بوادر ولادة «جبهة إصلاحية» برلمانية تتبنى مطالب المتظاهرين

الثانية والثالثة 2019/11/02
...

بغداد / الصباح / عمر عبد اللطيف
 
 
أعلنَ رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي «الالتزام الكامل» بالخريطة التي وضعتها المرجعية الدينية، مؤكداً أن البرلمان سيعمل بشكل مكثف ومتواصل من أجل تلبية مطالب الشعب من دون ضغط خارجي أو إرادات شخصية أو حزبية، وبينما كشف مصدر نيابي لـ»الصباح» عن بوادر ولادة «جبهة إصلاحية» برلمانية خارج سيطرة القيادات الحزبية، تواصل الكتل والقيادات لقاءاتها المكثفة من أجل الوصول إلى حلول للأزمة الراهنة، تزامناً مع المقترحات التي قدمها رئيس تحالف الفتح هادي العامري بإجراء تعديلات جوهرية في الدستور تتضمن تغيير شكل النظام البرلماني الحالي وإلغاء مجالس المحافظات. 
 
خريطة المرجعية
وقال الحلبوسي في بيان تلقت «الصباح» نسخة منه: إنه «في هذه الأيام المصيرية والأحداث المتسارعة في بلدنا العزيز وصيحات الإصلاح المتدفقة من حناجر المتظاهرين في محافظاتنا في ساحات التآخي والإيثار؛ نؤكد التزامنا الكامل بالخريطة التي وضعتها المرجعية الرشيدة التي تثبت مرة بعد أخرى أنها صمام أمان للعراق، وعنوان وحدته، والمدافع الأمين عن حقوق جميع مكوناته، المرجعية الحكيمة التي نستضيء بهدى توجيهاتها في الشدائد والملمات بعد الاستعانة ب‍الله تعالى».
وأضاف، «لذا سيكون مجلسكم (مجلس النواب) أيها الشعب الكريم في حالة انعقاد دائم، يوصل ليله بنهاره؛ من أجل الإسراع بتنفيذ هذه الخريطة التي نظمت وأكملت مسيرة متطلباتكم بعراق حر ينعم أبناؤه جميعهم في ظله بالخير والرفاهية والأمن والأمان».
وتابع، «سنعمل بجد واجتهاد على إجراء كل التعديلات الدستورية بالشراكة مع ممثلين عن المتظاهرين والنخب والخبراء والأكاديميين المحترمين ممن يعيشون الواقع العراقي بتفاصيله؛ ليحددوا مكامن الخلل ومواطن الإصلاح لتشخيص الخطوات المطلوبة التي توصلنا إلى الإصلاح المنشود، نعمل كبرلمان جميعاً بشكل مكثف ومتواصل من أجل الشعب ومطالبه، دون ضغط خارجي إقليمياً كان أو دولياً، ودون فرض إرادات شخصية أو حزبية؛ لنعيد زهو العراق ومجده، ولنعطي هذا الجيل فرصته برسم مستقبله، والمساهمة في إصلاحه وبنائه بوحدته وبكلمته وبمحض إرادته».
وكان المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني أكد أمس الأول الجمعة أن ما يتعين إجراؤه من الاصلاح موكول إلى اختيار العراقيين، مشدداً على أنه «ليس لأي شخص أو مجموعة أو جهة أو طرف إقليمي أو دولي مصادرة إرادة العراقيين بإجراء الاستفتاء العام على الدستور والانتخابات الدورية لمجلس النواب».
 
نقد قانوني
بدورها انتقدت النائب عن كتلة دولة القانون النيابية عالية نصيف قرار رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بعدم عقد جلسة البرلمان الا بحضور رئيس الحكومة، مبينة أن «حضور النواب في المجلس دون جلسة رسمية غير منتج».
وقالت نصيف في تصريح صحفي: إن «قرار رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بألا يتم عقد أي جلسة للبرلمان الا بعد حضور رئيس الحكومة خاطئ ومعطل للبرلمان ولا سيما أن ظروف التظاهرات مؤاتية لتشريع القوانين التي كان تشريعها شبه مستحيل  كما حصل في تسمية اعضاء مجلس الخدمة وغيرها».
وطالبت نصيف رئيس مجلس النواب بـ «التراجع عن قراره»، مشيرة إلى أن «بيان الحلبوسي بشأن البرلمان دائم الحضور غير مبرر، والا ما الذي سينتج عن حضور النواب دون جلسة رسمية».
 
