تمُور الساحة العراقيَّة بالتظاهرات في تشرين، والتي سبقتها بكل جمعة، خلال أعوام خلت بحراك اجتماعيّ يهدفُ للإصلاح البنيوي بالنظام السياسيّ الذي شاخ على الأخطاء باعتراف قادة الكتل ومعظم من اشتغل بالعمليَّة السياسيَّة. البحث عن آلية وأنساق ونظم قانونيَّة، ودستوريَّة بإصلاح وتعديل التشريعات بمختلف الجوانب للارتقاء بتنفيذ وبتلبية الحقوق المشروعة للجماهير.. التي أكدت عليها المرجعية بكل خطب الجمعة من زوال كابوس الدكتاتورية لآخر خطبة ناشدت بها تحقيق الإصلاح السياسي، والتي تتواءم مع مطالب الجماهير بالقضاء على الفساد المالي، وتعديل الدستور، وقانون الانتخابات، وإلغاء مجالس المحافظات، والامتيازات، وتحسين الخدمات، والاهتمام بالتعيينات، والعدالة الاجتماعية التي تحقق التكافؤ بالفرص بين جميع أبناء المجتمع التي نصت عليها الشرائع السماويَّة والأرضيَّة..
تلك المطالب المشروعة التي رفعها كل وطنيّ غيور لتجاوز الأخطاء المتراكمة لـ 16 عاماً بلا حلول جذريّة، وواقعيّة دفعت بالشباب العراقي للتظاهر السلمي الذي كفله الدستور، مع أصوات العقل، والحكمة، بالمحافظة على السلم الاجتماعي، ومؤسسات البلاد، والمباني الحكوميَّة، وحقوق الإنسان في العراق ليهدأ الشارع بعيداً عن العنف، وإراقة الدماء، وتخريب الممتلكات العامة، والخاصة التي تدفع بذلك إعلامياً جهات خارجيَّة أفشل الحشد الشعبي بفتوى الجهاد مشروعها الأميركي الصهيوني الذي ثأرت منه بمحاولات الفتنة، والعنف، وبعد مقتل رأس داعش أبو بكر البغدادي في إدلب، وسحق مشروعه لذا يتطلبُ تنفيذ حزم الإصلاحات التي أطلقتها الحكومة وإلا استقالة البرلمان العاجز عن النهوض بمسؤولياته. العراق أمام مفترق طرق أما تصويب العمليَّة السياسيَّة وتحقيق الإصلاحات لتجاوز المحنة أو لا سمح الله حدوث ما يتمناه أعداء الحريَّة، والأبواق المرتزقة من أنور الحمداني وكل محرض على العنف، والحرق، والقتل.. نهوض العراق وتجاوز كل الإخفاقات التشريعيَّة وتحقيق مصالح المجتمع بالالتفات لمدن الجنوب التي تقدم النفط والثروة والرجال للعراق وتشعر بالحيف الذي لم يقع على مدن الشمال التي تنتعشُ بتخصيصات مالية ملياريَّة من نفط الجنوب، المصارحة السياسيَّة، ورفع المظلوميَّة عن كاهل الشباب الحر من خلال الاستماع لصرخاتهم بساحة التحرير في بغداد ومختلف المدن هو الكفيل بنزع فتيل الأزمة التي يُراد لها حرق الأخضر واليابس، وعي الجماهير هو المطلوب، وعمل البرلمان بلا تخاذل وغيابات ومناكفات كفيل بحل كل الأزمات وإلا فالاستقالة أولى.. التحدي كبير لا ينبغي أنْ يُقابل بتراخٍ من السياسيين الذين فضل بعضهم الهروب هو وأسرته بعد أنْ ضمن العيش الرغيد بجنسيته الثانية بعد حصوله على الثروة الملياريَّة بلا وجه حق، الوطني الحقيقي من يقف مع شعبه لا يهدف لمنافعه، ومصالحه، بل يعيش آلامه وآماله.. الجميع بسفينة واحدة معاً إنْ نجا وإنْ غرق.. لذلك المطالب الحقَّة الشرعيَّة والوطنيَّة التي ترفعها الجماهير تصحيح المسارات السياسيَّة التي يتفق عليها جميع الوطنيين من أجل الإصلاح بجميع المجالات من دون إراقة المزيد من الدماء.