الترويج الشبكي للمنتجات في مواقع التواصل الاجتماعي تجربة مثيرة للاهتمام

ريبورتاج 2019/10/13
...

بغداد/ فجر محمد

معاناة الاربعينية نوار كمال مع القولون العصبي فرضت عليها التغيب عن دوامها مرات عديدة ومنعتها من أداء واجباتها المنزلية بشكل متكرر، مما دفعها الى البحث عن حلول ومعالجات وبعد أن جربت أكثر من منتج طبي قررت تجربة أحد المنتجات المروج عنها عبر الفيس بوك، على الرغم من وجود أكثر من مروج للمنتج ذاته إلا أنها اختارت إحدى الصفحات التي تم تجربتها أكثر من مرة من قبل أقربائها والاصدقاء، وتضع نوار أمامها علبا من الدواء حصلت عليها عن طريق أحد مواقع التواصل الاجتماعي  وتقول نوار:

إن"مشكلتي الصحية مع القولون بدأت منذ اكثر من عشر سنوات ومن يومها لم اتوقف عن البحث عن دواء شافٍ، وبينما انا اتصفح مواقع التواصل الاجتماعي نصحني المقربون باحدى الشركات المتخصصة بالعقاقير وذات منشأ معروف، اذ كانت تعرض دواء خاصا بمرضي لذلك سارعت الى الحصول عليه، وبدأت باستخدامه لفترة من الزمن وبدأت اشعر بتحسن واضح في صحتي".
مندوبة شركة فوريفر الأميركية للمنتجات الطبية المختلفة  عبر الفيسبوك ازهار قاسم اشارت الى ان اغلب المؤسسات العريقة تميل الى تسويق بضاعتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك والانستكرام  وغيرها من التطبيقات المختلفة، والشركات العريقة تحرص على الحفاظ على مصداقيتها لذلك تعمل على الاستعانة بأطباء وخبراء اختصاص يتم عرض حالة الزبون عليهم ليحددوا نوع العلاج، وهذا ما تقوم به شركتنا من اجل التواصل مع الزبائن والاجابة عن اسئلتهم واستفساراتهم ولتعزيز مصداقية المنتجات وكسب ثقة المستهلك .
 
أسباب متعددة
احدى المدونات الالكترونية فضلا عن خبراء تسويق ابرزوا اكثر من سبب يدفع الشركات والمؤسسات الى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ومن بينها العدد الكبير لروادها، ففي امريكا وحدها وصلت نسبة مستخدمي تلك المواقع الى 70بالمئة ومن المتوقع انه بحلول عام 2021 ان تزداد النسبة اكثر، اما في العالم ككل قد يصل عدد رواد الشبكة الاجتماعية الى اكثر من 3 ملايين شخص، مما يمنح فرصة اكبر للمشاريع الكبيرة والصغيرة على حد سواء للوصول الى المستخدمين لاسيما ان هؤلاء المتصفحين يزورون مواقع الشبكة بشكل يومي، كما ان المشاركين بمنصات التواصل الاجتماعي يتواصلون مع علاماتهم التجارية المفضلة بشكل شبه يومي، ووفقا لاستطلاعات العديد من المواقع الالكترونية الخاصة بالتسويق فقد ظهرت ان النسبة الاكبر لمتابعي العلامات التجارية المعروفة هم من فئة الشباب، وبينت الدراسة ان مواقع التواصل الاجتماعي توفر الفرصة للمشاركة وارسال للمنتجات عبر الصفحات الشخصية للمستخدمين، فضلا عن امكانية الوصول الى جمهور محدد يهتم بالبضاعة او المنتج المعروض بشكل خاص، وبالرغم من ان الاعلان على هذه المواقع لا يتطلب سوى القليل من الاستثمار الا ان الاعلانات من شأنها ان تفعل الكثير وتكون بمثابة حملات داعمة للمنتج المعني، كما اكدت الدراسات الخاصة بالتسويق ان هناك الكثير من المتاجر اكتظت بالمتسوقين لساعات نتيجة وصول اعلاناتها الفيسبوكية  والانستغرام وغيرها من المواقع الى المستخدمين.
 
السلوك الجمعي
تمسك الاربعينية نوار كريم  بقنينة دوائها وعلبة حبوب صغيرة وكأنها عثرت على كنز ثمين، اذ تقول نوار:
"بعد ان جربت اكثر من دواء وعقار طبي استخدمتهم لتسكين الالم فقدت الامل في العثور على علاج شاف، ولكن نصحتني صديقتي ان ابحث في احدى الصفحات الطبية التي تروج لمنتجات وعقاقير متنوعة تعالج مختلف الامراض، ولا يقتصر الامر على ادوية الجهاز الهضمي بل هناك علاجات للعقم بحسب تلك الصفحات التي تؤكد ان منتجاتها مستخلصة من الطبيعة ولا تحتوي على مواد 
كيميائية.
الباحثة بالشؤون الاجتماعية الدكتورة ندى العابدي لفتت الى ان الترويج الشبكي للمنتجات والدعاية عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعد ثقافة جديدة على المجتمع، وهي تتبع نظرية السلوك الجمعي والتقليد للاخرين لاسيما المشاهير وما يعرفون بالبلوكر، فهناك الكثير من البضائع عندما تعرض في المحال لا تلقى الرواج الذي تتلقاه مثيلاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن ان هناك الكثير ممن لا يملكون الوقت الكافي للتجول في الاسواق خصوصا النساء لارتباطهن بالعمل واداء الواجبات المنزلية لذلك يشترين ما يحتجنه من مواقع التواصل الاجتماعي، كذلك هناك رغبة في تقليد العالم الغربي من قبل المراهقين على وجه الخصوص.
 
