اصدر مجلس الوزراء بتاريخ 12 تشرين الثاني القرار رقم 412 بخصوص الموافقة على مشروع قانون الانتخابات الجديد الذي سوف يحل محل القانون رقم 45 المعدل لسنة 2013. ويبدو ان نسخة مجلس الوزراء سوف تحل محل نسخة رئيس الجمهورية التي دمجت ثلاثة قوانين بقانون واحد. وقد ارسل المشروع الى مجلس النواب للتصويت عليه حسب الالية المعتمدة في المجلس.
وتأتي هذه الخطوة بعد ان تعالت اصوات المواطنين بضرورة تشريع قانون عادل ومنصف للانتخابات. وقد دعمت المرجعية الدينية العليا هذه المطلب في خطب عديدة.
وقد اوضحت المرجعية شروط او محددات القانون المنصف بما يلي:
1. يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية
2. ولا يتحيز للأحزاب والتيارات السياسية،
3. ويمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد خلال السنوات الماضية
ويتألف مشروع القانون من 50 نقطة. وفي قراءة متفحصة للمشروع يتضح انه لم يلبِ هذه الشروط رغم وجود بعض النقاط الايجابية فيه.
والشيء الاساسي المفقود في المشروع انه لم يتبنّ فكرة الانتخاب الفردي التي يطالب بها اغلب المواطنين. وقد ابقى مشروع القانون طريقة الانتخاب بالقائمة، وتقسيم العراق الى 18 دائرة انتخابية بحسب المحافظات في العراق. ومع ان القانون اجاز الترشيح بالقائمة المنفردة، الا ان ابقاء الدوائر على حالها يقلل من فرص الفوز للقوائم المنفردة التي سوف يتعين عليها منافسة القوائم الحزبية في محافظة كاملة. ويقضي الانتخاب الفردي بتقسيم العراق الى دوائر انتخابية مناطقية بعدد مساوٍ لعدد المقاعد النيابية الامر الذي يضيق دائرة المنافسة الانتخابية الى اضيق نطاق ممكن، مما يمكن المرشحين الافراد من خوض معركة انتخابية تنافسية عادلة. وهذا ما لا يوفره مشروع القانون المقدم. المادة 15 هي المادة الاهم في مشروع القانون حيث تتعلق بتوزيع الاصوات الانتخابية بين المرشحين. وتبسيطا للامر اقول ان المادة المذكورة قسمت المقاعد النيابية مسبقا بين الاحزاب والافراد مناصفة، فاعطت لكل فريق ما نسبته %50. وهذا التقسيم يستند الى افتراض مسبق غير مثبت وهو ان الاحزاب تمثل %50 من المواطنين.
ولا دليل على ذلك. حيث كان من المفروص ترك توزيع المقاعد النيابية الى اصوات الناخبين انفسهم بدون تقاسم اعتباطي مسبق. وهذا دليل على ان الطبقة السياسية ترفض الانتخاب الفردي، لانها تخشى انه سوف يفكك الاقطاعيات السياسية التي فرضتها طريقة الانتخاب بالقائمة. وقلصت المادة 13 عدد النواب الى 251 عضوا. وهذا ينسجم مع مطالب الجمهور. لكن هذا التحديد اشبه باللغم في مشروع القانون لانه يحتاج الى تعديل دستوري ولا يمكن ان يمرر بقانون. وهذا يعني ان النواب الحاليين سوف يكونون امام امرين: اما الغاء هذه المادة، او تأجيل اقرار مشروع القانون لحين اجراء تعديل الدستور. ولست ادري هل فاتت هذه المسألة على واضعي المشروع ام انهم تعمدوا وضعها كلغم في المشروع. ولم يشر مشروع القانون الى الوضع الوظيفي للنواب. وكان المفروض ان يذكر المشروع ان النائب يعود الى وظيفته السابقة بعد انتهاء عضويته في البرلمان، على ان تحسب له فترة النيابة لاغراض الترفيع والتقاعد بالنسبة لوظيفته السابقة. اما النواب الذين لم يكونوا موظفين في الدولة فلا يستحقون راتبا تقاعديا. وفي ما يتعلق بشرط الشهادة، فقد ذُكرت الشهادةُ الاعدادية كحد ادنى. وهذا الحد لا يجعل النائب مؤهلا لتشريع القوانين وكان الاجدر اشتراط الشهادة الجامعية الاولية (بكالوريوس)، خاصة وان البرلمان الجديد سوف يكون مكلفا باعداد مشروع تعديل الدستور.
ومنعت المادة 6 اصحاب المناصب العليا والدرجات الخاصة من مدير عام فما فوق وصولا الى رئيس الجمهورية من الترشيح لانتخابات مجلس النواب. وهذا الامر ينطوي على سلبيات وايجابيات لست ادري ان كان واضع المشروع قد انتبه اليها. وهذا الامر يحتاج الى مناقشة اوفى.
النقطة الاهم في مشروع القانون انه يكشف ان واضعيه ليسوا على تماس بهموم الشارع العراقي ولذا فهو لا يحقق استجابة مرضية لتطلعاتهم المشروعة في التغيير والاصلاح.
هذا ما ظهر لي من القراءة الاولى لمشروع القانون.