أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن بلاده ستحتضن مؤتمرا دوليا لدعم السودان اقتصاديا، مضيفا أن فرنسا ستقدم للخرطوم مبلغ 60 مليون يورو لدعم الفترة الانتقالية هناك.
كما أكد ماكرون خلال مؤتمر صحفي عقده مع رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في العاصمة باريس، دعم بلاده للخرطوم لتحقيق السلام، وتصحيح الأوضاع الاقتصادية من خلال حكومة مدنية.
وأشار إلى أن الخرطوم تواجه خلال الفترة الانتقالية تحديات كبيرة، مؤكدا في الوقت نفسه أن باريس ستعمل مع شركائها لدعم الخرطوم، مجددا دعوة الولايات المتحدة إلى رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وأشاد الرئيس الفرنسي بـ”شجاعة” الشباب السوداني في تظاهرهم سلميا، في سبيل تحقيق تطلعاتهم.
وأعلن ماكرون أن حمدوك التقى في فرنسا زعيم أحد أبرز تنظيمات المتمردين في دارفور عبد الواحد نور، مشيرا إلى الوصول إلى “مرحلة أساسية” نحو إقرار السلام، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية.
وقال ماكرون: “لقد ساعدنا في عقد الاجتماع الذي جمع البارحة رئيس الحكومة حمدوك بعبد الواحد نور الموجود في بلادنا”، مضيفا: “قراركم بالموافقة على عقد هذا اللقاء هو قرار جيد، وأعتقد أن المرحلة التي تم تخطيها بالأمس هي مرحلة أساسية”.
من جهته قال حمدوك “بفضل دعم أصدقاء على غرار الرئيس ماكرون، أعتقد أننا نخطو حاليا الخطوات الأولى في الاتجاه الصحيح نحو هذا السلام. وفرنسا هي البلد الوحيد القادر على جمعنا، والدليل على ذلك اللقاء الذي قمتم بتنظيمه مع عبد الواحد نور”حسب تعبيره.
وتابع “لقد أجرينا محادثات معمقة جدا. اعتقدت أن الاجتماع سيكون لنصف ساعة، لكننا في الواقع بقينا نتحادث طيلة ثلاث ساعات. لقد تطرقنا إلى جذور الأزمة السودانية وإمكانات الحل ومعه سنضع المداميك الأولى للسلام”.
وقال حمدوك :إن السودان يقدر الدعم الفرنسي، مؤكدا “حرصه على العمل مع باريس للعبور ببلاده إلى بر الأمان”.
بدوره أعرب عبد الواحد نور عن “شكره” للرئيس ماكرون لتنظيم لقاء في فرنسا بينه وبين حمدوك .
وقال نور “لقد حققنا تقدماً” في هذا اللقاء النادر.
ومع تأكيده أن حركته المتمردة “لا تعترف” بالمجلس السيادي في السودان، قال إنه وافق على لقاء حمدوك “ليس كرئيس حكومة بل كفرد وشخصية سياسية في البلاد”.
وأضاف “إنه رجل جيد”، معتبراً أنه “إذا كان يريد حقاً تحقيق السلام والنمو في بلدنا، فلما لا” ألتقيه.
وأكد أن أحد الأوجه الأكثر أهمية في محادثتهما كان التأكيد على أن “عملية السلام والتغيير في البلاد لم يتحققا بعد”.
ورأى أنه “لا يوجد سلام وصحافة حرة ولا قضاء، المجازر مستمرة في دارفور وجبال النوبة وولاية النيل الأزرق”.
وعند سؤاله عن الخطوات المقبلة، قال نور إنه ورئيس الوزراء قررا التحاور من جديد. وأكد أنه سيتواصل مع قاعدته في السودان من أجل إبلاغهم بهذا اللقاء ومناقشة الخطوات المقبلة.
لكنه استبعد أن يزور السودان قريباً، معتبراً أن الشروط الأمنية لهذه الزيارة غير متوفرة.
ويقيم عبد الواحد نور في فرنسا ويتزعم حركة تحرير السودان التي تقاتل القوات الحكومية منذ العام 2003.
وأوقع النزاع في دارفور أكثر من 300 ألف قتيل وتسبب بنزوح نحو 2،5 مليون شخص منذ العام 2003 حسب الامم المتحدة.
سد النهضة الإثيوبي
بدورها طرحت اللجنة الفنية الثلاثية المكونة من خبراء من السودان ومصر وإثيوبيا، مقترحاتها لبحث آلية تشغيل سد النهضة الإثيوبي، في اجتماعات اليوم الأول في الخرطوم.
وتناقش اللجنة الفنية في الأيام المقبلة، بشكل تفصيلي تلك المقترحات، وتصور كل طرف ورده على مقترح الطرف الآخر، تمهيدا للوصول إلى توصيات، ورفعها إلى اجتماعات وزراء الموارد المائية والري في الدول الثلاث.
واقترحت مصر أن تتم عملية ملء السد خلال 7 سنوات مع الإبقاء على مستوى المياه في سد أسوان عند 165 مترا فوق سطح الأرض، وأن تقدم إثيوبيا 40 مليار متر مكعب سنويا من المياه إليها، لكن إثيوبيا رفضت على الفور الاقتراح، قائلة إنه “لا يحترم سيادتها والحق في تنمية مواردها”.
وفي حال فشل المفاوضات المتعثرة حول سد النهضة، بسبب تباعد المواقف بين الدول الثلاث، ربما تتجه مصر إلى خيارات أخرى للضغط على إثيوبيا، بما فيها الاتجاه للتحكيم الدولي للفصل في الخلاف على ملء وتشغيل سد النهضة، الذي تسعى إثيوبيا إلى تشغيله بأسرع وقت ممكن.
زيارة مرتقبة
في السياق نفسه كشفت مصادر سودانية عن زيارة متوقعة لرئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إلى إثيوبيا.
وقالت المصادر لموقع “الانتباهة” السوداني، إن حمدوك يزور إثيوبيا في 10 تشرين الأول الجاري، من أجل لقاءات رسمية مع الجانب الإثيوبي.
وأبدت الحكومة الإثيوبية استعدادها لاستقبال رئيس الوزراء السوداني، ووفد الدبلوماسية الشعبية تزامنا مع زيارة حمدوك.
وتأتي زيارة حمدوك في وقت تتوتر فيه المحادثات بين مصر وإثيوبيا بسبب سد النهضة، حيث أعلنت مصر رسميا في وقت سابق تعثر مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا.
في حين تجري في السودان اجتماعات اللجنة الوطنية الفنية المستقلة المكونة من السودان ومصر وإثيوبيا، لبحث موضوع “سد النهضة”.
ووفقا لصحيفة “باج نيوز” السودانية، تم تكوين اللجنة تنفيذا لتوجيهات رؤساء الدول الثلاث بعد تعثر المفاوضات في الفترة السابقة.
وأعرب رئيس الجهاز الفني للموارد المائية، خضر محمد قسم السيد، عن ثقته في أن تحرز هذه الجولة توافقا في ملف التفاوض بين الأطراف الثلاثة، موضحا أنه من المقرر مناقشة مقترحات مصرية وإثيوبية وسودانية بشأن السد.
وأعلن قسم السيد أن اجتماعات اللجنة البحثية ستتوج بلقاء لوزراء الموارد المائية في الدول الثلاث خلال الرابع والخامس من تشرين الأول الجاري، لاعتماد نتائج هذا
الاجتماع.