منتسبو {الدفاع المدني} شاهد على تلاحم القوات الأمنية مع الشعب والوطن

العراق 2019/11/10
...

بغداد / هدى العزاوي
اعتادَ منتسبو “الدفاع المدني”  مواجهة المخاطر والأوقات العصيبة نتيجة تعاملهم شبه اليومي مع الأخطار المتعددة  التي تواجههم، إذ أضحت مهمة الحفاظ على أرواحهم تتراجع مقابل إنقاذ أرواح الآخرين.. وفي هذه الأيام التي خرجت فيها جموع من المواطنين في تظاهرات سلمية، التحق أبطال الدفاع المدني بهم في خطوة جريئة جسّرت فجوة أراد بعض المندسين والطارئين على التظاهرات خلقها بين القوات الأمنية وأبناء الشعب. 
ويقول “المنعش” في خيمة للاسعافات الاولية تقع بالقرب من ساحة الخيام، المفوض باقر مهدي علي: “استطعنا كسر الحواجز التي حاول خلقها ضعاف النفوس بيننا وبين مشاركتنا في ساحة التحرير”، مبيناً أن “مدير عام الدفاع المدني وجه المنتسبين بتقديم الخدمات للمتظاهرين”. 
وقبل أن يستسرل، قطع حديثه لـ”الصباح” مسرعا ليستجيب لنداء استغاثة تلقاه من احد المواطنين تعرض الى نوبة من الهلع نتيجة اختناقه، وبعد ان استعاد المتظاهر انفاسه عاد المسعف ليكمل حديثه قائلاً: “تواجدنا هنا ينطلق من شعار (حب الوطن وحماية ابنائه بمختلف الظروف والحوادث التي تواجههم”.
مدير عام الدفاع المدني اللواء كاظم سلمان بوهان الذي واكب التظاهرات منذ انطلاقها، افاد لـ”الصباح” بأن “مديرية الدفاع مسؤولة عن حماية ارواح وممتلكات المواطنين والاقتصاد الوطني لذا كان وما زال الدفاع المدني هو المستجيب الاول عند الاستغاثة، ولعل ابرز تشكيلات الدفاع المدني هي الاطفاء لكثرة الواجبات المتعلقة بعملها، اضافة الى فريق الانقاذ وفريق (CBRN) المتخصص بالاستجابة السريعة للحوادث الكيميائية والاشعاعات البيولوجية الذي استطاع حصد المرتبة الرابعة عالميا وفق معايير الانتربول الدولي نتيجة العمل الميداني الذي شهده هذا القسم خلال عمليات التحرير، فضلا عن فريق معالجة القنابل المنفلقة”.
ويشير بوهان الى أن فريق الاسعاف الذي كان في وقت سابق اقل انشطة الدفاع المدني حضورا كونه ينقل الاصابات التي تحدث خارج مكان الحادث لتسليمها الى الاسعاف الفوري او الى احد المستشفيات القريبة من مكان الحادث، برز دوره بشكل استثنائي بسبب الحشود الكبيرة وهذا ما دفعنا الى نصب خيمة للاسعافات الاولية بالقرب من مدخل شارع السعدون وعندما تضاعفت اعداد الحشود ضاعفنا الجهود وقمنا بنصب خيمة بالقرب من عمارة الخيام وخيمتين بالقرب من ساحة الخلاني فضلا عن نصب جهازي انعاش واخر مدولب “متحرك” يساعد في ملء اجهزة الانعاش بالهواء”.
 
جولات ميدانية 
اثناء تجوالك بساحة التحرير تستطيع ان ترى عجلات الاطفاء بولارايز “توك توك” الدفاع المدني” التي انتشرت بالقرب من المتظاهرين لتلبية متطلباتهم، ويقول احد العاملين في فريق الانقاذ المفوض حسن هادي جواد: إن “الواجب الانساني يحتم علينا التواجد لخدمة المواطنين والمساهمة في حمايتهم من الحوادث الانية خاصة في السرادقات الكبيرة المخصصة للطبخ لذا كان دورنا التنبيه على الارشادات والتوصيات التي نشرتها مديرية الدفاع المدني بين المتظاهرين”.
وقف الكثير من المتظاهرين لسماع الارشادات والوصايا المتعلقة بضرورة الحفاظ على سلمية التظاهرات لضمان عدم وقوع اصابات خطيرة بينهم.. مدير اعلام وعلاقات الدفاع المدني، العقيد جودت عبد الرحمن داود، الذي كان حاضرا في ساحة التحرير لتوزيع البوسترات الخاصة بالتعليمات،  دعا خلال حديثه للمتظاهرين الى تجنب التدافع الذي اوقع اصابات واختناقات كثيرة بين صفوفهم.
وأشار داود الى خيمة الاسعاف الاولية الموجودة بالقرب من المطعم التركي وضرورة توجه المصابين لها لتلقي العلاج الفوري او الى اي نقطة تابعة للدفاع المدني، وفسح المجال لعجلات الاطفاء والانقاذ للقيام بواجباتها لانها تتعامل مع حالات حرجة تتطلب سرعة الوصول، واهمية الاتصال على هاتف سيطرة الدفاع المدني (115) للتعامل مع حوادث الحريق والانقاذ السريع للحفاظ على ارواح المواطنين، كما شدد على الحفاظ على الاملاك العامة والخاصة كونها ملكاً للجميع، مبينا أنه تم توزيع اسطوانات الاطفاء بين جميع الخيم الموجودة في ساحة التحرير وتعليم المتظاهرين 
كيفية استخدامها.
وفي هذا الشأن، كشف مدير عام الدفاع المدني اللواء كاظم سلمان بوهان لـ”الصباح” عن رفد ساحة التحرير بما يقارب 21 عجلة و 264 منعشا مع جهاز انعاش و6 عجلات بولارايز “توك توك الدفاع المدني” ووضعها في كل مكان في الساحة وهي محملة بالمطافئ للاستجابة السريعة لعملية النداء في حالة حدوث الحرائق، وتوزيع خمس نقاط للاسعاف تحتوي على الاسعافات الاولية وحقائب اسعاف اولية وهناك احتياط من منتسبي الدفاع المدني على اهبة الاستعداد للالتحاق بالميدان اذا ما اشتدت التظاهرات ودعت الحاجة لرفدهم وخدمتهم ميدانيا، مستدركاً اننا لم نحتج الى استدعائهم من مراكزهم حتى الان. 
 
