تفاقم ظاهرة التحرش يتطلب اجراءات رادعة

ريبورتاج 2019/11/02
...

بغداد / رلى واثق 
{لم يكن التحرش حالة جديدة في المجتمع الا انها لم تكن بهذا المستوى}، هذا ما قالته الاربعينية (م. ع) وتضيف:{في السابق كانت هناك حالات تحرش تكاد تعد على اصابع اليد  من دون استعمال كلمات بذيئة او غيرها، اما الان فالمتحرش لايفرق بين فتاة وامرأة كبيرة او محتشمة من غيرها، مع عائلتها او بمفردها وحتى اثناء العمل الرسمي وفي الجامعات، نحن بحاجة الى ردع قانوني من جهة وتربية داخل الاسرة وتوجيه في المدارس من جهة اخرى، حتى الخطب الدينية يجب ان تنبه للحد من هذه الظاهرة الخطيرة
 
وتتابع: {التحرش طال مواقع التواصل الاجتماعي، فان لم يكن في مجموعات عامة تضم الشباب والبنات فيكون في رسائل خاصة، وماشجع على هذه الظاهرة غياب القانون من جهة وخجل الفتاة وخوفها من الشكوى حتى وان كانت لولي امرها، الامر الذي لا يجب السكوت عنه.
 
الفوضى سبباً
الباحثة الاجتماعية الدكتورة ندى العابدي بينت ان:
{التحرش ظاهرة عالمية ولا تقتصر على دول دون اخرى، فالاحصائيات المؤشرة من قبل منظمات مجتمعية ومحلية تنظر الى وضع البلد والتعامل مع المواطنين في الشارع، كونه يحتاج الى قوانين تحكمه، وبالتالي فاننا نرى الدول التي تضع قوانين للتحرش وحفظ الحريات الشخصية واحترام خصوصية المواطن ذكراً كان ام انثى معدودة على 
الاصابع.
وتضيف: الدول والمجتمعات التي يسود فيها نوع من الفوضى والتي تشهد تغييرات على المستوى السياسي ترافقها مجموعة من التغييرات على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، فتصبح هناك ردود افعال غير محسوبة لا يشعر بها سوى المراقب للشأن الاجتماعي، فالتغييرات التي تحصل بالمجتمعات يرافقها خلل في المنظومة الاخلاقية، و  تظهر امور تكون غريبة ومرفوضة من المجتمع الانساني، احدها ظاهرة التحرش.
وتشير الى: ازدياد هذه الظاهرة في العراق ومصر كونهما بلدين عانيا من تغييرات  عدة على المستويين السياسي او الاقتصادي انهت المنظومتين الخلقية والقيمية في المجتمع، هذا بالاضافة الى ماواجه المجتمع العراقي من عمليات نزوح وتغييرات ديموغرافية واجتماعية، مع انفتاح على العالم رافقه غياب منظومة اجتماعية تحد من هذه التغييرات والقانون، بالنتيجة يظهر هكذا شباب تكون لديهم عملية رفض لما يحصل يعبرون عنه باحراج الآخرين، ما يؤدي بالتالي الى وقوع العبء على الحلقة الاضعف في المجتمع الا وهي المرأة التي لاتستطيع الرد بالدفاع عن نفسها.
واستدركت العابدي:يجب التركيز على جانبين هما، تشريع قانون يجرم من يقوم بالتحرش وتعزيز روح الاحساس بالمسؤولية واحترام خصوصية الاخر عن طريق المناهج الدراسية ووسائل الاعلام والمؤسسات الاخرى.
 
