عمدة باريس.. كيف سيغير {رجل أوروبا القذر} نتائج الانتخابات؟

بانوراما 2019/10/20
...

برونو ريث
ترجمة: ليندا أدور
 
في باريس، انطلقت وبشكل جدي حملة الانتخابات البلدية، فان كان هناك شك يساور أي شخص في ذلك، فما عليه سوى القاء نظرة على ردود الأفعال التي أثارها مقال صحيفة الأوبزرفر البريطانية مؤخرا حول "قذارة" العاصمة الفرنسية  والذي أدان عنوانه مدينة باريس بوصفها "رجل أوروبا القذر".فقد كتبت كيم ويلشير، أنه، وبالرغم من جهود سلطات المدينة لتحسين نظافة الشوارع، الا ان تلك القضية لا تزال تؤرق الباريسيين.
تذكر ويلشير، نقلا عن استاذ جامعي أميركي عاش في باريس لمدة 30 عاما، قوله أن: "باريس قذرة في كل مكان". 
حتى وان ذكّرنا المقال بالأموال الكبيرة التي تنفقها البلدية على تنظيف المدينة والتي تصل الى نحو 445 مليون جنيه استرليني (ما يعادل نحو 550 مليون دولار أميركي) مشيرة الى خططها الكبرى لمكافحة تلوث الهواء، الا انها قد لمست بالتأكيد وترا حساسا.
أصر بعض القراء الغاضبين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على القول بأن باريس لم تكن المدينة الأسوأ من أي مدينة رئيسة أخرى. فقد وصفت صحيفة الباريسي "Parisien "Le  المقال بأنه لاذع، إذ أصرت آن هيدالغو، عمدة باريس، عبر الاذاعة الفرنسية، على الدفاع عن سجلها كعمدة للمدينة من خلال قولها بأن تقريرا مشابها قد كتب عن كل من مدينتي روما ولندن، وذكرت بأنه لا يمكن أن تضع حاوية نفايات لكل باريسي.  
استغل خصوم "هيدالغو" ردها هذا، وعدوه دليلا حيا على افتقارها للرغبة بمعالجة الموضوع، في الوقت الذي رأى مناصروها أن الأمر برمته، ليس أكثر من مجرد هجوم شامل. لكن لماذا جاء هكذا رد؟ تشير ويلشير الى أن مقالات نشرت مؤخرا لصحفيين إسبان أو ايطاليين تتحدث عن الموضوع ذاته، لكنها لم تتسبب بإثارة ردود الأفعال العنيفة تلك. 
وعلقت ويلشير بالقول: "برأيي، ان تفسير ذلك يكمن في العلاقة الخاصة جدا التي تربط  فرنسا وانكلترا، فبعد أن كانوا أعداء لمئات السنين، نجحوا  بلدانا بالحد من تنافس الأجداد مع مرور الوقت، وخلال الحرب العالمية الثانية، لبوا نداء التاريخ، وختموا تحالفهم بالدم. بالرغم من ذلك، في اللاشعور العام، على جانبي القناة، هناك نوع من التحسس لا يزال قائما".
ويبقى هناك سؤال عن ما تضمنه فحوى مقال ويلشير، فمن الصعب مناقشة ذلك، حتى ان صحيفة  le Parisien""  تتساءل: "هل ان باريس بتلك الدرجة من القذارة بالفعل؟" 
فقد عرض مؤخرا مقطع مصور يظهر شوارع المدينة وقد انتشرت فيها القمامة وفضلات الكلاب فضلا عن حاويات النفايات الممتلئة، حتى ان مجلة "ماريان"، التي هي مقر عمل ويلشير، نشرت مقالا في آذار الماضي تحت عنوان: "خلف البطاقات البريدية، باريس مدينة قمامة".
منذ ذلك الحين، برز عنصر جديد في المعادلة، الا وهو ظهور مرشحين جدد بموضع تحد لهيدالغو بانتظار انتخابات السنة المقبلة، من بينهم المتحدث الرسمي السابق باسم الحكومة، بنجامين غريفو، وعالم الرياضيات وعضو البرلمان سيدريك فيلاني. التفاصيل الممتعة في الموضوع ان كليهما من مؤيدي الرئيس ماكرون، وان الفوز بمنصب عمدة باريس يمثل تحديا كبيرا لرئيس الجمهورية، فان سيطر صديقا ماكرون على باريس بحلول العام 2020، سيمكنه ذلك من دخول انتخابات رئاسية ثانية وبأفضل رعاية. 
لكن النتائج العكسية ستفسر على انها "فأل سيئ"، فهيدالغو تعلم ذلك جيدا، وهو عائق بحد ذاته،  وفقا لأحدث استطلاعات الرأي، استمرت بتفوقها في السباق البلدي بفارق ضئيل: حيث تضعها نوايا التصويت متقدمة بنسبة 24 بالمئة، وعن منافسها غريفو بنسبة 19 بالمئة، وبنسبة 15 بالمئة عن فيلاني. تشير ويلشير الى أن مسألة نظافة باريس تبقى هي الشاغل الرئيس لسكانها، فالموضوع ذو حساسية، فالشهية مشحوذة والسكاكين مسنونة، وأن تقرير صحيفة الاوبزرفر، في الأيام الماضية، كان مجرد ستار لجولة أولية لحملة انتخابات البلدية، وأول نقاش بهدف الاحماء ولن يكون الأخير
بالتأكيد.