(اكو عرب بالطيارة) ؟

اسرة ومجتمع 2018/11/20
...

ضياء العقابي/
جملة تمر وتتكرر على مسامع اغلب شبابنا العرب او هي مفتاح تعارف بين اشخاص يمارسون لعبة اصبحت مشهورة بشكل لايوصف على الاجهزة اللوحية الذكية مضمون هذه اللعبة على شكل طابع قتالي عشوائي بحت وبشتى الاساليب منها القتل بالرصاص او اليد او الحرق، يبدأ المستخدمون ويكون عددهم مئة او اقل في استيقاء طائرة حريبة تنقلهم الى مناطق متعددة وهم على شكل فريق مكون من اربعة اشخاص او اقل . المستخدمون لها من جميع دول العالم للتنافس في الحصول على المركز الاول او مراكز متقدمة .. تخيل معي امكانية ودقة ادوات هذه اللعبة من اسلحة ومعدات عسكرية واسعافات اولية وقصف عشوائي ودعم لوجستي وخرائط. 
كانت قصتي في معرفة هذه اللعبة في يوم عصيب من العمل الصباحي وحتى المساء ومن ثم النوم في وقت متأخر كالعادة وانا والحمد لله من عشاق النوم الثقيل .وعند الفجر تحديداً سمعت اصوات صراخ وميزت صوت احد اولادي وهو يقول (وراك. وراك) (عالجه عالجه)!! في البداية تخيلت انه وقع مكروه له او اصابه مغص معوي وما ان وصلت الى غرفته حتى وجدته يضع سماعات هاتفه ولم يسمع صوت تخبط اقدامي المتعثرة في اثاث المنزل .وبعد التأكد من انه بخير وانها لعبة على جهازه امطرته بوابل من التأنيب والوعيد في حال تكرار ذلك سوف اقوم بسحب هاتفه منه . سار الامر على مايرام ونسيت الحدث ولم انتبهه ماذا كان التطبيق على جهازه. لي صديق دراسة مقرب اجد السعادة في لقائه بشكل دوري كل اسبوع نتبادل في سرد ايام ماضينا الجميل ويسود بلقائنا كل الود والفرح وارجع محملاً من لقائنا بطاقة ايجايبة تكفيني على مقاومة تعب ايام الاسبوع . الذي حصل هذه المرة بأن اللقاء اصبح اكثر من شهر وتقبلت اعتذاره . 
ألتقينا في منزله وكالعادة ساد جو من السعادة وبعد فترة من الزمن انشغل عن حديثنا بفتح هاتفه واضعا سماعات الاذن واصبح في غير عالمنا وتغير وضع الجهار من العامودي الى العرضي . لم يراودني الشك بأن صديقي وهو دكتور في اللغة العربية وهو من علمني الفرق بين حرف ال “ض” وال “ظ” في الكتابة واللفظ بأنه مدمن هذه اللعبة وبعد مناداتي له وتلويحي بيدي اليه انتبه واعتذر ووضع الهاتف من يده وبعد الالحاح الشديد عليه اخذ يقص عليّ احداث هذه اللعبة بشكل تشوقي وكأنه يصف احداث فيلم سينمائي وبدأ يحدثني عن صولاته وجولاته في اشرس المدن ومنها مدينة تقع ضمن خريطة اللعبه اسمها (البوشنگي) واخرى ( الحاويات) ومدن اخرى لم احفظ اسماءها في وقتها وانه يتقدم على اقرانه في المستوى والترتيب العالمي .لم اعي مايقول في حينها افترقنا بعدها ورجعت الى المنزل وانا افكر فيما كلن يقول وقررت التجربه حسب رجاءه لانه قال جربها وسوف تحبها سألت اولادي عنها وعن كيفية تنصبيها وهم في نظرة استغراب وفرح.
اخذ ابني الاكبر في سرد كيفية اللعب والبقاء على قيد الحياة داخل اللعبة . استغرق تنصيبها لاكثر من ساعة وفي حينها عدلت عنها لولا اصرار ابني الاكبر في الاستمرار .في بادئ الامر كنت اودع اللعبة من اول نزولي على الارض وبعد ايام قليلة اصبحت من الذين يبقون الى اخر المعركة ومرة واحدة حضينا بالمركز الاول وبعدها لم اره .واصبحت اتقلد القيادة في بعض الاحيان وانادي اعضاء فريقي (دير بالك اجاك) 
(يمعودين منو عنده سكوب ثمانية) واجلس لساعات وهاتفي على نقطة قريبة من الكهرباء لانها تستهلك الكثير من طاقة الهاتف . قتلت اغلب وقتي في وهم الاستمتاع هنا سألت نفسي اما يكفينا من الحروب والقتال متى نعلم اولادنا لغة الحب 
والسلام !! 
متى يكف عنا اصحاب الايادي الخفية في تصدير لغة القتل والترهيب الينا بغطاء ناعم ومقبول لدى اغلب الناس خطورة هذه اللعبة وغيرها هي حرب شوارع مصغرة تحرض على القتل والعنف اسأل عن دور الرقابة الرقمية وتأثيرها في تحصين اولادنا. 
ارجوكم لاتهونوا من سذاجة الطرح استهداف الجيل اصبح سهلا ومتاحا كونوا لهم عوناً في توفير بدائل لتفريغ طاقتهم في اشياء تسر القلب وتشرح الفؤاد غيروا من افكارهم وسلوكياتهم تجنون ثمارهم ولو بعد حين هذه الجملة وحدها تعني الكثير من علامات الاستفهام (اكو عرب بالطيارة) !!