تشريع قانون
عضوة لجنة المرأة في مجلس محافظة بغداد دهاء الراوي تؤكد:من الضروري تشريع قانون من قبل مجلس النواب ليكون ملزم التطبيق في عموم العراق، فهناك الكثير من انواع التحرش في العمل والاماكن العامة وامام مدارس الطالبات، لذا يجب ان يكون هنالك قانون خاص لردع هؤلاء الشباب الذين تمادوا بأفعالهم، ما دعا  المرأة الى تحاشي دخول الاماكن العامة.
الى ذلك قالت:هنالك الكثير من الندوات والطروحات التي طالبنا فيها باقرار قانون للحد من ظاهرة التحرش في البلد، دون ان يكون هنالك مجيب، سواء كان مجلس الوزراء او مجلس النواب، ولا نعلم ماهو المانع لغاية الان.
 
الابتزاز الالكتروني
مدير عام دائرة تمكين المرأة الدكتورة ابتسام عزيز علي ترى ان : اكبر مشكلة تواجه الحد من ظاهرة التحرش هي عدم تحرير شكوى ممن تعرضن لها في الشارع والجامعات والمدارس، مؤكدةً ان الدائرة بدأت بالتحرك بشأن هذه الظاهرة عن طريق الاستبيانات السرية، فتوصلنا الى ان المتحرش يتمادى بأفعاله وينجو من العقوبة نتيجة لعدم تقديم اي شكوى ضده من قبل المرأة حفاظاً على كرامتها وسمعتها.
وتتابع: التحرش لم يقتصر على النساء فقط بل طال حتى الصبيان الصغار والذي بات يؤثر بشكل كبير في نفسيتهم، ما حدا بنا الى طرح الموضوع في احدى جلسات مجلس الامن الوطني والاقرار بتشكيل لجنة من دائرة تمكين المرأة برئاسة دائرة الشؤون في وزارة الداخلية ووزارتي التعليم العالي والتربية وجهاز الامن الوطني والوقفين الشيعي والسني وشبكة الاعلام العراقي، ونتج عن الاجتماعات تهيئة 12 توصية ابرزها، العمل بأحكام المواد 400،401،402 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل والتي تصل عقوبتها الى الحبس لمدة سنة، وغرامات مالية لكل من طلب اموراً مخالفة للآداب، والعمل بأحكام المادة 10 اولاً من قانون العمل رقم 37 لسنة 2015 المتضمنةيحظر هذا القانون التحرش الجنسي في الاستخدام والمهنة سواء كان على صعيد البحث عن عمل او التدريب المهني او التشغيل او شروط وظروف العمل، والعمل بأحكام المواد 2،3،5،6 من تعليمات انضباط الطلبة رقم 160 لسنة 2007 بشأن ظاهرة التحرش، اذ فرض عقوبات بحق المرتكبين بعقوبة التنبيه والانذار، وفي حال التكرار يصار الى الفصل المؤقت لمدة 30 يوماً واذا كان المتحرش فعلاً مادياً او معاودة التكرار يصار الى الفصل 
النهائي.
واردفت علي: وزارة الداخلية افردت لموضوع الحد من الابتزاز الالكتروني جهوداً خاصة وتناقش في الوقت الحالي مشروع قانون جرائم المعلوماتية والذي اعدت مواده لهذا الغرض، بعد ان اسندت وشجعت الكثير ممن تعرضوا للتحرش الالكتروني ومنحوا الثقة والسرية الكاملة ما ادى بالتالي الى القاء القبض على عصابات مختصة بالتحرش الالكتروني، وعليه  تلك النقاط يجب ان تنفذ من قبل جميع الجهات المختصة وان تعمم على كل الوزارات والهيئات غير المرتبطة بوزارة والجامعات والمؤسسات الرسمية في بغداد والمحافظات، والتي من المفترض العمل بها.
 
