رغم مرور شهرٍ على الحراك الشعبي لا يزال سعر الصرف في مستويات مقبولة. ما يعكسُ وجود مسارٍ جيدٍ للسياسة النقديَّة وتمكنها من تحقيق توازن في سعر الصرف، هذا من جانب، ومن الجانب الآخر التزام الصيرفة بعدم الانجرار وراء استغلال الظرف.. إنَّه موقفٌ وطنيٌّ يحسبُ للقطاع المصرفي هذا الشعور العالي.
وللتذكير ألفتُ الى أنَّ تذبذب أسعار الصرف في ما مضى من الزمن كان يحدثُ بسبب الشائعات التي يطلقها المضاربون في السوق، ولكنَّ الذي يحدثُ يعكسُ مدى التزام الجميع بمصير البلد والمحافظة على اقتصاد البلد.
السؤال: الى متى سيصمدُ سعر الصرف على استقراره؟
قطعاً لا بدَّ من التحوط من المتغيرات المحتملة مع استمرار الأوضاع لمدة أطول وقد تتسببُ بحدوث التذبذب في المستقبل لا سمح الله.
ولغرض الإفادة من التجربة اللبنانيَّة التي تمرُّ بذات الظروف والحراك فإنَّ المتتبع لآثار الحراك الشعبي يتلمسُ مخاوف مشروعة من فقدان السيطرة على سعر صرفٍ ثابتٍ دامَ لعقودٍ، معنى ذلك أنَّ تعطيل المصارف والبنك المركزي عن العمل سيؤثر في واقع سعر الصرف وانعكاسات ذلك على الوضع الاقتصادي العام.
واثقون بأنَّ السياسة النقديَّة الناجحة قادرة على التعاطي مع الأحداث باتجاه تخفيف الآثار المحتملة شريطة فسح المجال لها بديمومة نشاطها.
ورغم أنَّ هذه الجزئيَّة يُنظرُ لها بأنَّها صغيرة قياساً بآثار الحراك الشعبي على الواقع الاقتصادي، لكنني أجدُ أنَّ هذه الجزئيَّة من الأهمية بمكان قد تعوضُ كل الخسائر المحتملة جراء الأحداث.
أتحدثُ هنا كمراقبٍ اقتصادي بعيداً عما يثار من محاولات البعض زج السياسة النقديَّة بهذا الحراك؛ ذلك أنها صمامُ الأمان للمال العام.. ومع ذلك أدعو البنك المركزي ومن خلال شريكه الستراتيجي رابطة المصارف الخاصة الى ديمومة التواصل مع المصارف العامَّة والخاصَّة لتقفي آثار الحراك على الواقع المالي والمصرفي المتوقع والبحث في كيفيَّة التعاطي مع الأزمات وآثارها.
مهما تكن نتيجة الحراك والأحداث التي يمرُّ بها العراق فالنتيجة دائماً هي لا بدَّ من المحافظة على الاقتصاد الوطني والحصيلة في كيفيَّة إدارة السيولة والمحافظة على توازن سعر الصرف وهذا ما نعهده بالسياسة النقديَّة باستقلاليَّة وتجرد، كي يبقى البنك المركزي مستقلاً كما القضاء العراقي ثم ينتصران لمصلحة الوطن الذي يضم الجميع والموضوعُ يتطلبُ الحكمة والرويَّة في التعاطي مع الحراك الشعبي السلمي والآثار المحتملة.