المرجعية العليا تطالب بإجراء إصلاحات حقيقية بمدة معقولة

العراق 2019/11/12
...

النجف الأشرف/ الصباح
بغداد / عمر عبد اللطيف
القاهرة / إسراء خليفة
عبر المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني عن ألمه الشديد وقلقه البالغ لما يجري في البلد، وبينما طالب بضرورة إجراء إصلاحات حقيقية بمدة معقولة، لوّح بسلوك "طريق آخر" إذا لم تكن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية قادرة على إجراء الإصلاحات اللازمة، كما أكد المرجع الأعلى خلال استقباله بمكتبه في النجف الأشرف أمس الاثنين، مبعوثة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت "رفض التدخل الأجنبي في الشأن العراقي واتخاذ البلد ساحة لتصفية الحساب بين قوى دولية وإقليمية".
يأتي ذلك في وقت، تعتزم فيه لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب الاجتماع مع خلية الأزمة لمناقشة تصاعد حالات القتل والاصابة في صفوف المتظاهرين، مجددة موقفها الرافض لاستخدام العنف ضد المتظاهرين.
 
حديث المرجع
وأفاد بيان لمكتب المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني اطلعت عليه "الصباح"، أن السيد المرجع استقبل ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت والوفد المرافق لها.
وأضاف البيان، أن السيد السيستاني عبر خلال لقائه بعثة الأمم المتحدة عن ألمه الشديد وقلقه البالغ لما يجري في البلد، كما حذر مجددا ًمن مخاطر تفاقم الفساد المالي والإداري وسوء الخدمات وغياب العدالة الاجتماعية، مرحباً بمقترحات الأمم المتحدة بما يخص الأوضاع الحالية.
وأكد المرجع الأعلى، على ضرورة إجراء إصلاحات حقيقية بمدة معقولة، مبدياً قلقه من عدم جدية الجهات المعنية بتنفيذ إصلاح حقيقي، وأضاف البيان إن السيد السيستاني أكد أنه "لابد من سلوك طريق آخر إذا لم تكن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية قادرة على إجراء الإصلاحات اللازمة"، كما أكد "ضرورة الكف عن استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين ووقف الاعتقال والاختطاف في صفوفهم".
وجدد المرجع السيستاني خلال اللقاء، "رفض التدخل الأجنبي في الشأن العراقي واتخاذ البلد ساحة لتصفية الحساب بين قوى دولية وإقليمية". 
 
ممثلة الأمم المتحدة
وكانت ممثلة الامم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، وصلت إلى النجف الأشرف صباح أمس الاثنين، والتقت فور وصولها بالمرجع الديني الأعلى، وقالت بلاسخارت في مؤتمر صحافي عقب اللقاء: "لقد قدمنا نصائح للحكومة العراقية وحان الوقت لتقدم شيئا للشعب"، مشددة على ضرورة "احترام سيادة العراق من الكل ونحن نحترم ذلك"، وأضافت، إنه "لا يجب أن يكون العراق ساحة للتصفيات السياسية لأن هناك أخبارا تصلنا من كل الأطراف".
وبشأن لقائها بالمرجع السيستاني، أكدت بلاسخارت، أن "المرجعية أبدت قلقها من عدم جدية القوى السياسية بإجراء الاصلاحات، وأكدت أن المتظاهرين لا يمكن أن يعودوا إلا بإجراء الإصلاحات".
وتابعت: إن "المرجعية أوضحت إنه (إن كانت القوى السياسية والرئاسات غير قادرة ولا تريد إجراء الإصلاحات فلا بد من سلوك طريق آخر)"، لافتة الى أن "المرجعية أكدت ضرورة عدم استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين ووقف الاعتقالات والاختطاف فوراً وضرورة إجراء اصلاحات".
وبينت بلاسخارت، إن "المرجع السيستاني رحب بمقترحنا حول قانون موحد للانتخابات".
وكانت بعثة الامم المتحدة في العراق، نشرت على موقعها الإلكتروني قبل زيارة بلاسخارت للنجف، عدة اقتراحات لتخطي الازمة الحالية في البلاد، مطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين.
ولعل أبرز ما جاء في مقترحات الأمم المتحدة: "الانتهاء من وضع إطار قانوني للانتخابات وإصلاح الأمن وتحديد هوية المسؤولين عن استهداف المتظاهرين"، بالإضافة إلى "طرح أي تعديل في الدستور للاستفتاء من قبل الشعب العراقي وإحالة قضايا الفساد على القضاء أو المحكمة المركزية لمكافحة الفساد".
 