نشاطات وقصص إنسانية 
تداولت الكثير من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي قصة احد منتسبي الدفاع المدني الذي استجاب لطلب متظاهر باجراء عملية انعاش لـ”عصفور”، وهذه القصة لاقت اهتمام الكثير من مرتادي “فيسبوك” فضلا عن النشاطات الترفيهية والتوعوية التي اقامها مدير عام الدفاع المدني اللواء كاظم سلمان بوهان في ساحة التحرير واجراء لعبة ودية اذابت جليد الصمت والتوتر بين القوات الامنية والمواطنين وغيرها من النشاطات التي لاقت استحسان المتواجدين في ساحة التحرير خاصة ان الساحة شهدت تواجد عدد من النساء فكان النشاط يتعلق بكيفية عمل اسطوانة الاطفاء بشكل عملي.
بصحبة سائق “توك توك” الدفاع المدني، تمكنا من الدخول لساحة التحرير والوصول لخيمة الدفاع المدني التي تقع بالقرب من ساحة الخلاني بعد ان سلكنا طريقا مختصرا بسبب الحشود المنتشرة، ويقول سائق الاسعاف المفوض علي حسن فريح  : «بسبب انتشار الكثير من المتظاهرين وصعوبة وصول عجلات الاطفاء والاسعاف الفوري تمكنا من خلال سائقي «البولارايز» من نقل الكثير من المصابين الى المستشفى لتلقي العلاج بسبب اصاباتهم». قطع حديثه ليجيب احد المتظاهرين ومن ثم عاد ليكمل فصول انجازاتهم المغيبة عن الشارع العراقي، قائلا: «استطعنا من اليوم الاول من بدء التظاهرات ان نخلق التلاحم والالفة بيننا وبين المتظاهرين ولم يقتصر عملنا على نقل المصابين واطفاء الحرائق، وانما تسارعت وتيرة العمل بعد الحشود المتزايدة في ساحة التحرير وعملنا على تنظيف المطعم التركي بالتعاون مع امانة بغداد وبعض الاعلاميين ومساعدة اصحاب الخيم لتوزيع الطعام وغيرها من الاعمال الانسانية التي علقت بذاكرة المواطن عن 
عمل رجال الاطفاء».
 
التلاحم الانساني 
«وعلى الرغم من ان تقويمنا ينطلق من المواطن الا ان الدفاع المدني كان وجوده مألوفا ميدانيا»، بهذه الجملة استهل ضابط مركز دفاع مدني الشورجة المقدم يعرب اياد شهاب حديثه لـ»الصباح»، مؤكدا «التحاق منتسبي الدفاع المدني في ساحة التحرير منذ الخامس والعشرين من الشهر الماضي وعملنا على حماية المتظاهرين وذلك بتوجيهات واشراف مباشر من قبل مدير عام الدفاع المدني الذي اكد ضرورة انتشار منتسبي الدفاع المدني بين المواطنين لخدمتهم وحمايتهم من الاصابات والحوادث المتوقعة نتيجة التدافع والاختناقات».  
ويختتم مدير عام الدفاع المدني اللواء كاظم سلمان بوهان حديثه بصوت مليء بالفخر عن العمل الذي يقوم به منتسبو الدفاع المدني في ظل المخاطر التي تواجههم في ساحة الميدان التي وثقتها ذاكرتهم،  داعيا، من خلال «الصباح» إلى أن يكون لرجل الدفاع المدني نصب في احدى ساحات العاصمة تخليداً لعمل منتسبي هذه 
المديرية المعطاء».