الانسحاب الأميركي.. مخاوف من حياة جديدة لـ «داعش}

بانوراما 2019/11/19
...

سارة الديب ترجمة: ليندا أدور

قد يبعث الانسحاب الأميركي من مناطق الشمال الشرقي لسوريا الحياة من جديد بجسد “داعش” الارهابي، بعد نشوب القتال بين الأكراد وتركيا، اذ تكافح السلطات الكردية السورية من أجل تأمين حماية مقاتلي داعش الذين تم أسرهم أثناء الحملة الطويلة، المدعومة من الولايات المتحدة، ضد المسلحين والابقاء على غطاء لأنصار داعش وعائلاتهم التي تعج بهم مخيمات النزوح.

ذكر البيت الأبيض بأن تركيا ستتولى مسؤولية الآلاف من مقاتلي داعش المحتجزين، لكن ليس من الواضح كيف سيتم ذلك، بالنظر الى أن القوات الكردية تعد عدوة لتركيا. 
لكن وبعد أن شنت تركيا هجومها ضد القوات الكردية السورية، التي تزعم أنقرة انها تهدف من ورائه الى انشاء منطقة آمنة بعمق 30 كيلومترا داخل الأراضي السورية تمتد على طول الحدود، فكيف سيغدو المشهد ولماذا ستكون لداعش مكاسب فيه؟
 
سجون منبثقة
بعد أن اثار انسحاب القوات الاميركية المفاجئ غضبهم، أطلق المسؤولون الأكراد تحذيرا من أن لغرض التصدي لأي هجوم تركي، سيتعين عليهم نقل قواتهم التي تتولى مهمة حماية محتجزي داعش. 
أثار ذلك مخاوف أمنية، في الوقت الذي كان زعيم «داعش} الارهابي ابو بكر البغدادي، قد دعا، قبل مقتله بفترة من الزمن، اتباعه لبذل كل ما في وسعهم لإطلاق سراح أسراه المحتجزين بالسجون وأسرهم في المخيمات. 
يشار الى ان السلطات الكردية تدير أكثر من 20 مركز اعتقال، منتشرة حول الشمال الشرقي لسوريا، حيث يحتجز نحو عشرة آلاف داعشي، بينهم ألفا أجنبي، 800 منهم قدموا من 
أوروبا. 
يذكر أن معظم تلك المرافق غير محددة وغير معروفة، بعضها قد أنشئ في مبان مهجورة أو أعيد توظيفها، وأخرى متنقلة يطلق عليها اسم “سجون منبثقة”، فيما القسم الآخر قريب جدا من الحدود وعرضة للضربات أثناء حدوث المواجهات أو عمليات القصف. لطالما كانت عملية تأمين الحماية لتلك المراكز عبئا على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بسبب مهامها المتعددة وسط منطقة مضطربة. 
وذكر التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بأن قسد لا تملك القدرة لاستيعاب الآلاف من مقاتلي التنظيم بمفردها، وبأن التحالف قد يساعد باحتجاز بعض من أبرز قياداته.
يقول عبد الكريم عمر، مسؤول كردي كبير، “كيف بإمكاني تأمين تلك المنشآت مع الهجوم التركي، فيما تنشغل قواتنا بالتصدي للهجوم”. 
يوجد، على أقل تقدير، مرفقان كسجون بضمنها سجن سابق تابع للحكومة، في القامشلي والحسكة، إذ لا تزال القوات السورية النظامية تحتفظ بموطئ قدم، على الرغم من تولي المجموعات الكردية إدارة المدن هناك.
 
محركات محتملة
قد تكون للمقاتلين السوريين المدعومين من تركيا، الذين يحتمل انضمامهم الى العداون التركي، صلات أو ربما تعاطف مع معتقلي داعش من المحليين. يشير مركز روج آفا الاعلامي، وهو مجموعة بحثية مناصرة لقسد ومقرها المناطق التي يسيطر عليها الاكراد، بأنه تم توثيق، على الأقل، 40 من مقاتلي داعش ضمن صفوف القوات المدعومة من تركيا. 
يذكر أن العديد من المقاتلين الاجانب الذين انضموا الى صفوف داعش وصلوا الى سوريا عبر الحدود التركية، وان السطات التركية، قد غضت الطرف عن هذا الأمر في حينه.
 ان القتال قد يعني سيطرة رخوة على المخيمات الثلاثة التي يديرها الاكراد والتي يحتجز فيها أسر “داعش” وأشد مناصريه والذين يمثلون محركات محتملة للتجنيد للتنظيم. وقد سعت القوات الكردية لتأمين حماية لهم وتوفير المساعدات الانسانية في المخيمات التي غالبا ما تعمها الفوضى.
تقع تلك المخيمات بعيدا عن خط الحدود وخارج المنطقة الآمنة التي ترغب تركيا بإنشائها، لذا يبدو من غير الواضح كيف ستتمكن تركيا من السيطرة عليهم، اذ يبدو من غير المحتمل ان تقوم قسد بالتنسيق مع انقرة بهدف تسليمهم. 
يضم مخيم الهول، وهو الأكبر، نحو 70 الف شخص، من بينهم 11 ألفا من النساء والأطفال الأجانب، وهم ينحدرون من 40 بلدا مختلف، بينما يضم مخيما روج وعين عيسى أكثر من ألفي امرأة وطفل اجنبي. 
 
زعزعة ونزوح
تنتشر المخيمات بدعم من عصابات داعش، فقد أطلق على “الهول” بأنه “مهد” لقتال جديد. وأشار التحالف الى أن داعش يجند أعضاء جديدين الى صفوفه هناك. 
كما أن بعض النساء الاجنبيات قد نظمن شرطة على غرار شرطة داعش الدينية لفرض قوانينهن، غالبا، باستخدام العنف، كما يجري تنظيم الاطفال عقائديا داخل 
المخيمات.
بالرغم من خسارته الأرض، الا انه داعش حافظ على تمرد في العراق وسوريا، بتنفيذه لعمليات انتحارية واغتيالات ونصب الكمائن. تشير بعض التقارير الى وجود ما بين 14 - 18 ألف عنصر من داعش لدى كل من سوريا والعراق، بضمنهم ثلاثة آلاف من الأجانب، لكن تقريرا صدر مؤخرا عن المفتش العام بوزارة الدفاع ذكر أن الأرقام تختلف بشكل كبير عما يذكره الخبراء.
خلال شهر آب فقط، شن مسلحو داعش نحو 80 الى 90 هجوما على المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد بسوريا، وأعلنت العصابات مسؤوليتها عن 78 هجوما، وفقا لمركز روج آفا الاعلامي، بضمنها اغتيال مقاتلين اكراد وزرع المتفجرات، ويسعى لإحياء شبكاته المالية من خلال الابتزاز و”فرض الضريبة” على الأهالي أو جمع الفدية من عمليات الخطف.
بإمكان عصابات داعش، وبسهولة، استغلال  التوتر الحاصل بين القوات الكردية والقبائل العربية، على سبيل المثال، حول السيطرة على الموارد في الشرق الغني بالنفط، لتجنيد أعضاء جدد. تقول دارين خليفة، محللة سورية بمجموعة حل الأزمات الدولية مقرها بروكسل، أن الهجوم التركي على القوات الكردية سيؤدي الى زعزعة استقرار الشمال الشرقي السوري، فضلا عن تسببه بموجة جديدة من النازحين واللاجئين قرب الحدود، وتحويل قواتها من مقاتلة فلول داعش، الأمر الذي من المحتمل أن يمكنهم من استعادة قوتهم والتوسع الى مناطق أخرى.