ريسان الخزعلي
هي َ شاعرة تُضاهي الشاعرة ( فدعه ) في إجادة نظم الشعر الشعبي بطريقة أو لون ( النعي ) ..، الّا أنها لم تحظ َ بالشهرة الواسعة التي حظيت بها فدعه لأسباب عدّة ، من بينها، شيوع أشعار فدعه وتداولها بكثرة ومن ثم تدوينها كون تلك الأشعار إرتبطت بأحداث حياتية واقعية وأخرى شبه اسطورية جسّدتها ببراعة تخطت العفوية، إضافة الى ندرة الكتابات عنها. إنها الشاعرة / شمسه البغدادية / ..، واسمها الكامل، شمسه الحاج نجم البياتي، وانَّ لقب البغدادية قد لحقَ بإسمها كونها ولدت في منطقة الفضل ، المنطقة المعروفة في بغداد .نشأت الشاعرة وتربت في عائلة أدبية ودينية تهتم بالعلم والعرفان ، مما وفّرَ لها أساسيات البداية والتكوين المعرفي لاسيما وانها تمتاز بالفطنة والذكاء .
لم يُكتب عن الشاعرة سوى إشارات متباعدة في بعض المصادر التي تهتم بالتراث الشعبي، ومن بينها كتاب ( من تراثنا الفولكلوري العراقي الأصيل ) للشاعر مجيد لطيف القيسي الذي أعلن في نهاية كتابه هذا أنه ُ أنجز مخطوطة عنها بعنوان ( شمسه البغدادية ) وقد ألحقَ بالعنوان ترديدتها الشعرية : يهل الزود اطلعوا ثارت
الجيلات .
ولدت الشاعرة عام 1857م أي بعد أكثر من اربعة عقود على ميلاد الشاعرة فدعه، وقد ارتبط يوم وفاتها بحدث تأريخي كبير الا وهو يوم الاحتلال البريطاني لبغداد عام 1917كما أشار الباحث عبد الكريم العلّاف الى ذلك في كتابه ( بغداد القديمة ) .
تمتاز أشعار شمسه البغدادية بمباشرتها الحادّة ونكهة مفرداتها البغدادية وقوّة سبكها الشعري ووضوح موضوعاتها واستدلالاتها التاريخية ، مما يُدلل على تخطيها توصيف الفطرة والعفوية، ومازال كبار السن من ابناء منطقتها حتى وقت ليس ببعيد يحفظون ويرددون أشعارها ، تأثراً وتفاعلاً.من شعرها في رثاء شقيقتها ( وضحه ) هذه الابيات :
فزّيت وآنه ابكَلب مرتاب .. من نومتي واندب يوهّاب
ظنتي لفوني العنّي غيّاب .. كَب الهوى وانفكّت الباب
ثاري الهوى يا وضحه جذّاب
ومن شعرها في رثاء والدها ، وكأنها تتناغم مع الشاعرة فدعه التي رثت هي الاخرى أباها وإخوتها :
الكَلب يابويه عن شوفكم عاجز.. اشلون اوصل إو سهم البين حاجز
مابيني إو بينك صار حارز .. منكم لا تظن الكَلب جايز
ايتمناكم الشيلات الجنايز .. إو تجملون الجفَن لو جان عايز
يَجهف البيه نلوذ إمن الهزاهز .. على حلّك والاكَرانات فايز
ينشمي إو لايكَه اعليه الطرايز .
شمسه البغدادية، صورة للمرأة العراقية، المرأة الشاعرة التي تتفاعل وجدانياً وابداعياً مع احداث مجتمعها وتحولاته السياسية، وهاهي تستنهض الثوّار للمقاومة ، حينما كانت الضرورة، بترديدتها الشعرية :يهل الزود اطلعوا ثارت الجيلات ...