عبد الحليم الرهيمي
تتعرض السياسات الحكومية في النظام الديمقراطي، دائماً الى نقد وملاحظات البرلمان والإعلام والمؤسسات الرقابية والبحثية المختصة بهدف الإصلاح والترشيد وصولاً لما هو افضل.
وانطلاقاً من اهتماماته البحثية اقام (مركز النهرين للدراسات الستراتيجية) التابع لمستشارية الامن الوطني ورشة عمل بعنوان (ترشيد السياسات الحكومية لتعزيز الامن الوطني) وذلك في العاشر من تشرين الاول الماضي شارك فيها عدد من المختصين والخبراء وممثلو الجهات المعنية ذات
العلاقة .
وقدمت في هذه الورشة ثلاثة بحوث كان الاول منها بعنوان" المعوقات الاجتماعية للسياسات العامة" حيث حدد فيه المحاضر عدداً من المعوقات لرسم السياسات العامة الصائبة واهمها – حسب رأيه – غياب الرؤية العامة في عملية رسم السياسة العامة ولكي تنجح هذه السياسة لابد من الافادة من الخبراء والمختصين ومعالجة المشاكل التي تواجه المجتمع ومتطلباته.
وتناول البحث الثاني وعنوانه (مأسسة عملية السياسات العامة في العراق) أشار فيه الباحث الى ان الدستور العراقي لسنة 2005 تطرق بشكل مباشر 17 مرة الى السياسات العامة، لكن الحكومات المتعاقبة لم تفعل منذ اقرار الدستور الا القليل من المواد الدستورية للانخراط في صياغة السياسات العامة وفق المعايير والقواعد الخاصة بهذا المجال، واشار الباحث ايضاً الى انه بالرغم من تأسيس وحدات للسياسات العامة في جميع الوزارات طبقاً لاعمام الامانة العامة لمجلس الوزراء العام 2014 ، لكن هذه الوحدات بقيت تعاني من الضغوط الادارية المتفشية في الجهاز الحكومي الاداري .
اما البحث الثالث وعنوانه ( السياسات الرمزية والامن الوطني) فقد اكد فيه الباحث اهمية السياسات الرمزية واثرها في تعزيز الهوية الوطنية كعنصر دعم معنوي للمجتمع لنجاح سياسات الدولة والتزاماتها بما يخص الامن
الوطني .
وتوصلت المناقشات والحوارات التي تضمنتها الورشة الى عدد من التوصيات اهمها : التأكيد على اهمية وجود منظومة حكومية متكاملة معنية بالتخطيط الستراتيجي، الحاجة الى تحقيق الاصلاح والفساد وتجاوز (الاقطاع السياسي) كشروط لازمة لتحقيق الترشيد في السياسات العامة، وذلك فضلاً عن السعي لان تكون السياسات العامة منسقة ومترابطة وتصب في الستراتيجية الوطنية
الشاملة .
ولأن"مركز النهرين" هو مؤسسة بحثية تعمل في اطار مؤسسة امنية هي"مستشارية الامن الوطني" فقد حدد هدف ورشة العمل بتقديم رؤية تجتهد في (ترشيد السياسات الحكومية العامة لتعزيز الامن الوطني)، ذلك ان نجاح المؤسسات الامنية وتطور عملها وادائها انما يستند الى السياسات العامة والخطط الناجحة التي تضعها الدولة وتحديداً سلطتها التنفيذية اي الحكومة المعنية بشكل مباشر عن عمل واداء المؤسسات الامنية، وان ترشيد وتقويم تلك السياسات العامة بشكل دائم ومستمر هما هدفان يتوجبان السعي لتحقيقه في مختلف
الظروف.
ان ما قدمته ورشة العمل هذه من افكار ورؤى ومقترحات هي، اضافة لورش عمل وندوات ومحاضرات اخرى دأب المركز على القيام بها منذ تأسيسه العام 2012 ، انما تعزز دور ومكانة هذه المؤسسة البحثية المتخصصة بما يمكنها من الارتقاء الى مصاف المؤسسات البحثية المرموقة في العالم.