جدل بشأن ضرورة تفعيل مدارس التعليم المهني

ريبورتاج 2019/10/22
...

بغداد / سها الشيخلي 
 
دعت الحزمة الثانية من الاصلاحات التي اطلقتها الحكومة  مؤخراً الى  فقرات عدة منها ( استثمار القدرات الفنية والمهنية لمدارس التعليم المهني لاغراض انتاجية وتخصيص نسبة من ريع المنتجات للطلبة والملاكات التدريسية )، وبهذا الشأن قال الخبير في المديرية العامة للتعليم المهني شلال اسماعيل نوري القيسي (ماجستير علوم زراعية ) ومدير عام سابق للتعليم المهني
«قدرات التعليم المهني تكمن في فروع كثيرة ابرزها التعليم الزراعي، اذا اردنا ان نطبق نشاطات تطبيقية او استثمارية، فتكون من ابسط الفروع الاخرى فالتعليم المهني يشمل خمسة فروع هي ( الزراعي ،الصناعي، التجاري، الفنون التطبيقية والحاسوب ) وفي هذه الفروع  الكثير من الاختصاصات، لكن الاقبال حالياً على فرع الحاسوب وبعض التخصصات الصناعية التي عليها طلب في سوق العمل حسب وجهة نظر المجتمع، كتصليح الاجهزة الطبية، وغالباً لا يعرف الطالب المتقدم للدراسة غير انه يريد ان يتعلم مهنة فقط، وهناك نوعان من التدريب، الاول للمدرسين والثاني للطلبة وكانت تصرف لهم مخصصات
مالية سابقاً».
 
سياسة تنظيميَّة
ويضيف القيسي: {نحن بحاجة الى سياسة تنظيمية تتوافق مع سوق العمل عبر منح شهادات تعترف بها الدولة لكي تضمن حقوق الخريج المهني عندما يفتح ورشة ريادية او استثمارية ويكون قادراً على ادارتها، اما حالياً فالطالب يتقدم للتعليم المهني لـ(يتفرج ) وهو غير قادر على الاختيار ولا يستطيع الانخراط في سوق العمل واغلب الطلبة  يتوظفون لاحقاً في الشرطة او الجيش، والمهم في نظرهم هو تحصيلهم على شهادة الدراسة الاعدادية فقط». 
 ويشير القيسي الى «وجود  ستراتيجية التعليم المهني والتقني في العراق والتي يطلق عليها مصطلح الـ (تبت ) وهي اختصار لمؤسسات التعليم  والتدريب المهني والتقني في العراق، وقد تم اعدادها بالتعاون مع المعهد الثقافي البريطاني عام 2014، وتهدف  الى اصلاح وتطوير التعليم المهني في العراق وكذلك المعاهد التقنية في التعليم العالي ومراكز التدريب في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وتتضمن نحو 12  محوراً، لم ينفذ منها سوى 3  محاور بمساعدة المجلس الثقافي البريطاني والبنك الدولي واليونسكو، وتأخر تنفيذ المحاور الاخرى بسبب عدم وجود تخصيصات مالية، ومع ذلك فقد انجزنا مسحاً لسوق العمل بمساعدة الجهاز المركزي للاحصاء في وزارة التخطيط، وتبنت هذا المسح منظمة اليونسكو واسهمت في المصاريف والجلسات».
 
قانون الاستثمار  
ويتابع القيسي: {لدينا قانون الاستثمار رقم 78 لسنة 1997 لم يلغ سابقاً وهو خاص باستثمار المدارس المهنية المنقولة وغير المنقولة وهذا القانون لنا فيه تجربة سابقة في التسعينيات وقد نجح نجاحاً هائلاً، وحققنا خلاله ارباحاً، الا انه توقف مع بداية سقوط النظام السابق، ثم اعيد العمل به وقد اعددنا له تعليمات خاصة في العام 2016  تتضمن تدريب الطلاب على موجودات المدارس المهنية مع اشتراك القطاع الخاص الذي يمتلك اجهزة حديثة، لان مدارسنا تفتقر الى مثل هذه الاجهزة ويستفيد القطاع الخاص من خبرة المدرسين، وجهود الطلاب، وهذا يعني انه يحقق اهدافاً كثيرة  منها رفع مستوى المهارة لدى الطلاب، ورفع مستوى مؤهلات المدرسين العلمية من خلال عمل المدرس على اجهزة حديثة، ويحقق الارباح التي تتوزع وفق القانون، وقد تم تطبيق هذا القانون على المدارس الزراعية،  لاننا لا نحتاج امكانيات واجهزة ومكائن ومعدات،  فلدينا اراض زراعية واسعة ولدينا مناحل وتربية دواجن وقد نجح هذا المشروع في عدة  محافظات، وكان هدفنا ان نعمل منه نواة لمشاريع كبيرة في المستقبل بدعم من الدولة ، وكان هذا المشروع الاستثماري يستطيع ان يوظف الكثير من امكانيات الخريجين، وكان بالامكان اعطاء الخريج قطعة ارض زراعية مع سلفة مالية لكي يزرع الارض بدلاً من ان نستورد من الخارج، واطلقنا عليه تسمية قانون الاستثمار الزراعي وفيه ارباح توزع بين كل من صندوق التربية والعاملين في المشروع، ونسبة 10 بالمئة الى تمويل المدرسة، ونسب لوزارة المالية والطلاب والمدرسين، ولان المدرسين يأخذون اكثر من الطلاب برز اعتراض في هيئة الرأي بالوزارة ، وتمويل هذه المشاريع  يأتي من العاملين او من صندوق التربية او المصارف الحكومية
 والاهلية».
 
