحات الرئيس دونالد ترامب “الانتخابيَّة”، يدرسُ الرئيس الأميركي إمكانية شطب إدراج شركات صينيَّة معروفة في أشهر البورصات الأميركيَّة، والحد من تعرض الأميركيين للسوق الصينيَّة، ما قد يفضي الى تأجيج التوترات التجاريَّة التي ستقودُ الاقتصاد العالمي الى خطر الركود والانكماش لا محالة.
تراجع الأسهم الصينيَّة
وتدرس إدارة ترامب تدابير تشملُ شطب الشركات الصينيَّة من البورصات الأميركيَّة، والحد من تعرض الأميركيين للسوق الصينيَّة من خلال صناديق التقاعد الحكوميَّة، ووضع قيود على الشركات الصينيَّة المدرجة في مؤشرات الأسهم التي تديرها الشركات
 الأميركيَّة.
ففي إطار الحد من الاستثمارات الأميركيَّة في الصين واستمراراً لسياسة الضغط التي ينتهجها، يعمدُ الرئيس الأميركي الى دراسة إمكانية إلغاء إدراج شركات صينيَّة معروفة وبعضها مملوكة للدولة الشيوعيَّة الكبرى في أشهر البورصات الأميركيَّة برغم نفي وزارة الخزانة لهذا الأمر حتى الآن. 
فقد تراجعت بالفعل أسهم مجموعة علي بابا وجيه.دي.كوم وبيندودو وبايدو وفيبشوب وباوزون وآيتشي-يي، بين 2 و 4 بالمئة في معاملات نهاية الأسبوع المنصرم في الوقت الذي انخفضت فيه العملة الصينيَّة اليوان 0.4 بالمئة مقابل
 الدولار.
 
إلغاء الإدراج
ولا تزال الآليات الدقيقة لكيفيَّة إلغاء إدراج الشركات الصينيَّة قيد البحث وتتطلب أي خطة بهذا الصدد موافقة الرئيس ترامب شخصياً بحسب ما أوردته وكالة “بلومبيرغ” للأنباء الاقتصاديَّة، وكان ترامب قد أعطى الضوء الأخضر لمناقشة الأمر.
ونسبت الوكالة إلى ثلاثة مصادر قولها إنَّ المسؤولين يدرسون أيضاً سبل وضع قيود على الشركات الصينيَّة المسجلة على مؤشرات أسهم تديرها شركات أميركيَّة، لكنْ من غير الواضح بعد كيف يمكن أنْ يتمَّ ذلك. وسبق أنْ قدمت مجموعة مشرعين أميركيين في حزيران الماضي مشروع قانون لإلزام الشركات الصينيَّة المدرجة في البورصات الأميركيَّة بالخضوع للإشراف التنظيمي، بما في ذلك السماح بالاطلاع على تدقيق حساباتها أو مواجهة إلغاء الإدراج في بورصات البلاد.
وقد بلغ عدد الشركات الصينيَّة المدرجة على ناسداك وبورصة نيويورك حتى شهر شباط الماضي 156 شركة، وفقاً لبيانات حكوميَّة، ومنها 11 شركة على الأقل مملوكة 
للدولة.
 
ناسداك: لا تمييز!
وأثارت الفكرة رداً واضحاً من واحدة من أكبر أسواق الأسهم الأميركيَّة، وهي بورصة “ناسداك”، التي قالت في بيان: “إنَّ أحد أهم عوامل جودة أسواق رأس المال لدينا هو أننا نوفر وصولاً عادلاً وغير تمييزي لجميع الشركات المؤهلة. ويخلق الالتزام القانوني لجميع بورصات الأسهم الأميركيَّة للقيام بذلك سوقاً نابضة بالحياة توفر فرصاً استثماريَّة متنوعة للمستثمرين الأميركيين”.
 
الصين منفتحة
من جهتها قالت الصين إنها ستواصل فتح أسواقها المالية وتشجيع الاستثمار الأجنبي وسط تقارير تفيد بأنَّ إدارة ترامب تدرسُ فرض قيود على تدفقات الأموال إلى الصين.
وأكدت الصين “سنتخذ المزيد من الخطوات لتعزيز الانفتاح المالي عالي الجودة ثنائي الاتجاه وتشجيع المؤسسات المالية والصناديق الأجنبية على الاستثمار في السوق المالية المحلية لتعزيز القدرة التنافسيَّة وديناميكيَّة النظام المالي المحلي”، وفقًا لملخص من الاجتماع الثامن للجنة الاستقرار المالي والتنمية الصينيَّة، نشر على موقعها الإلكتروني.
 
جولة محادثات جديدة
ويتجه أكبر اقتصادين في العالم إلى جولة أخرى من المحادثات التجاريَّة رفيعة المستوى عقب الأعياد الوطنيَّة التي استمرت أسبوعًا في الصين والتي تبدأ من الأول من تشرين الأول. وستشكل الحملة الأميركيَّة على تدفقات رأس المال نقطة ضغط جديدة في النزاع الاقتصادي، وقد تتسبب في حدوث اضطرابات بشكل كبير لما يعرف بـ “الرسوم الجمركية” على مئات المليارات من الدولارات من المنتجات التي فرضها الجانبان ضد بعضهما
 البعض.
وقال لياو تشون، كبير الاقتصاديين في هونغ كونغ لدى “تشاينا سيتيك بنك إنترناشونال ليمتد”: “ستتباطأ الجهود الصينية لتعزيز الإصلاح والانفتاح على المدى القصير، لكنْ لن تتوقف أبدًا”. مضيفاً “لدينا أسواق الحزام وطرق الحرير بدلاً من الولايات
 المتحدة”.
 
الخزانة تنفي
بدورها، قالت وزارة الخزانة الأميركيَّة في بيان إنَّ الإدارة “لا تفكر في منع الشركات الصينيَّة من إدراج أسهمها في البورصات الأميركيَّة في الوقت الحالي”. ولم يعالج البيان أو يستبعد الاحتمالات الأخرى.
وقال نيك مارو، رائد التجارة العالميَّة ومقره هونغ كونغ في وحدة “الإيكونوميست إنتليجنس”: إننا “توقعنا منذ فترة طويلة أنْ تمتدَّ الحرب التجاريَّة إلى ساحات قتال جديدة، بما في ذلك التمويل”. مضيفاً “تتمتع الولايات المتحدة بدرجة عالية نسبياً من عدم التماثل عندما يتعلق الأمر بالضغط على الصين هنا. ومع ذلك، أصبحت الصين الآن مترابطة بشكل متزايد مع الأسواق العالميَّة، ما يعني أنَّ هناك مخاطر كبيرة تتمثل في رد الفعل على الشركات الأميركيَّة كجزء من هذه الستراتيجيَّة”.
وزاد مارو “سيتعين على المتداولين في الأسواق الصينيَّة أنْ يقرروا كيفيَّة تسعير مخاطر الحركة الأميركيَّة المحتملة، والتي وصفتها Citigroup Inc بأنها التهديد الأكثر تطرفًا ضد الصين حتى الآن في التنافس المتصاعد بين الاقتصادين”.