فالمدرسة الواحدة قد تعمل بدوام دراسة ابتدائية صباحاً ومتوسطة مساء او العكس، بالاضافة الى تفرغ اغلب المدرسين للعمل بالمدارس الاهلية على حساب المستوى العلمي للتعليم الحكومي، بعد ان اصبح التدريس الخصوصي احدى الوسائل المهمة في نجاح الطالب من مرحلة دراسية الى اخرى. 

حل مشكلة التعليم في العراق هي حجر الاساس وبداية الشروع في حل ازمات اجتماعية وثقافية واقتصادية، لانها تنعكس في خلق جيل واع ومتعلم يسهم في بناء الدولة ولا يصبح عبئاً عليها.  

يقول الدكتور رحيم الشمري استاذ علم النفس بجامعة بغداد : تحصن الدول المتقدمة مجتمعاتها ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً من خلال التعليم المبكر في رياض الاطفال والتعليم الابتدائي وصولاً الى الجامعات عبر نظام تعليم معد ومخطط له مسبقاً وبوجود بنى تحتية يجري تطويرها تباعاً بعد كل ثلاث او خمس سنوات ، ولذلك نرى مستوى الدراسة في دول اوروبا وبعض البلدان الآسيوية متطوراً للغاية ، في وقت ان العراق لم يحظ قطاع التعليم فيه  بالكثير من الاهتمام ، وظلت المدارس المتهالكة وصفوفها البدائية على وضعها ليتكدس فيها الطلبة باعداد لا يستطيع المدرس حتى  ايصال صوته لمن هم في المقاعد الاخيرة ، امام هذا الواقع انحدر مستوى التعليم الى خطوط بيانية مخيفة وشاعت ظاهرة التسرب من المدارس وعمالة الاطفال دون سن 15 سنة  وادت الى تحول اغلب الاهالي نحو المدارس الاهلية التي اصبح البعض منها مجرد مشاريع تجارية لا تكترث بمستوى ونوع الدراسة ، ونسب الرسوب العالية لهذا العام كانت خير دليل على ذلك. 

 

 أسباب

 الـبـاحـثـة الاجـتـمـاعـيـة زمــن القيسي بـينت : ان احد اسباب التسرب تتمثل بالاساليب التربوية الـتـي تتضمن تـدنـي الـقـدرة على الـدراسـة والـرسـوب المتكرر وعدم الرغبة في التعليم الأكاديمي عند الطلبة، كما تؤدي  الاسـبـاب الاجتماعية الضاغطة الى عدم الـرغـبـة فـي الـتـعـلـيـم المـخـتـلـط او الاعــاقــات النفسية والجسمية للطالب او الخطوبة والــزواج المبكرين او عـدم الرغبة في الـدراسـة في مكان بعيد عن السكن وهذه الاسباب تزداد لدى الفتيات بالمناطق التي تفتقر الى الثقافة التعليمية مثل الارياف وغيرها، فضلاً عن الاسباب الاقتصادية للعوائل التي تعتاش على الاعمال اليومية لابنائها، الأمر الذي يدفع الطلبة إلى ترك المدرسة بحثاً عـن الـعـمـل وان كـان بـاجـور منخفضة لاعـالـة اسرهم الفقيرة . واضـافـت الـقـيـسـي :  ان الـتـسـرب مـن المـــدارس اصبح ظاهرة كبيرة ، واقترحت الباحثة الاجتماعية أهمية اعـادة صياغة المـدارس كمنظومة بحيث يصبح للتعليم معنى لدى التلميذ وتصبح المدارس وسيلة يسعى اليها رغبة لا رهبة، ويجد فيها ما يعود عليه بالنفع .

 

مشروع

وزارة الـتـربـيـة تسعى الــى مـعـالـجـة حــالات التسرب من المـدارس بالتزامن مع قـرب حلول العام الدراسي الجديد، اذ نسقت مع منظمة (اليونيسيف) لتطبيق مشروع التربية الايجابية لمعالجة سلوكيات العنف الذي يتبعه بعض الطلبة والتربويين،مدير العلاقات والاعلام في وزارة التربية فراس محمد حسن  قال :ان وزارتـه سبق وان اعدت مع وزارة العمل برنامجاً خاصاً لمعالجة حـالات التسرب من المــدارس، منوهاً بــأن الـبـرنـامـج يـهـدف الى الحد مـن تـسـرب الاطـفـال من مقاعد الدراسة وزيادة الوعي في الجانب التعليمي ، بالاضافة الى توجيه موارد الدولة نحو الفئات الاكـثـر استحقاقاً، مبيناً ان غاية عمل الـوزارة وبالتعاون مع الجهات الساندة الاخـرى، هي حماية المجتمع من الاخطار والعمل بصورة مستمرة من اجـل الحد من الظواهر الخطيرة التي تأتي على اشكال عدة، منها ظاهرة التسرب. وتابع حسن ان اسباب التسرب من المـدارس كثيرة، مـنـهـا مــاديــة واجـتـمـاعـيـة وتـعـلـيـمـيـة، وتحتاج معالجتها الى تكاتف اكثر من جهة للحد من التسرب، فضلاً عن ان قانون التعليم الالزامي يحتاج الى تعديل لضمان انخراط جميع من تنطبق عليهم الشروط بالتعليم في المـدارس، كـأن تفرض غرامة مالية على ولي امر الطالب او معاقبته قانونياً.  وافـاد بـأن وزارتــه طبقت مـشـروع التربية الايجابية،ويــتــضــمــن مــعــالــجــة حــــالات المــعــنــفــين مــن مـــدراء المـدارس او المعلمين او التلاميذ بالتنسيق مع منظمة اليونيسيف، اذ قامت باعداد كـراس لتعديل السلوك بهذا الموضوع، لكون المعنفين  لهم دور في نفور التلميذ او الطالب من المدرسة .