دائرة التخطيط
وتحدث لـ{الصباح» رئيس المهندسين الاقدم ثائر مزهر غانم مسؤول التخطيط في مديرية التعليم المهني العامة.. ماجستير في التخطيط الستراتيجي قائلاً ان» دائرة التخطيط تقوم باعداد خطة سنوية للمديرية تتضمن الاهداف والوسائل التي تشمل جميع الوظائف التي تقوم بها، منها فتح المدارس والاقسام واعداد المناهج واعادة تأليف بعضها، وفي العراق 321  مدرسة تعليم مهني وتضم هذه المدارس 36 اختصاصاً، وفيها ورش واسعة للاجهزة الطبية والمصاعد ومحطات المياه والكهرباء والالكترون والاتصالات والحاسوب، وقد ركزت الحكومة في الآونة الاخيرة على الاختصاص الزراعي وصرفت النظر عن باقي الاختصاصات على اعتبار ان القانون يتحدث عن الاستثمار والفرصة متاحة جداً في التعليم الزراعي، اما في التعليم الصناعي والتجاري والسياحة  والفنون فهي شبه
 منعدمة» .
وأكد غانم ان «القسم الذي يشهد اقبالاً كبيراً هو قسم صيانة الاجهزة الطبية وهو اختصاص تم فتحه حديثاً ومن موقعنا  كدائرة تخطيط اشترطنا على المدارس الا تفتح اكثر من شعبة واحدة وبعدد 15  طالباً لكي لا يحدث ترهل، وتقل فرص الطلبة في التعليم الجامعي، ويأتي بعده اختصاص محطات المياه وللاسف لدينا هذا الاختصاص في مدرستين  فقط في العراق والسبب كونه يتطلب امكانيات مالية عالية وملاكاً تدريسياً متدرباً، كما لدينا اختصاص محطات كهربائية في ثلاث مدارس فقط، وبدأنا بفتح اختصاص تكنولوجيا الاعلام في مدرسة واحدة، وهي اعدادية المنصور الصناعية والان توجد 9  مدارس تضم مثل هذا الاختصاص وقد حددنا الطاقة الاستيعابية للطلبة وفق امكاناتنا في تجهيزها بالمدرسين  ومستلزمات التدريب، وهناك اختصاص آخر متطور هو اختصاص المصاعد الكهربائية الموجود في 9 مدارس وتم تدريب المدرسين في مصر، وسيجد المتخرجون فرص عمل لهم عند تخرجهم لعدم وجود هذا الاختصاص في
 المعاهد والكليات». 
 
الطاقة الاستيعابيَّة
ويشير غانم  الى ان «الطاقة الاستيعابية لمدارس التعليم المهني هي  90  الف طالب لكن الموجود حالياً هو 55  الف طالب، وهذا يدل على ان هنالك عزوفاً والسبب هو ان النظام التعليمي المهني والتشريع  القانوني  تم تعديله في تسعينيات  القرن  الماضي وخفضت فيه الامتيازات للطالب فقد كان الطالب سابقاً يمنح شهادة الاعدادية عند تخرجه لكنه في التعيين يمنح راتب معهد لهذا السبب اصبح لدينا  تراجع في  اعداد الطلبة، فضلاً عن ان  معظم الاقسام ليس لها فرصة  في سوق العمل باعتبار ان الحركة الصناعية في البلد  غير متوفرة، ولان اغلب الاقسام الرئيسة هي اقسام صناعية، بدأت تندثر وهناك اقسام اغلقت، والحل يكمن في التمويل وهوالان يشكل صفراً على مستوى التطوير، وتخصيصات التعليم المهني في الموازنة  10  مليارات دينار، منها 6  مليارات للرواتب، و3   مليارات للامتحانات الوزارية العامة ومليار واحد للمناهج، وهذا يعني ليس لدينا اي خدمة نقدمها غير المنهج
 والامتحانات». 
وتابع ان «عزوف الطلبة عن التقديم  لبعض الاختصاصات يتطلب حلولاً خارج قدراتنا واغلب المقترحات حددت ارجاع ارتباط  المدارس  المهنية  مالياً بالمديرية العامة للتعليم المهني وهذا ما اشير له في الحزمة الاصلاحية الثانية  للحكومة وهي الان مرتبطة بالمحافظات وقد تشتَّت».