جبهة إصلاحية
إلى ذلك، قال عضو مجلس النواب عباس يابر العطافي في حديث لـ «الصباح»: إن «الكثير من النواب – ولا سيما المستقلين منهم والجدد- بدؤوا بالخروج من كتلهم لتشكيل (جبهة إصلاحية) داخل المجلس، مؤكداً «وجود اجتماعات متواصلة من 89 نائباً عملوا على تشكيل تلك الجبهة وستكون لهم قرارات داخل البرلمان».
وتابع العطافي أن «تلك الجبهة ستتبنى مطالب المتظاهرين وتعديل الدستور بما يتناسب مع وضع الدولة بالشكل الصحيح، وإلغاء جميع الدرجات الخاصة التي صادق عليها رئيس الوزراء كونها اختيرت وفق مبدأ الحزبية والمحاصصة وجعلها تنطلق من داخل الوزارات والدوائر نفسها بشكل انتخابي من الموظفين ومصادقة رئيس الوزراء عليها بعد ذلك».
وألمح العطافي إلى أن «الباب مفتوح لانضمام من يرغب من باقي النواب»، مؤكداً أن «تلك الجبهة تشكلت بعد انتقاد عدد من القيادات السياسية من أعضاء مجلس النواب لأداء البرلمان خلال المرحلة الماضية.
العطافي انتقد إدارة الحكومة للبلد التي وصفها بـ «غير الصحيحة» بسبب المزايدات واختيار اشخاص بالهوية والمجاملات الحزبية لتسنم مواقع قيادية لإدارتها «وهذا لا يخدم البلد او ينهض به»، مبيناً ان «مجلس النواب سيعمل على الغاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وتعديل القانون الخاص بالانتخابات بما يخدم الشعب والغاء مجالس المحافظات بشكل كامل»، منوهاً بأنه «بعد استكمال جميع هذه الاجراءات سيتجه الى تعديل الفقرات الدستورية وحل البرلمان الحالي بفترة وجيزة، وهذا الامر والتوجه يمثل عدداً كبيراً من الاعضاء الحاليين».
 
حوارات مكثفة
من جانب آخر كشف النائب عن كتلة الصادقون النيابية فاضل الفتلاوي عن وجود حوارات مكثفة بين الكتل السياسية، للخروج من الازمة الحالية.
وقال الفتلاوي في حديث صحفي: إن “الحوار لا يزال مستمراً بين رئيس الجمهورية برهم صالح والكتل السياسية من جهة، وبين زعماء التحالفات وقادة الكتل من جهة اخرى، للخروج من الازمة الحالية”.
وأضاف أن “هناك حواراً ايضا لاختيار البديل لرئيس مجلس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي”، لافتا الى أن “هناك اتفاقات تجرى على تضمين الحزم الاصلاحية الحكومية والبرلمانية بتوقيتات محددة لا مفتوحة”.
أما عضو مجلس النواب عن تحالف سائرون سلام الشمري فقال في بيان صحفي: «نحن ومنذ البداية أعلنا موقفنا من المطالب المشروعة لعموم الشعب وضرورة تنفيذها دون تأخير»، وأوضح أن «سائرون مع سحب الثقة عن عبد المهدي إن لم يحضر الجلسة المقبلة الى البرلمان واختيار بديل تكنوقراط».
 
مقترح العامري
رئيس تحالف الفتح هادي العامري أكد مساء أمس الأول الجمعة أن النظام البرلماني أثبت فشله ولم يعد يجدي نفعاً، بينما دعا إلى استبداله بنظام آخر يناسب وضع البلاد.
وقال العامري، في بيان تلقت «الصباح» نسخة منه: «مع احترامي الشديد لكل المبادرات السياسية الصادقة والمخلصة لإيجاد حلٍ لمطالب الشعب العراقي التي عبر عنها ابناؤنا المتظاهرون، نرى الحل الحقيقي يكون في ضرورة اعادة صياغة العملية السياسية من جديد تحت سقف الدستور ومن خلال اجراء تعديلات دستورية جوهرية».
وأضاف العامري أن «النظام البرلماني أثبت فشله ولم يعد يجدي نفعا ولذلك لا بد من تعديله الى نظام آخر يناسب وضعنا»، مشيراً إلى أن «الحكومات المحلية (مجالس المحافظات والمحافظين) هي الأخرى أثبتت فشلها أيضا، ولا بد من إلغاء مجالس المحافظات، وأن يكون انتخاب المحافظ مباشرة من قبل الشعب».
وتعليقاً على بيان العامري، قال النائب عن تحالف الفتح محمد البلداوي: إن «ما أعلنه رئيس تحالف الفتح هادي العامري من مقترحات ودعوات في بيانه الأخير استجابة لمطالب المتظاهرين هي أساسا من متبنيات تحالف الفتح منذ تشكيله».
وأضاف أن «هذه المتبنيات جزء أساسي ومهم وتقف في أولويات مطالب المتظاهرين المشروعة وقد آن الاوان لتحقيقها»، مبينا أن «تلك المطالب تتلخص في إعداد صياغة جديدة للعملية السياسية وإجراء تعديلات دستورية حقيقية تتناسب مع إرادة الجماهير».
 
