معدلات الانتحار في أميركا هي الأعلى منذ الحرب العالمية الثانية

بانوراما 2019/11/04
...

جيمي دوشارم
ترجمة: شيماء ميران
بلغت معدلات الانتحار في اميركا أعلى مستوياتها منذ الحرب العالمية الثانية، بحسب البيانات الحكومية. ومن بين العوامل المتعددة المساهمة بذلك تعاطي الأفيون والانتشار الواسع لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وارتفاع معدلات الضغط العصبي.
وتقول دراسة تحليلية نشرها المركز الوطني للإحصاءات الصحية ضمن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية عام 2017، إن 14 من بين كل 100 الف اميركي يموتون بسبب الانتحار.
واصبحت الزيادة بنسبة 33 بالمئة منذ سنة 1999، وسجلت أميركا اعلى معدلات انتحار حسب العمر منذ العام 1942. حتى ان هذه المعدلات اعلى من قريناتها خلال فترة الانهيار الاقتصادي الكبير الذي وصلت ذروته خلال ثلاثينيات القرن الماضي.
يقول جيل هاركافي فريدمان، نائب رئيس البحوث في المؤسسة الاميركية للحماية من الانتحار: "لا اعتقد ان هناك حالة واحدة تتناسب مع جميع الاسباب، لانه لا يوجد هناك سبب واحد تقريبا للانتحار"،  مضيفا: اعتقد ان فترة من الضغط العصبي المتزايد وقلة الشعور بالامان قد تسهم بذلك".
 
الافيون وجرعته المفرطة
ويؤكد فريدمان انه من الصعب جدا ايضا تحديد اسباب هذا التنامي لأنه يحدث بين طبقات مجتمعية متنوعة. وعادة ما ينتحر الرجال اكثر من النساء بكثير، ولا يزال هذا واقعيا على اعتبار ان معدلات الانتحار بين الرجال كانت اعلى بثلاث مرات من النساء سنة 2017. 
وترتفع معدلات انتحار النساء بسرعة اكبر وبنسبة 53 بالمئة منذ عام 1999 مقارنة مع 26 بالمئة للرجال، والفارق بينهما يضيق. وبالنسبة للجنسين فان معدلات الانتحار هي الاعلى بين السكان الاصليين لدى اميركا والاسكا مقارنة ببقية الاعراق، وعند تقسيم البيانات حسب المجاميع العمرية، ظهر ان اغلب وفيات الانتحار بين الفئات العمرية من 45  الى 64، لكن قد شهدَ كل مجموعة عرقية او عمرية تقريبا تزايدا في جزء من حجمها للفترة بين 2017-1999.
اما انتحار الشباب فأخذ يصبح مشكلة ملحة خاصة بعد ارتفاع المعدلات بسرعة اكبر بين الاولاد والبنات باعمار تتراوح بين (10 و 14) سنة وبنسبة اكثر من اي فئة عمرية اخرى.
ووجد بحث نشرته صحيفة (JAMA) الطبية الأميركية بتاريخ 18 حزيران الماضي أن معدلات انتحار الشباب هي اعلى النسب على الاقل منذ عام
 2000.
هذه الدراسة لم تحدد اسباب تنامي انتحار الشباب، لكن أورين ميرون، الباحث من كلية الطب بجامعة هارفارد يضع نظريتين للموضوع. 
فيرى ان استخدام الافيون قد ثبت انه يحفز على السلوك الانتحاري بين متعاطي المخدرات واطفالهم وعائلاتهم، لذا قد تكون هناك علاقة بين احدث ارتفاع لمعدلات تعاطي المخدرات والافراط في الجرعة المخدرة وارتفاع معدلات الانتحار.
ويؤكد أورين ان انتشار الافيون مؤذ للصحة العقلية للمجتمع باكمله: "ان المجتمع الأميركي مستنزف باكمله، فالاطفال لا يرون اهمية المستقبل لانهم يرون اصدقاءهم يموتون، ما يعطي سببا آخر لاتخاذ اجراءات صارمة بشأن إساءة استعمال المواد المخدرة".
 
وسائل التواصل الاجتماعي
النظرية الثانية للباحث ميرون ترى ان وسائل التواصل الاجتماعي تسهم برفع معدلات الانتحار، وخصوصا بين الشباب، فيقول: "ندرك ان وسائل التواصل الاجتماعي تستخدم بكثافة حاليا من قبل اعمار صغيرة وبشكل مكثف، ان هناك تطبيقات جديدة تسمح بالتخفي أكثر، ما يسمح للصغار بالمقابل ان يكونوا اكثر تنمرا وحديثا عن الانتحار من دون علم ذويهم". 
كما ان الاستخدام المبالغ فيه لهذه الوسائل ربما يؤدي ايضا الى قلة التفاعلات الشخصية الهادفة ويشجع على المقارنات غير الصحية مع الاخرين، في حين يمكن لتلك التفاعلات ان تمنع مشكلات الصحة العقلية والسلوك الانتحاري.
ويشير فريدمان الى وجود امكانية اخرى وهي ان الابلاغ عن الانتحار وتحديده في الوقت الحالي افضل مما كان عليه في السنوات السابقة، لأن الناس أصبحوا يولون اهتماما اكثر بمشكلات الصحة العقلية.
رغم أن الانتحار دائما ما يكون صعبا على المستويين الفردي والمجتمعي، لكن المساعدة متوفرة، إذ يشجع الخبراء اولئك الذي يعانون من افكار انتحارية لوضع ثقتهم بصديق او فرد من العائلة، او التحدث مع مقدم الرعاية الصحية او طلب الرعاية في غرفة الطوارئ عند حالات الخطر 
المباشر.