أرضية للإصغاء والحوار

العراق 2019/11/19
...

زعيم نصّار
الإنسان لغة، يقيم في منزلها، منذ الأزل والى الأبد حيث تبقى آثاره اللغوية مقيمة في التاريخ وعلى الأرض، لغته علامته الفارقة بين جميع الكائنات الصامتة، كلامه حقيقته، هو الكائن الوحيد الذي ينطق ليخلق حواراً، أو يحكي قصة 
الحياة. 
الإنسان حوار غير متناهي الحدود، ليؤسس حضارته وتاريخه وثقافته التي هي طريقة حياة، وسلوك مشترك ينظم الطرق التي ينجز بها الناس الأشياء، وعلى نحو يجنبهم التقاتل والصراع، ويسمح لهم بالتفاهم والتقارب والتعاون حتى تتمكن المجموعة من تحقيق ما ليس باستطاعة الفرد أن ينجزه بمفرده، فوظيفة الثقافات  في أي مجتمع هي توفير أرضية مشتركة من المبادئ والرؤى والأفكار عن الحياة والوطن والعالم وموقعنا ودورنا فيه، يمكن من خلالها تنظيم علاقتنا مع الآخر الذي نشترك معه في الانتماء إلى هذا الوطن والعالم، بغض النظر عن اختلاف انتماءاتنا العرقية أو الدينية أو الاجتماعية أو الثقافية. 
واعتقد ان كل واحد منا باستطاعته أن يتأكد ويثبت انه لا يمكن أن يكون محاورا  فاعلا ورصينا،  لبقا إذا لم يحسن استخدام أذنيه قبل استخدام لسانه، فكلما أصغى احدنا بعمق لكلام الآخر، منحه الثقة في الاستعداد لصياغة الأفكار، ومنح نفسه اللحظة الأكثر براعة في الرد والحوار، ومن يصمت ويصغي طويلا يتفوه بقوة، ألم يؤكد اغلب الفلاسفة ان من يريد طريق المعرفة والحكمة عليه أن يتعلم الصمت قبل ذلك بعشر سنوات، وما أرادوا بهذا إلا الإصغاء لحركة الحياة ومحاورة الآخرين، عبر السؤال الذي يصوغ فلسفة الديمقراطية وحكمتها التي ليست في حرية الصخب والعويل، بل حريتها وقوتها في جوهر الصمت والإصغاء قبل الكلام الذي قال فيه الشاعر رسول حمزاتوف: في سنتين تعلمت الكلام وبقيت ستين سنة أتعلم 
الصمت.
من هنا نرى ان ثقافة الحوار كفيلة بصنع هذه الأرضية المشتركة وأفكارها، ولكن كيف نسهم بصناعة ثقافة الإصغاء والحوار التي تتيح إمكانية التعايش والاندماج في مجتمع هو كيان من أفراد وطوائف وأقليات وثقافات مختلفة؟ كيف نخلق ثقافة الحوار التي هي التعاون والتفاهم و التقارب من اجل تحقيق السلام والعدالة والمساواة على أرض 
الواقع؟  
هل من الممكن أن يكتبوا قراء صفحة "معاً للتعايش" مقالة تقدم رؤية تتبنى ثقافة  الإصغاء والحوار من 400 كلمة؟