التحدي الأكبر للحكومة المقبلة

آراء 2018/11/18
...

عباس الصباغ
 
رغم كثرة التحديات التي ستواجه الحكومة العراقية المقبلة ، الاّ ان التحدي الاهم سيكون استكمال المشروع الذي بدأه رئيس الوزراء السابق والمتمثل بالإصلاح ومكافحة الفساد الاداري والمالي الذي استشرى وتغول في جميع مفاصل الدولة 

 وهو مشروع ستراتيجي ارّق جميع الحكومات المتعاقبة السابقة ووقف حجر عثرة في الطريق المفضي الى تأسيس دولة مدنية وعصرية يعيش مواطنوها تحت هامش الحدود المعقولة للرفاهية والسعادة وكرامة
 العيش .
 والفساد كان ولايزال سبباً دون انجاز عملية التنمية المستدامة ، وفي هدر المال العام وتعطيل مشاريع البنى التحتية وتردي الخدمات التي تقدّم للمواطنين ، 
فمحاربة الفساد هي الخطوة العملية الاولى التي كان يجب أن تضطلع بها الحكومات السابقة وشرعت بها فعلاً الحكومة السابقة، ولكن لم تتحقق النتائج المرجوّة منها كاملة ونالها الكثير من المعرقلات التي جعلت من هذا المشروع يحقق نتائج لم تكن بمستوى الطموح ، لانه بدون هذا الاجراء يبقى البرنامج الحكومي لأية كابينة حبراً على ورق او كسيحاً لافعالية اجرائية له ،  ولا طائل منه او يبقى مجرد مصفوفات لغوية لاتُغني او تُسمن من جوع من جهة .
 ومن جهة اخرى تبقى معاناة الشارع مستمرة في ظل اخفاق الكابينة الحكومية التي يعشّش الفساد فيها، كونها لم تستطع ان تلبي طموح المواطن البسيط والمغلوب على امره، وتحقق ادنى متطلبات عيشه الكريم ، ومن جهة اخرى يبقى الشارع آملا بالإصلاح الذي لم يتحقق منه الا هوامش بسيطة ازاء تغوّل فساد مرعب استمر منذ اكثر من عقد ونيف ، وما التظاهرات العارمة والصاخبة التي جابت بعض المدن كالبصرة مثلا إلاّ بارومتر حقيقي كشف عن مدى استياء الشارع من استشراء ظاهرة الفساد الذي حوّل حياة الناس
 الى كابوس ـ وما معاناة الناس سوى اسقاط عرضي للفساد ونتيجة
 كارثية له ـ
ومن سوء الاوضاع المعيشية والافتقار الى ابسط الخدمات التي تقدمها الدول الى مواطنيها ، وليس بمقدور اية كابينة مرتقبة ان تتجاهل هذا المشروع الحيوي إن ارادت  النجاح في عملها الحكومي ، لذا يتحتم على الحكومة الجديدة
 الشروع  ـ  فور تشكيلها والمباشرة بمهام عملها ـ  في مسيرة الاصلاح ومحاربة الفساد المالي والاداري ، وإلاّ ستبقى الامور كما كانت عليه في الحكومات السابقة وقد  تنفجر في اي لحظة وان كان الطريق امامها ليس معبّداً او مفروشاً بالزهور ومتطلباً لتضحيات سياسية جسام، ولكن الثمن الذي ستكسبه هذه الحكومة هو ثقة المواطن بالعملية 
السياسية  ـ  وهي ثقة تزعزعت كثيرا لدى رجل الشارع وعلى حكومة السيد عبد المهدي استرجاعها وضمن اولوياتها القصوى في توخي الاصلاح الذي سيكون التحدي الاكبر لها  ـ وبعد ان
 وضع المواطن كل آماله في سلتها والامل يحدوه بان لايرجع خالي الوفاض ، والمفروض ان يكون اول
 ما ينبغي ان تتصف به الحكومة الجديدة بقيادة  السيد عبد المهدي هو ان تكون لها رؤية ابعد من واقع الحال، وألاّ تضيع جهودها ما بين الازمات والتحديات التي تواجهها وهي ستكون كثيرة بلا شك فالإصلاح ليس مجرد شعارات ترفع سرعان ما تُستهلك وتُنسى بل هو برنامج  عمل متكامل يحتاج  الى تضافر الجهود الحكومية
 والجماهيرية ايضا  .
وطالما حذرت المرجعية الدينية العليا من استشراء الفساد بأنواعه واشارت الى  ضرورة توخي الاصلاح الذي يعدّ ضرورة ستراتيجية لا محيص عنها وبدونه قد تخرج الامور عن السيطرة كما طالبت رئيس الحكومة المقبلة بان يتحلى بالشجاعة
 ويضرب بيد من حديد ويلبيّ الحاجات الاساسية التي لا تقبل الانتظار وعليه اعتماد ستراتيجية ادارية ترتكز على استخدام الكفاءات النزيهة(التكنوقراط المستقلين)  والقادرة على 
الانجاز. 
فإذا لم يتصدَّ له فلا نجاح لاية جهود اخرى بل قد تذهب جميع تلك  الجهود هباء منثورا وحتى وان كُتب لها النجاح، فبمعالجة الفساد تستطيع الحكومة ان تعطي رسالة قوية للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية، بان العراق  خالٍ من الفساد ما يعني وجود ضمانة لتدفق الاستثمارات  الدولية عليه .
وقد يخالفني البعض الرأي بان امام  رئيس الوزراء  الكثير من المهام والتحديات وربما الكثير من الاستعصاءات والانسدادات والتحديات،  فلماذا هذا التركيز على جانب واحد فقط وهو الاصلاح  ومحاربة الفساد الاداري
 والمالي ؟
  والجواب هو بحسب رأيي ان الاصلاح هو مفتاح النجاح في العمل وجميع العراقيين يحدوهم هذا الامل الذي طال انتظاره ،  والامل بكابينة السيد عبد 
المهدي كبير .وتفاءلوا بالخير تجدوه .