فرص عمل
بابتسامة تعلو وجهها وتنم عن ارتياح بالغ تبين نوار انه في ما مضى كانت هناك صعوبة في الحصول ليس على الدواء وحسب بل حتى على مواد تجميل ذات ماركات معروفة اما اليوم فان هناك اكثر من شركة تروج عبر صفحتها، وتعرض منتجاتها اذ لم يعد الحصول على المنتج الاصلي بالأمر الصعب مع وجود وكلاء ومندوبين لشركات التجميل العريقة والرصينة.
وخلال تصفح الاربعينية نوار اظهر محرك البحث الموضوع على حاسبتها الشخصية وجود اكثر من صفحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعرض منتجاتها ليس فقط صور المنتج بل طريقة الاستعمال، فضلا عن كيفية الحصول عليه مع وضع ارقام المندوبين، ويشار الى  ان تلك الشركات لا تعتمد على صفحات معينة بل توزع منتجاتها بين عدد كبير من 
المندوبين.
الباحثة بشؤون التسويق الالكتروني والاكاديمية الدكتورة سماء علي تشير الى ان تسويق البضائع عبر مواقع التواصل الاجتماعي يعد امرا جديدا على البيئة العراقية، فهو قادر على توفير فرص عمل مختلفة ترضي اذواقا متعددة وتسمح لذوي المهارات والمهن الحرة بعرض منتجاتهم في العالم الواقعي وألا تبقى اعمالهم حبيسة البيئة الافتراضية، كما تتوفر لهم فرص عرض ما يعملونه من دون تكلفة باهظة عوضا عن الاستعانة بالاعلانات التي غالبا ما تكون غالية الثمن، كذلك فتحت مواقع التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية الافاق امام التبادل السلعي على المستوى العالمي وللشركات العالمية، اذ بامكان الزبون اقتناء اي بضاعة تعجبه والدفع الكترونيا ولكن الامر لا يخلو من سلبيات ومنها التنافس الكبير بين الشركات والمؤسسات المختلفة الذي يضع المستهلك في حيرة شديدة من امره في ظل وجود ترويج للمنتج نفسه في اكثر من صفحة واعلان ممول، فضلا عن توفر عنصر المصداقية بين الاشخاص والصفحات المعلنة وغياب الرقابة المباشرة على المنتجات الدوائية او التجميلية، وكذلك احيانا ما تعرض تلك المواقع بضائع تختلف تماما عن تلك التي تصل الى الزبون لاحقا مما يؤدي الى انعدام المصداقية بين الطرفين في ظل غياب قانون يحمي المستهلك من التلاعب، لذلك عمدت الشركات العالمية الى الربط المباشر بين زبائنها ومندوبي الشركة تجنبا للغش والخداع، والامر لا يتعلق بالشركات فقط بل هناك زبائن يرفضون تسلم البضاعة عندما تصلهم وبالتالي تسبب خسارة للمندوب وهذه كلها مشاكل من الممكن علاجها بمرور الوقت وترسخ الوعي 
اكثر.
التسويق النظيف
العشرينية سالي ايهاب مولعة باقتناء وتجميع الاجهزة الالكترونية والهواتف النقالة ذات الماركات العالمية اذ تضع امامها اكثر من جهاز وتتصفحهم وهي تقول:
"اتعامل مع صفحات معروفة على مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر واحيانا اليوتيوب الذي يعرض فيديوهات متنوعة عن طريقة استخدام تلك الاجهزة، ولم اتعرض الى اي خداع حتى هذه اللحظة من تلك الصفحات كونها موثوقة ومندوبيها ملتزمين تماما مع زبائنهم".
الباحث بالشؤون الاقتصادية ليث علي بين ان عرض البضائع عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي تعد طريقة سهلة جدا ومربحة للمنظمات اذ تسمى تلك الطريقة بالتسويق النظيف الذي لا يحتاج الى منافذ بيع متعددة، وانما يحتاج الى مندوبين يوفرون متاجر صغيرة يخزنون فيها البضائع ومن ثم  يعملون على ايصالها الى الزبائن، ولكن هذه الآلية ايضا تفتقر الى الضوابط ويصعب على الزبون التأكد من صلاحية البضاعة، وعلى الرغم من ذلك فان آلية التسويق تلك تعد معاصرة وتختصر الوقت والتكلفة، ان التبضع الالكتروني يعد ثقافة مجتمعية بحاجة الى وعي اكبر من قبل المستهلكين كي تنجح تلك الآلية وتحقق مبتغاها.