الخروج من أزمة الادارة

العراق 2018/11/14
...

محمد شريف أبو ميسم
أول خطوة للنجاح في معالجة أي مشكلة، هو الاعتراف بها، ثم تعريفها وتحديد أسبابها والآثار السلبية الناتجة عن وجودها وأسباب ديمومتها، ثم تحديد المسؤول عن حلها والآثار الايجابية الناجمة عن هذا الحل، ووضع منهج وخطة بديلة للمعالجة، حينها نكون قد وصلنا إلى منتصف الحل.
هذا ما يوصي به علماء الادارة، ويتفق معهم علماء الاجتماع بشأن الخروج من أي مأزق من دون تخبط، فيما يوصي علماء التخطيط الستراتيجي باعتماد التحليل الرباعي الذي يكثف الاشتغال على معايير (القوة والضعف والفرص والتهديدات) بما يوظف عناصر القوة المتاحة في المعالجة على أكمل وجه، ويوصي بمعرفة نقاط الضعف لمعالجتها، ويستثمر الفرص المتاحة أو التي يمكن أن تأتي من خارج دائرة الاشتغال بما يفضي لتعظيم فرص النجاح، فضلا عن ايلاء التهديدات المحتملة أهمية بالغة والتي ينبغي وضع أدوات التصدي لها موضعا مناسبا، وخاصة التي تأتي من خارج دائرة الاشتغال وتسبب اضطرابات وارباكات في
 الأداء.
نظريا هذا ما يمكن أن يتبع لمعالجة مشهد الاقتصاد الكلي الذي يعاني من اختلالات عديدة، وهذا ما ألمح له رئيس الوزراء الدكتور عادل عبد المهدي يوم الخميس الماضي ، حين أكد، أن الإيرادات النفطية لا تكفي وحدها للتنمية، مشيراً إلى أن لدى العراق عشرات المصادر للنهوض بالاقتصاد، فيما اعتبر أن أزمة العراق إدارية وليست مالية" وهذا ما يبشر ببداية جادة في التعاطي بموضوعية مع مشكلة يراد حلها، التي أشار اليها بوصفها "أزمة" ناجمة عن سوء الادارة، وهذا التوصيف يحمل في طياته تعريفا لها ولبعض أسبابها، التي أفضت الى تراجع في مخرجات الأداء وعدم النجاح في تحقيق "التنمية" التي كانت توظف فيها الايرادات النفطية 
فحسب.
وازاء هذا التشخيص، للمشكلة وأسبابها وما أفضت اليه، لم يغفل رئيس الوزراء وهو يحدد مكامن الضعف في أن يشير الى عناصر القوة وأهمية تعظيمها، فهو حين يقول "الأزمة ليست مالية" فانه يشير الى عنصر مهم في المعالجة يتمثل في الامكانيات المالية التي يجب توظيفها بشكل صحيح، والى أهمية تنويع الايرادات، اذ ان "الايرادات النفطية لا تكفي وحدها للتنمية" على حد قوله، فضلا عن أن "لدى العراق عشرات المصادر للنهوض بالاقتصاد" وهذه الاشارات تحمل دعوات لاعادة النظر بمكامن القوة والضعف.
ومن هذا المنطلق يكون الخروج من أزمة الادارة، هو المفصل الأهم في منهج المعالجة، اعتمادا على الثوابت الدستورية، بما يضمن للبلاد والعباد حق التمتع بالخيرات والمحافظة على الثروات في اطار التعاطي مع معياري "الفرص والتهديدات" في ملفات الاستثمار والسعي لابقاء الدولة كلاعب رئيس في الملفات الاقتصادية ذات الطبيعة السيادية، في ظل اقتصاد سوق اجتماعي.