تواصلت حركة الاحتجاجات الجماهيرية في لبنان بعد أن اتخذت منذ يومين ستراتيجية جديدة تمثلت في التظاهر والاعتصام أمام المؤسسات والدوائر الحكومية والحيوية مثل مصرف لبنان ووزارة الخارجية ووزارة التربية ودائرة كهرباء لبنان في بيروت وغيرها بينما احتفظت مدينة طرابلس بزخم حضورها الجماهيري الحاشد الذي غصت به ساحة النور بشكل واضح فضلا عن التظاهر في مناطق طرابلسية أخرى..
المحتجون توافدوا بكثافة الى ساحات الشهداء ورياض الصلح في بيروت استجابة لدعوة ما اسموه بـ (أحد الاصرار) في مسعى جماهيري لافت للضغط الشعبي الكبير من أجل انتزاع مطالبهم من الطبقة السياسية.
هذا الحراك يتزامن مع حالة انسداد افق سياسي نجم عن استقالة الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري تحت وطأة الاحتجاج الشعبي في التاسع والعشرين من تشرين الأول الماضي ولم يبدأ الرئيس اللبناني ميشال عون المشاورات الملزمة مع الكتل النيابية لتسمية الرئيس الجديد المرتقب وترجح عدة مصادر أن يصار الى تكليف الحريري برئاسة الحكومة وهذا ما يدفع باتجاهه كل من حزب الله وحركة أمل حيث ابدى كل منهما رغبته في اعادة الحريري لسدة الحكومة بينما قال الأخير انه اوضح أثناء لقائه الرئيس اللبناني ميشال عون عدم حماسته بالعودة للحكومة في ضوء الرفض الشعبي الذي لمسه وانه اذا ما اضطر لتشكيل الحكومة فأنه لن يوافق على ذلك مالم يتم الركون لحكومة جديدة في وجوهها من الاختصاصيين بعيدا عن الشخصيات المستفزة للشارع.. بينما ابلغ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الحريري كما أفاد مستشاره انطوان قسطنطين بان التيار لا مانع عنده من تشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط على ان يشمل التغيير شخص رئيس الحكومة ايضا مع بقية الطاقم الحكومي.
بدوره دعا مفتي لبنان عبد الرحيم دريان الى تشكيل حكومة انقاذ وطنية مؤلفة من شخصيات علمية ومن اصحاب الاختصاص بعد ان استطاع الحراك الشعبي ان يوحد اللبنانيين على هدف سام بعيدا عن العقد الطائفية التي حكمت البلاد. كما طالب المفتي دريان بالتنفيذ الفوري لورقة الاصلاح التي قدمها رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري.. الى ذلك اكد النائب شامل روكز ان المعضلة السياسية والاقتصادية التي تعصف بلبنان هي نتيجة الأداء السياسي الفاشل للحكومة اللبنانية المستقيلة وان التيار الوطني الحر بما يمثله من ثقل برلماني ووزاري يتحمل جزءا كبيرا من المشكلة الراهنة.. وتوقع روكز ان يصار الى تكليف الرئيس سعد الحريري مجددا لتشكيل الحكومة الجديدة والتي طالب روكز بأن تكون من التكنوقراط وبعيدا عن الطاقم الحكومي السابق الذي اثبت كما قال روكز عدم جدوى بقائه في سدة الحكومة في ظل الرفض الشعبي العارم له. ولم يتبلور حتى ساعة كتابة هذا التقرير السيناريو المتوافق عليه في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.
في هذه الأثناء وفي ضوء الازمة الاقتصادية المتفاقمة التي بدأت تطبق على الوضع اللبناني اجتمع رئيس الجمهورية ميشال عون مع وزير المال حسين خليل وحاكم مصرف لبنان غسان سلامة ومجموعة من الاقتصاديين لمناقشة الواقع الاقتصادي والتداول بالازمات التي استجدت مثل ازمة المحروقات والعملة الصعبة.. اذ لاحظت اوساط عدم حضور رئيس حكومة تصريف الاعمال هذا الاجتماع وصدر عنه بيان مقتضب حاول ان يشيع شيئا من الاجواء الايجابية في السوق المربكة بعد انتشار حالة من الهلع والقلق.. البيان أكد ان رواتب الموظفين مؤمنة ولا صحة لما يشاع وان حاكم لبنان بالتعاون مع رئيس مصرف لبنان سيتابعان الحالة النقدية في البلاد لذا قام المصرف بضخ مليار دولار في السوق اللبنانية كي تكون أكثر استرخاءً بعد أن تصاعدت وتيرة الشائعات في مفاصل هذه السوق حتى تجاوز الدولار حاجز الـ 1800 ليرة متخطيا بكثير السعر الرسمي ما بث روح الهلع من المجهول الذي ينتظر العملة اللبنانية وهذا ما انعكس على مدى توفر سلع اساسية مثل القمح..
جمعية المصارف أكدت ان المصارف اللبنانية ستشرع ابوابها اعتبارا من يوم الاحد بعد اغلاقها لعدة ايام جراء مناخ التوتر الذي ساد الساحات والشوارع اللبنانية جراء التظاهرات والحراك الاحتجاجي الذي انطلق في مختلف المناطق اللبنانية منذ يوم 17 تشرين الاول الماضي.