فضاء لصناعة التعايش والسلم المجتمعي

العراق 2019/11/12
...

حسن الكعبي 
الاعلام والصحافة وفضاءات الميديا تشكل الثقافة المهيمنة في ادارة الوعي الشعبي بوصفها الثقافة اليومية المستهلكة من قبل هذا الوعي، وهي الاقرب في ملامسة اشكاليته، والصحافة او الاعلام او فضاءات الميديا التي تعي اهميتها في التأثير وادارة الوعي الشعبي، لا بد ان تستثمر هذا التأثير في تأكيد المفاهيم الانسانية وتكريسها في سياقات المجتمع، وهنالك صحف تسعى الى تأكيد المفاهيم الانسانية المتضمنة لقيم المحبة والسلام, انطلاقا من ادراكها – اي الصحف - لدورها في صناعة السلام والمحبة بالتزامن مع انتشار مفاهيم الكراهية التي تسعى الى صناعتها الكثير من الايديولوجيات التي تتغذى على هذه الكراهية وعلى تعميم صيغها الاصطراعية التي تستدعي جهدا انسانيا كبيرا يقف في طريق امتدادها .
في هذا السياق اضطلعت جريدة الصباح العراقية بهذا الدور وهذا الجهد المهم في التضاد مع مفاهيم الكراهية وفضح بطانتها الايدولوجية، عبر صفحة (معا نصنع التعايش) التي تعاطت مع اهم المفاهيم الانسانية القادرة على صناعة بيئة مهمة في اشاعة المحبة والسلام , وهو امر ليس بالهين بإزاء شيوع مفاهيم الكراهية واستيطانها في مناطق كثيرة بفعل قدرة الايديولوجيات الكبرى التي تسعى الى تمكين هذه المفاهيم من الهيمنة،  لكن صفحة معا نصنع التعايش ونتاج جهود ادارتها الواعية في ملامسة اشكالية الكراهيات وصيغها الاصطراعية وطرح بدائل المحبة وعلى اكثر من صعيد، استطاعت ان تنجح في هذه المهمة وان تنبه الى ضرورة التعاطي مع مفاهيم المحبة والسلام لتكون متاريس دفاعية بإزاء امتداد المفاهيم العدوانية بتضميناتها الكالحة، ليس ذلك وحسب بل ان الصفحة ونتاج لأطروحاتها الجادة في التعاطي مع هذه المفاهيم الجوهرية في حياة المجتمع وسيرورته وفق مناخات وبيئة تضمن له الامن والسلام، فقد استطاعت اي الصفحة ان تستقطب اسماء ثقافية مهمة في الكتابة عن ثقافة المحبة ومفاهيم السلام وضرورة توطينهما كمفاهيم اساسية في تشكيل هوية كونية وفق المشتركات الانسانية التي تشترط المحبة اساسا لها.
ان الصفحة نجحت في مقاربة اشكالية الكراهيات وطرحت بدائل مترشحة عن ثقافة المحبة عبر اكثر من ثلاث سنين هي عمر الصفحة، كما نجحت في تلمس ثقافة المحبة عبر اكثر من نمط ثقافي وطرحه عبر الصفحة بمعنى ان الصفحة  لم تنحو منحى احاديا  يقونن الصفحة ويمنحها قالبا تخصيصا جامدا , بل انها وهذا يرجع الى ادارتها الناجحة جعلت من المحبة وثقافتها الاساس في كل ما يكتب ولذلك فهي استوعبت الكتابة الفكرية والفنية والادبية والسياسية والاقتصادية، وهذا التنوع ضمن للصفحة المقبولية والاقبال من مختلف الشرائح وباختلاف مشاربها واهتماماتها الثقافية، وهذه خاصية – اي خاصية التنوع ضمن الصفحات - يجب ان تأخذها الصحافة بعين الاعتبار، وهذا لا يعني ان تتنكر الصحف الى خصوصيتها وتخصصها انما نقصد استيعاب التنوع المرن في فنون الكتابة دون التخلي عن رسالة الصفحة، كما فعلت صفحة معا نصنع السلام التي استوعبت كتابات متنوعة لكنها تؤكد على رسالة جوهرية في تكريس ثقافة المحبة والسلام ونبذ الكراهيات والتعصب المقيت .