تقديم الشكاوى
الملازم اول من الشرطة المجتمعية لارا فاضل عبد الله اوضحت:المديرية تعمل على توعية وتثقيف المواطنين ضد التحرش وفي الوقت نفسه نشر مفارز من الشرطة المجتمعية قرب مدارس البنات وفي الاماكن العامة لمنع حصول مثل هذه الحالات بعد الشكاوى التي تقدم بها مواطنون لردع من يقوم بذلك، وان اتخاذ الاجراءات القانونية يتطلب وجود شكوى ممن وقع عليه الفعل. 
وتضيف: حملات التوعية والتثقيف مستمرة بعد ازدياد حالات التحرش وخاصة الالكترونية منها، هذا وان القانون يحاسب على هذا الفعل سواء كان بسيطاً او صعباً، معتمداً على قرار القاضي المختص.
وتطرقت عبد الله الى ان: هنالك تحديات تواجه عمل الشرطة المجتمعية، ابرزها عدم تقديم شكاوى من قبل من وقع عليه الفعل بسبب المجتمع العراقي المحافظ والسطوة العشائرية، اضافة الى ماتعانيه الفتاة من قلة الجرأة بتقديم شكوى الى مراكز الشرطة المجتمعية والتي يمكن ان توقع اقصى العقوبات بحق المعتدي، اذ ان الكثير من الفتيات يتعرضن للتحرش الجسدي واللفظي ويفضلن السكوت ما يجعل هؤلاء المتحرشين يتمادون بأفعالهم.
ونصحت الفتيات اللواتي يتعرضن الى التحرش في اي مكان بقولها:لابد من  تقديم شكاوى الى الشرطة المجتمعية والتي يمكنها ان تعتقل المتحرش وتقدم اوراقه الى القضاء، ليكون عبرة لغيره، مؤكدةً ان الشكاوى يتم التعامل معها بسرية تامة، في حين يجب ان يكون اولياء الامور على مستوى عال من الوعي والابتعاد عن لوم الفتاة عندما تقدم تلك الشكوى.
 
خطط عمل
مسؤولة ملف المرأة في مفوضية حقوق الانسان فاتن عبد الواحد الحلفي تشير الى ان:المفوضية وضعت خطة عمل لوضع ظاهرة التحرش ضمن اولوياتها منذ مطلع العام الحالي، اذ بدأنا بالتخطيط لعدة ورش نعمل  بالشراكة مع وزارة التربية  لمتابعة هذه الظاهرة الموجودة اصلاً، لكنها بدأت تتطور وتتنامى وفق الاوضاع الحالية التي يعانيها العراق من غياب متابعة اولياء الامور لابنائهم والانفتاح على جميع الصعد وخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الالكترونية الحديثة والتي ادت الى  تفاقم  هذه الظاهرة.
وتضيف: هنالك توجيهات صدرت مؤخراً من مجلس الوزراء الى عدد من الوزارات والهيئات المستقلة منها الداخلية وحقوق الانسان، اكدت  تواجد الشرطة المجتمعية في الاماكن العامة لرصد الحالات التي تحصل والقاء القبض على مرتكبيها،على ان تكون تلك المفارز هي الشاهد على ارتكاب الفعل امام القضاء، وتوجيه منظمات المجتمع المدني لاقامة ندوات ومؤتمرات توعوية لاسباب وآثار ظاهرة التحرش للحد منها مجتمعياً، اذ باتت مقلقة ويمكن ان تؤثر في الاجيال الحالية والقادمة، مع تثبيت كاميرات مراقبة في الاماكن العامة كالساحات والتجمعات والشوارع والجامعات والمدارس لتسجيل واقعة التحرش.
ومن ضمن التوجيهات الاخرى قالت الحلفي:
{ ضرورة عمل المؤسسات الدينية على توعية المجتمع بخطورة هذه الظاهرة، لاسيما الشباب، ومشاركة وسائل الاعلام في هذه الحملة والتركيز على العقوبات التي يتعرض لها المتحرش وفق القانون لتكون لدى الشباب دراية كافية بهذا الامر والحذر من القيام 
بها.
 واقرت الحلفي : ظاهرة التحرش ازدادت  في الآونة الاخيرة بشكل ملفت للنظر في الشوارع والمولات والاسواق،  اذ باتت المرأة لاتستطيع السير بأمان، مؤكدةً بأن العقوبات التي تردع المتحرشين موجودة في الكثير من القوانين، الا انها معطلة دائماً وتحتاج الى 
تفعيل.