نمو {جمهوريّة غيانا التعاونيّة} الاقتصادي قد يُصبح الأسرع عالميّاً

اقتصادية 2019/11/19
...

عواصم/ متابعة
 
يرى صندوق النقد الدولي أنّ نمو "جمهوريّة غيانا التعاونيّة" الاقتصادي قد يصبح الأسرع في العالم خلال العام المقبل.
"غيانا" تلك الدولة التي تبلغ مساحتها 215 ألف كيلو متر مربع، سوف تسجل نمواً اقتصادياً دراماتيكياً يبلغ نحو 85.6 بالمئة في العام المقبل بالنظر لنمو متوقع عند 4.4 بالمئة في العام الحالي.
 
الناتج الإجمالي
في العام 2018 نما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4.1 بالمئة، بقيادة قطاعي البناء والخدمات، مرتفعًا من 2.1 بالمئة في العام 2017.
وتحقيق هذا التوسّع الهائل في الناتج المحلي الإجمالي، من المحتمل أن يجعل غيانا التي تشترك في الحدود مع البرازيل وسورينام وفنزويلا في شمال شرق أميركا الجنوبيّة تسجل أسرع نمو اقتصادي في العالم خلال العام المقبل.
بل إن التوسّع الاقتصادي المتوقع في الدولة التي يبلغ عدد سكانها نحو 780 ألف نسمة سيبلغ 40 مرة ما هو متوقع من الولايات المتحدة - أكبر اقتصاد في العالم.
ولكن ما السبب وراء هذه الطفرة في النمو الاقتصادي لتلك الدولة الصغيرة؟
 
اكتشافات نفطيَّة
تشهد غيانا في 2020 زيادة غير مسبوقة في إنتاج النفط، إذ ستبدأ شركة "إكسون موبيل" وشركاؤها في ضخ النفط من واحدة من أكبر الاكتشافات الحديثة في العالم والتي تبلغ نحو 5 مليارات برميل من النفط الخام من أعماق قاع البحر الكاريبي.
ومع حقيقة أنّ السعودية التي تملك أكبر حصة للنفط في "أوبك" لديها 1900 برميل كاحتياطي لكل فرد، فإنّ غيانا سيكون لديها 3900 برميل، مع احتمالية أن يكون أكثر من ذلك لأنّ الإنتاج لم يبدأ بعد، وفقاً للمحللة المستقلة لأميركا اللاتينية "ناتاليا ديفيز هيدالجو" بحسب شبكة "سي.إن.بي.سي" الأميركية.
وبناءً على ذلك، ترى "هيدالجو" أنّ السبب في أن صندوق النقد يتوقع هذه الطفرة هو أن المستعمرة البريطانية السابقة سيكون لديها أعلى كمية من النفط لكل فرد في أي بلد في العالم.
وفي غضون خمس سنوات، من المتوقع أن يصل الإنتاج النفطي إلى 750 ألف برميل يوميًا، لترتفع عائدات النفط من صفر حالياً إلى نحو 631 مليون دولار بحلول عام 2024، وفقًا لصندوق النقد الدولي.
 
نصيب الفرد
وبناءً على ذلك سوف يزيد نصيب الفرد من الدخل أكثر من الضعف بحلول العام المقبل، إذ سيتجاوز 10 آلاف دولار سنوياً.
وسيؤدي بدء إنتاج النفط في العام 2020 إلى تحسين توقعات غيانا على المدى المتوسط والطويل، ومن المتوقع أن ينمو قطاع النفط بسرعة ليشكل نحو 40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2024.
ويدعم الإنفاق المالي الإضافي سنويًا بنسبة 6.5 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي عدا النفط على المدى المتوسط، مما سيساعد في تلبية الاحتياجات الاجتماعية والبنية التحتية الضرورية، وفقاً لصندوق النقد.
كما يرى أنه من المتوقع أن ينخفض الدين العام وعجز الحساب الجاري الخارجي بشكل مطّرد بعد بداية إنتاج النفط.
لكن مع كلّ هذا لا تعد النظرة المستقبلية "ورديّة" بالنسبة لاقتصاد غيانا، إذ أنه على الرغم من وصف صندوق النقد لآفاق ثالث أصغر دولة في أميركا الجنوبية على المدى المتوسط بأنّها "مواتية للغاية"، مستشهداً بخطط البلاد لبدء إنتاج النفط، فإنّ المنظمة التي تتخذ من واشنطن مقراً لها كانت سريعة في إصدار كلمة تحذير حول المخاطر المحتملة التي قد تتزامن مع هذا التوسّع الاقتصادي السريع.
 
المرض الهولندي
"يجب أن تكون وتيرة زيادة الإنفاق العام تدريجية لتقليل الاختناقات الناجمة عن قيود القدرة الاستيعابيّة وتقليل تشوّهات الاقتصاد الكلي المتعلقة بـ " المرض الهولندي".
ويشير "المرض الهولندي" إلى العواقب السلبية التي يمكن أن تنشأ عن الارتفاع الحاد في قيمة عملة الدولة، كما يرتبط المصطلح الاقتصادي في الغالب بالمفارقة التي تحدث عندما يضر الخبر السار مثل اكتشافات الموارد الطبيعية بالاقتصاد الأوسع مع انخفاض قطاع الصناعات التحويلية.
كما ترى "هيدالجو" أن توقعات صندوق النقد في الدولة الوحيدة الناطقة بالإنجليزية في أميركا الجنوبية طموحة للغاية، وذلك لأنّ حكومة البلاد مؤقتة إكلينكياً حتى إجراء الانتخابات في آذار المقبل، ما يعني أنّها غير قادرة حاليًا على تمرير ميزانية لعام 2020 ويعني ذلك أن عدم الإنفاق في قطاع البنية التحتية يمكن أن يهدد أيضًا توقعات صندوق النقد.
كما أنّ حقيقة أن غيانا لم يكن لديها تجربة مع هذا النوع من المكاسب المفاجئة تدعم المخاوف بشأن نجاحها في هذا التحدى والاستفادة من الاكتشافات النفطية وتخطي لعنة الموارد الطبيعية.
ومقارنةً بتنبؤ صندوق النقد الدولي بأن غيانا ستسجل نموًا اقتصاديًا بنسبة 85.6 بالمئة في العام المقبل، تعتقد مؤسسة "ماركت" للأبحاث بأن عدم الاستقرار السياسي في البلاد قد يؤدي إلى نمو اقتصاد البلاد بنسبة 30 بالمئة.