الأمن النيابية
من جانب آخر، قال عضو لجنة الامن والدفاع في مجلس النواب عباس السيد صروط لـ "الصباح": إن "اللجنة بصدد عقد اجتماع مع خلية الازمة الامنية لمناقشة كيفية تعامل قوات الجيش والشرطة مع المتظاهرين خلال الايام الماضية"، مشيراً الى إن "اللجنة بكل اعضائها لا تميل الى استخدام العنف ضد المتظاهرين بل ينبغي أن تكون هنالك حلول سلمية معهم على اعتبار أن الدستور كفل للمواطن حق التظاهر السلمي والتعبير للمطالبة بحقوقه".
وأضاف، أن "تلك التظاهرات نبهت الحكومة الى بعض الامور التي كانت غافلة عنها، وكانت درساً لمراجعة وضعها والاخطاء التي وقعت فيها بالسابق وسياستها خلال الفترة المنصرمة لكي لا ترتكب المزيد من الاخطاء الاخرى خلال المرحلة المقبلة".
بدوره، وصف عضو اللجنة علي الغانمي، الاجتماع المرتقب مع خلية الازمة بـ "المهم" بعد ارتفاع سقف مطالب المتظاهرين من سياسية واستحقاقات الى ازمة امنية، واصفاً ما يحصل من وضع في الوقت الحالي بـ "الأزمة التي يصعب السيطرة عليها، والتي يمكن أن تؤدي الى وقوع مجازر بين صفوف المتظاهرين والقوات الأمنية".
وأضاف الغانمي لـ "الصباح"، بأن "أجهزة الهاتف الحديث جعلت كل مواطن يتحول في الوقت الحالي الى محطة فضائية متنقلة يمكن أن تبث كل ما يجري على الساحة"، مؤكداً أن "الادوات السياسية القديمة باتت غير مقبولة بحكم عملية التواصل الاجتماعي، وهي لا تعبر عن رغبة الجماهير الغاضبة".
وأكد أن "الجماهير باتت لا تقبل بأنصاف الحلول، وان على النظام السياسي ترك كل ما جرى في الماضي والبدء بتحقيق الرفاه والامان والعلاقات السياسية المتوازنة مع الجميع"، منوهاً بأن "كل ما قدمته الحكومة والبرلمان لا يقبله الشارع"، محذراً من "سير الامور نحو الفوضى إن أعلنت الحكومة استقالتها".
الغانمي توقع أن يكون القادم "أخطر من المرحلة الحالية، ليكون البلد في ازمة حقيقية على كل المستويات وعدم السيطرة على الشارع"، مطالباً المتظاهرين بالتواجد في ساحة التحرير فقط وعدم الاحتكاك المباشر مع القوات الامنية لكي لا يقع أكبر عدد من الشهداء والجرحى بين صفوف الطرفين.
 
الواقع الصحي
إلى ذلك، عقدت لجنة الصحة والبيئة اجتماعا برئاسة النائب الدكتور قتيبة الجبوري وحضور اعضائها أمس الاثنين لمناقشة مطالب المتظاهرين المتعلقة بالواقع الصحي والبيئي.
وأفاد بيان للدائرة الإعلامية لمجلس النواب تلقته "الصباح"، بإنه جرى خلال الاجتماع الذي عقد في مقر اللجنة استعراض مطالب المتظاهرين خصوصا ما يتعلق منها بالواقع الصحي، إذ أكدت اللجنة على إن الخدمات الصحية بحاجة الى جهد كبير وعمل دؤوب لتوفيرها على نحو مقبول، مشددة على مضاعفة جهودها مع الوزارة لتحقيق ذلك.
وأكد رئيس اللجنة، إن لجنة الصحة والبيئة عملت خلال الفترة المنصرمة على سن عدة قوانين أهمها قانون الضمان الصحي الذي وصل الى مرحلة التصويت، لافتا الى ان اللجنة بذلت جهدا استثنائيا من أجل إنضاج القانون على نحو يرتقي الى ما موجود في الدول المتقدمة.
وقررت اللجنة خلال الاجتماع استضافة وزير الصحة والبيئة غداً الاربعاء لمناقشة خطة الوزارة، وسبل الاسراع في توفير الخدمات الصحية وتلبية مطالب الشعب.
 