مــديــرة الـتـعـلـيـم الابــتــدائــي في الــوزارة شـهـرزاد مصطفى قالت :  المديرية العامة للتعليم العام والاهلي والاجــنــبــي شـكـلـت لـجـانـاً تـتـابـع تـسـجـيـل الاطــفــال المشمولين بالتعليم في المدارس الابتدائية، كما تابعت تسجيل المتسربين الـذيـن تـزيـد اعـمـارهـم على عشر سنوات حتى 15 سنة في مدارس اليافعين، وبـيـنـت ان تـسـجـيـل الاعــمــار بــين 12 الــى 18 سـنـة، يكون لمن لم يسجل اساساً في مدرسة، ولهم الحق بالتسجيل فـي مــدارس التعليم المـسـرع، مـؤكـدة في الـوقـت نفسه ان هـذه المـبـادرة تأتي للحد مـن حـالات التسرب من المدارس، مؤكدة الحاجة الملحة الى التوعية الاعلامية بهذه المدارس لاستقطاب كل المتسربين نحوها، لـكـون القليلين منهم يعرفون بالتعليم المسرع. 

 

تعليم الكتروني

 كما افصحت وزارة التربية عن نجاحها بادخال التكنولوجيا الحديثة الى اكثر من 900 صف دراسي بعموم مدارس البلاد، مؤكدة وجود نية مستقبلية لتحويل جميع الصفوف الاعتيادية الى الكترونية،  مدير عام المناهج الدراسية في الوزارة الدكتور مجيد العلاق قال: ان وزارته وباعتماد التقنيات الحديثة ونقل تجارب الدول المتقدمة  بمجال التعليم الالكتروني، قد نجحت بادخال التكنولوجيا الحديثة الى اكثر من 900 صف ضمن مدارس في بغداد والمحافظات.واكد عزم وزارته على تحويل الصفوف الدراسية بجميع مدارس البلاد، الى الكترونية للارتقاء بواقع العملية التربوية والتعليمية والتدريسية من اجل توسيع دائرة التعليم الالكتروني، والذي عده اكثر تفاعلاً من نظيره التقليدي، مبيناً ان المشروع تم تقييمه من قبل خبراء تربويين واطباء مختصين بطب العيون لمعرفة ما اذا كان لاستخدام تلك التقنيات، تأثير في بصر الطلبة.

وافصح العلاق : عن التنسيق مع مستشفى ابن الهيثم لطب العيون، لفحص الطلبة قبل وبعد استخدام التقنيات الحديثة بالصف الالكتروني خلال العام الدراسي، مبيناً ان التقارير الطبية اثبتت عدم وجود اي تأثير صحي على بصر الطلبة، فضلاً عن وجود رغبة جادة بالتعليم الالكتروني اذ لوحظ خلال التقييم، ارتفاع بالمستوى العلمي للطلبة ممن التحقوا به، من جانبه بين مسؤول شعبة مناهج الحاسوب والتعليم الالكتروني في مديرية المناهج، وائل وحيد : ان الصفوف الالكترونية التي تم افتتاحها بالمدارس، جهزت بأحدث الاجهزة التقنية بمجال التعليم الالكتروني من عارض بيانات ووسائط الكترونية متطورة، منوهاً بأنه تم التنسيق مع شركة بريطانية مختصة بمجال التعليم الالكتروني لاعداد طرائق حديثة ترتقي بمستوى التعليم في الصفوف الالكترونية، بضمنها استخدام السبورة التفاعلية مع اجهزة (الايباد) التعليمية للطلبة.

مدير التعليم العام والاهلي والاجنبي في وزارة التربية مخلف الدليمي قال :   تعمل الوزارة على تطوير واقع التعليم من خلال افتتاح صفوف الكترونية، سبق أن تم افتتاحها ضمن ثانوية المتميزات بجانب الرصافة، وكان هناك تفاعل كبير من الطالبات مع التجربة من خلال استيعابهن وإصغائهن للمادة بصورة لافتة مقارنة بما سبقها، مفصحا ًعن افتتاح صفوف بمدارس المتميزين والمتميزات وثانوية كلية بغداد استمراراً لتطبيق هذه التجربة بالمدارس الاخرى.