رسالة علاوي
وعلى المنوال نفسه أرسل رئيس المنبر العراقي اياد علاوي رسالة إلى رئيس الجمهورية برهم صالح، أكد فيها أن المسألة الآن ليست مسألة اقالة رئيس الوزراء او نوابه، وانما هي مسألة تحسين الاوضاع في البلاد.
وقال علاوي خلال الرسالة التي تلقتها «الصباح»: إن «الحل الآن يكمن في اجراء انتخابات مبكرة في ظل القضاء والنقابات وفي مقدمتها نقابة المعلمين المحترمة وخلال شهرين او ثلاثة 
اشهر».
وأوضح علاوي أن «المهام تقع في قراءة متأنية لبعض فقرات الدستور من قبل فقهاء القانون الدستوري والغاء المفوضية الحالية، فضلاً عن سن قانون جديد للانتخابات يراعي بنية العراق، بالإضافة إلى العمل على اجتثاث الفساد، وتوضع القوانين اللازمة بمساعدة من مؤسسات تدقيق حسابي لها سمعة جيدة جداً».
وتابع أن «الحكومة التي تسبق الانتخابات لا تسهم في الانتخابات»، وأكد علاوي، أن «المسألة الآن هي ليست مسألة اقالة رئيس الوزراء او نوابه، وانما هي مسألة تحسين الاوضاع التي يمر بها بلدنا العراق، وفي ما يتعلق بمسألة الانتخابات يجب اعتماد وثيقة يتم ايداعها الى القضاء».
 
بيان الحكيم
من جانبه، أكد رئيس تيار الحكمة الوطني السيد عمار الحكيم أن التظاهرات رسمت صوراً جميلة تحكي حقيقة الروح الطيبة في 
المجتمع العراقي.
وقال السيد الحكيم في بيان تلقت «الصباح» نسخة منه: إن «صوراً جميلة تبعثها التظاهرات الشعبية في بغداد وبعض المحافظات للعالم بأسره تحكي حقيقة الروح الطيبة التي تسود المجتمع العراقي».
وأضاف، «فالثبات عند موقف المطالبة بالحقوق المعطلة لم يمنع ابناء الرافدين من التعاون والتبرع وصبغ الارصفة وتقديم العلاج المجاني والطعام وما الى ذلك، ما يكشف عن معدن العراقيين الاصيل الذي لن يصدأ مهما تكاثرت عليه الخطوب».
 
حقوق الإنسان
بدورها، اتهمت مفوضية حقوق الانسان في العراق السلطات الحكومية بانتهاك حقوق الانسان عبر استخدام الاسلحة بشكل مفرط ضد المتظاهرين، مشيرة الى أن هذه الاسلحة هي نوع من الغاز «يجب التحقيق فيه»، بينما طالبت بإيقاف استخدام هذه الاسلحة ضد المتظاهرين «فورا»، كما طالبت وزارة الصحة بإعلان اعداد الشهداء والجرحى ونوع الاسلحة التي استخدمت ضدهم.
وجاء في بيان للمفوضية العليا لحقوق الانسان بشأن أحداث التظاهر في بغداد، وتلقت «الصباح» نسخة منه أنه من خلال متابعة فرقنا الرصدية ومراقبتها للتظاهرات في بغداد وما رافقتها من حوادث وعنف واستخدام الاطلاقات المسببة للضرر الشديد التي تعد طريقة استخدامها انتهاكا لحقوق الانسان بحسب المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، وتطبيق الوسائل غير العنيفة وبشكل تدريجي قبل اللجوء إلى استخدام القوة.