الجامعة العربية واليابان 
من جانب آخر، أكدت جامعة الدول العربية مجدداً وقوفها إلى جوار العراق في هذه المرحلة الصعبة، آملة بأن يتجاوزها في القريب العاجل وهو أكثر قوة واستقراراً، وأبدت الجامعة استعدادها للمساعدة في هذا الصدد.
وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في بيان، عن أمله في أن تتمكن القيادات السياسية في العراق من الإسراع بالخروج من حالة الاضطراب الحالية وما يُصاحبها من عنف، مُعرباً عن الحزن والأسف لاستمرار سقوط ضحايا بين المتظاهرين وتمنياته بالشفاء العاجل للمصابين.
وأكد مصدرٌ مسؤول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أن أبو الغيط يتفهم اعتبارات الدولة في ضرورة السيطرة على الوضع الأمني والحيلولة دون الوقوع في الفوضي، ولكنه يستشعر في ذات الوقت قلقاً متزايداً إزاء استمرار العنف دون أفق واضح لوقف نزيف الدم، مُتمنياً عدم انزلاق العراق إلى مزيد من الاضطراب خاصةً في ظل ما يتعرض له من تدخلات وضغوط خارجية مرفوضة تزيد حتماً من تعقيد الأمور.
وأوضح المصدر، أن التوافق بين المتظاهرين والقيادات السياسية تحت المظلة الوطنية الجامعة هو السبيل الوحيد للوصول إلى مخرج يحقق المصلحة الوطنية للعراق ويلبي مطالب أبنائه في عراقٍ مستقر ومستقل ومزدهر.
كما أصدرت اليابان، أمس الاثنين، بيانا بشأن تظاهرات العراق، بينما طالبت الحكومة بالاستجابة لتطلعات الشعب.
وقالت وزارة الخارجية اليابانية في بيان تلقت "الصباح" نسخة منه: إن "اليابان تشعر بالقلق إزاء العدد الكبير من الضحايا خلال التظاهرات واسعة النطاق التي تحدث في بغداد وفي الأجزاء الوسطى والجنوبية من البلاد"، داعية "جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس للحد من وقوع المزيد من الضحايا، وستواصل مراقبة الوضع عن كثب".
وأكدت الخارجية اليابانية، إن "العراق بوصفه حجر زاوية للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط، سيتجاوز الوضع الحالي بطريقة سلمية"، معربة عن أملها في أن "تستجيب حكومة العراق لتطلعات الشعب العراقي التي عبرت عنها التظاهرات الحالية، وتقوم بالإصلاحات بسرعة وبطريقة تحوز على ثقتهم بشكل كبير وتحقق الاستقرار والتنمية في البلد".
 
موقف أميركي
بدورها، أصدرت الإدارة الأميركية بياناً بشأن الأوضاع الحالية في البلاد، اطلعت عليه "الصباح"، وقال البيت الأبيض إن واشنطن تريد من "الحكومة العراقية وقف العنف ضد المحتجين والوفاء بوعد الرئيس برهم صالح بتبني إصلاح انتخابي وإجراء انتخابات مبكرة"، وأعرب البيت الأبيض عن "قلقه العميق من الاعتداءات المستمرة ضد المتظاهرين والناشطين المدنيين ووسائل الإعلام وحظر الإنترنت 
في العراق".
كما استخدمت المتحدثة باسم البيت الأبيض ستيفاني غريشام البيان بشأن الأوضاع الحالية في البلاد، منصة لتصفية حساباتها مع إيران والتحريض 
ضدها.
وفي أول تعليق سياسي عراقي على البيان الرسمي الأميركي، قال النائب عن تحالف الفتح محمد البلداوي: إن "بيان البيت الابيض بشأن التظاهرات تحريض علني وصريح لدفع المتظاهرين الى اتجاه العدائية ضد إيران وتغيير مسار مطالب المتظاهرين المشروعة التي تدعو للإصلاح وتصحيح مسار الحكومة".
وأضاف البلداوي، إن "الولايات المتحدة الأميركية مازالت مصرة على جعل العراقيين وقوداً للحرب مع إيران، وهذا لم ولن يحصل، خاصة إن الشعب العراقي والحكومة والبرلمان والمرجعية أكدوا مرراً أن العراق لن يسمح بأن تكون أراضيه منطلقاً لأي اعتداء خارجي".