نجح باحثون في مجال الذكاء الاصطناعي لدى فيسبوك في ترجمة نصّ إلى لغة أجنبية من دون استخدام قاموس بمجرّد الاستناد إلى أوجه شبه بين اللغات على صعيد الرياضيات، ممهدين الطريق لتقنية واعدة جدّا
الترجمة التلقائيَّة
يعكف كبار مشغلي الانترنت في العالم على تطوير أدوات فعّالة للترجمة التلقائية، في مسعى إلى الربط بين أكبر عدد ممكن من سكان العالم وتحفيز الأنشطة المدرّة للأموال المرتبطة بمنصاتهم.
وأدوات كهذه هي قيد التطوير عند فيسبوك وغوغل ومايكروسوفت، فضلاً عن الروسي يانديكس والصيني بايدو.
وتُستخدم اليوم «150 إلى 200 لغة» على منصة فيسبوك، بحسب أنطوان بور مدير الأبحاث الأساسية في مجال الذكاء الاصطناعي في فيسبوك أوروبا.
لكن ما من قواميس ثنائية اللغات بالضرورة لكلّ زوج من اللغات، من هنا أهمية ابتكار آلة تنتقل من لغة إلى أخرى من دون الحاجة إلى ركائز من هذا القبيل. ويقوم النظام الذي طوّره باحثون شباب في مختبر فيسبوك في باريس على رموز رياضية للكلمات.
وفي كلّ لغة، يشار إلى الكلمات على شكل متّجهة في حيّز يكتسي مئات الأبعاد.
وكلّ متّجهة قريبة نسبيا من الكلمات الأخرى، وفقا للروابط التي تقام بينها في اللغة المحكية.
ففي كلّ اللغات مثلا، «تتمتّع كلمة «هرّ» أو «كلب» بمتّجهات متشابهة. كما أنّ كلّ المتّجهات التي تمثّل بلدانا، مثلا فرنسا والولايات المتحدة.. هي في الموقع عينه تقريباً»، بحسب طالب الدكتوراه في جامعة بيار وماري كوري، غييوم لامبل، المتعاون مع فيسبوك الذي أسهم في تطوير هذا النظام.
روابط لغويَّة
وتنتظم كلّ المتّجهات-الكلمات بالطريقة نفسها تقريبا في كلّ لغة ويمكن تاليا إقامة روابط بين لغة وأخرى، بطريقة بدائية في البداية قبل صقلها وتطويرها بحيث يصبح من الممكن ترجمة جمل كاملة من لغة إلى أخرى من دون الكثير من الأخطاء.
ولا تزال تقنية الترجمة هذه قيد التطوير راهنا. غير أن النتائج واعدة، بحسب لامبل.
ففي ما يخص الترجمة من الإنكليزية إلى الرومانية، لا تزال النظم التقليدية المعتمدة في فيسبوك أفضل بقليل من هذه التقنية الجديدة. لكن في ما يخصّ الإنكليزية والأوردية، فإنَّ الطريقة الجديدة أفضل من النظم السائدة لأنَّ هذه الأخيرة تفتقر إلى ما يكفي من نصوص للتمرّن.
أشاد خبيران من المركز الوطني للأبحاث العلمية في فرنسا (سي ان ار اس) بالنظام الذي طوّره لامبل لدى فيسبوك. لكنهما اعتبرا أن هذه الأداة لن تقدّم في الأحوال جميعها ترجمات كاملة.
ونوّه تييري بوابو من مختبر «لاتيس» بهذه «الثورة على الصعيد المفاهيمي»، لكنه لفت إلى أن «الترجمة من دون بيانات موازية»، أي قواميس أو نصوص ثنائية اللغات «أمر بعيد المنال» في الترجمة التلقائية.
وأردف «يكمن السؤال في معرفة مستوى الأداء الممكن توقّعه». فهذه التقنية «قد تعطينا فكرة عن النصّ لكن ليس بالضرورة ترجمة جيّدة».
وأشار فرنسوا إيفون من مختبر «ليمسي» الذي كلّف بتقييم هذا المشروع إلى أن «الموازاة بين اللغات أمر في غاية الصعوبة» عندما تكون هذه الأخيرة بعيدة عن بعضها البعض، «كما الصينية والفرنسية».
لكن هذه الترجمات على شوائبها قد تكون كافية لرصد المحتويات المشحونة بالكراهية، وهي أولوية قصوى بالنسبة إلى فيسبوك، بحسب إيفون.
تبويب الأخبار
وعلى صعيد منفصل أوضحت فيسبوك أن علامة تبويب الأخبار المزمع وصولها إلى المنصة في خريف عام 2019 ستحتوي على عناوين من صحيفة وول ستريت جورنال وبعض العناوين الأخرى من شركات نيوز كورب News Corp، وغيرها من وسائل الإعلام التابعة لداو جونز Dow Jones، وكذلك نيويورك بوست.
وقالت وول ستريت جورنال، التي نشرت تقارير عن الصفقة لأول مرة: “إن المنافذ الإخبارية، الواشنطن بوست، وأخبار BuzzFeed، و Business Insider قد توصلت أيضًا إلى اتفاق مماثل مع فيسبوك”.
ومن المفترض أن تدفع فيسبوك رسوم ترخيص للمنظمات الإخبارية في سبيل تزويدها لعلامة التبويب الجديدة بالعناوين الرئيسة، وقد تتراوح رسوم الترخيص هذه بين مئات الآلاف سنويًا وملايين الدولارات للمنافذ الإخبارية الكبرى، حسبما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال.
ودعا روبرت مردوخ Rupert Murdoch، مؤسس شركة نيوز كورب News Corp، في العام الماضي فيسبوك لدفع رسوم نقل للناشرين الموثوق بهم، على غرار النموذج الذي تستخدمه شركات الكابلات.
وسيتم الإشراف على بعض العناوين التي تظهر في قسم الأخبار في فيسبوك من قبل فريق من المحررين، بينما سيتم اختيار عناوين أخرى بواسطة خوارزمية الشركة، وفقًا لتقرير صحيفة وول ستريت جورنال.
تداول الليبرا
وفي سياق منفصل تستعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا لاتخاذ سلسلة من التدابير لحظر العملة المشفرة التي تستعد مجموعة فيسبوك لطرحها، في أوروبا، كما أعلن برونو لومير، وزير الاقتصاد الفرنسي، معدداً التهديدات العديدة التي تمثلها الليبرا على الدول. وقال لومير خلال مؤتمر صحافي على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن «في الأسابيع المقبلة، مع أولاف شولز وروبرتو غولتييري، نظيراي الألماني والإيطالي، سنتخذ عددًا من المبادرات لتوضيح أن الليبرا غير مرحب بها في أوروبا لأن سيادتنا على المحك». وأضاف «لن نقبل أن تتمتع شركة خاصة متعددة الجنسيات (...) بنفس القوة النقدية التي تتمتع بها الدول ذات السيادة الخاضعة للرقابة الديمقراطية، لأن الفارق الكبير بين فيسبوك والدول هو أننا خاضعون لرقابة ديمقراطية، وهذا يعني رقابة الشعب».
اتفقت مجموعة السبع التي تضم الدول الصناعية السبع الكبرى، ألمانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان، خلال اجتماعها في واشنطن، بالفعل على أن الشرط المسبق لإطلاق عملات مشفرة مستقرة، مثل الليبرا، يتمثل في إنشاء إطار قانوني لها.