بعدَ يومٍ صاخبٍ شهدته مناطق لبنان من صحوة المحتجين وقيامهم بقطع العديد من الطرق الرئيسة وتخللته عمليات كرٍ وفرٍ بين المحتجين وقوى الأمن اللبناني. بعد هذا اليوم عاودت قوى الأمن اللبناني فتح الطرق المغلقة وقد حدث إشكالٌ عند الشارعين الغربي والشرقي في الطريق الساحلي الرئيس عند محلة جل الديب بعد اعتراض الشباب على مساعي قوى الأمن بفتح الطريق وسرعان ما تم تلافي الأمر.
الجيش اللبناني وفي إطار حملته الرامية لفتح الطرق المغلقة استقدم صباح أمس الثلاثاء جرافات للشروع برفع العوارض التي نصبها المحتجون في الطريق الرئيس لمنطقة الزوق.
اعتصامات عامَّة
الى ذلك دخل الحراك الشعبي في لبنان يومه العشرين كما يبدو وفي إطار توجه ينأى لبعض الوقت عن الصدام بالجيش في الساحات العامَّة قرر تنفيذ اعتصامات أمام المؤسسات العامة والمصارف المركزيَّة والبنوك التجاريَّة ومكاتب شركات الاتصالات. في ذات السياق، قامت مجموعة «لحقي» وهي مجموعة ناشطة من حركة الاحتجاجات بإصدار بيان، يؤكد ما عبَّرت عنه بـ {مطالب الناس الواضحة» التي تم التعبير عنها في تظاهرات لبنان وحددت المجموعة، التي انطلقت في منتصف تشرين الأول الماضي، المطالب بتشكيل حكومة مصغرة، من خارج
قوى السلطة.
وقالت إنَّ الحكومة المصغرة عليها أنْ تقوم بثلاث مهام محددة هي: الأولى إدارة الأزمة الماليَّة وتخفيف عبء الدين العام وإقرار قانون يحقق
العدالة الضريبيَّة.
مشاورات مهمَّة
يأتي ذلك في الوقت الذي تدخل فيه استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري يومها التاسع، من دون إعلان من رئيس الجمهوريَّة بالشروع بالاستشارات النيابيَّة الملزمة لتسمية رئيس جديد، ويرجع مراقبون هذا التأخير الى مسعى الرئاسة الى إنضاج الرؤى بين الفرقاء حول السيناريوهات التي يمكن ان تدخلها عملية تشكيل الحكومة الجديدة بما يتماهى مع تطلعات الشارع المنتفض ضد الطبقة السياسيَّة وقد التأمَ مساء الاثنين لقاءٌ لافتٌ جمعَ بين رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ليصار عبر هذا اللقاء الى كسر القطيعة التي تجاوزت الشهر بين الرجلين، ففي خطوة مهمَّة زار باسيل بيت الوسط وهو مقر الحريري في بيروت وعقد لقاءً مطولاً مع رئيس الحكومة المستقيل ناهز الأربع ساعات ولم يصدر عن اللقاء أي تصريح أو بيانٍ يلخص ما جرى تداوله أو بحثه، إذ حرص الجانبان على التكتم الشديد، غير أنَّ عدم إعلان الرئيس ميشال عون حتى ساعة كتابة التقرير عن الاستشارات النيابيَّة الملزمة، يؤشر كما يذهب المحللون الى غياب التوافق السياسي حتى الآن على السيناريو المطلوب الذي يرضي جميع الأطراف ولا يثير الشارع في عمليَّة تشكيل الحكومة.
تحذيرٌ من الأسوأ
في هذه الأثناء أطلق النائب جميل السيد تحذيراً مما يمكن أنْ يسفر عنه الوضع من عواقب غير محمودة، فغرَّد على حسابه على «تويتر» قائلا: «تظاهرة مؤيدة للرئيس عون تبعها تحرّكٌ شعبيٌّ بالساحات، الحريري وجعجع وجنبلاط ركبوا موجة الناس وانقلبوا على الرئيس وقطعوا الطرقات، حزب الله وحركة أمل خارج الشارع ومستنفرون، والجيش والأجهزة مشلولون، والبلد في مناخ عام 2005، مع فارق بسيط، زمن الأوّل تحوّل، والنار ستحرق مَن أشعلها! روقوا».
الاقتصاد يترنح
وعلى صعيد تأثر الوضع الاقتصادي بما يشهده لبنان من حركة شبه مشلولة قال الكاتب والخبير الاقتصادي ايفا ابي حيدر: «لقد أسهم إقدام المصارف على وقف التسهيلات الممنوحة للشركات والمؤسسات والأفراد بشَد الخناق أكثر فأكثر على التجّار والصناعيين، وباتت الحركة الاقتصاديَّة مشلولة بالكامل. فإلى أيّ مدى يمكن للاقتصاد أنْ يصمد في ظل هذه الأوضاع؟ وكيف ستكون الانعكاسات
على المستهلكين؟».
ويمضي أبي حيدر في تحليله فيضيف «من المرجّح أنْ تكون هناك صلة بين القيود التي تفرضها المصارف ولو جاءت بشكل غير معلن على التحاويل والتسهيلات المصرفيَّة، وتراجع العجز التجاري اللبناني الذي، وبحسب إحصاءات إدارة الجمارك اللبنانيّة، سجّل انخفاضاً بقيمة 358.27 مليون دولار على صعيدٍ سنويّ ليصل الى 11.37 مليار دولار مع نهاية الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي. والسؤال المطروح هو: الى أي مدى ستسهم هذه القيود، التي تأثر بها التجّار خصوصاً، بدعم الإنتاج اللبناني؟».
معاناة الصناعيين
أما نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش فيقول في تصريح له: «إنّ الصناعيين يعانون بدورهم من هذا التكبيل ومن هذه القيود، «فالمصارف لا تسمح لنا بإجراء تحويلات لنستورد المواد الأوليَّة لصناعاتنا، فتوقّف الصناعيون عن استيراد المواد الأوليَّة قسراً. وبالتالي، سيأتي يوم تتوقف فيه المصانع عن العمل لفقدانها المواد الأولية الضروريَّة للصناعة، وبالتالي ستتوقف عجلة الإنتاج».